المغرب: قتيلان وجرحى خلال احتجاجات تشهدها جنوب المملكة

2 أكتوبر, 2025 - 17:50

لقي شخصان حتفهما وأصيب آخرون برصاص قوات الأمن المغربية ليل الأربعاء أثناء محاولتهم اقتحام ثكنة للدرك جنوبي المملكة خلال أعمال شغب أعقبت دعوات للتظاهر أطلقتها حركة "جيل زد 212"، والتي تطالب بإصلاحات في قطاعي الصحة والتعليم. وشهدت مدن مغربية عديدة تظاهرات لليوم الخامس على التوالي نظمتها حركة "جيل زد 212" الشبابية بعد أن سمحت بها السلطات لأول مرة. وجرت غالبيتها بهدوء.

أسفر إطلاق نار لقوات الأمن المغربية ليل الأربعاء عن مقتل شخصين كانا يحاولان اقتحام ثكنة للدرك جنوبي المملكة وإصابة آخرين بجروح.

ولليوم الخامس على التوالى، شهدت مدن مغربية عديدة تظاهرات نظمّتها حركة "جيل زد 212" الشبابية بعد أن سمحت بها السلطات لأول مرة، وقد جرت غالبيتها بهدوء باستثناء قلة منها تخللتها أعمال شغب.

وقالت وكالة الأنباء المغربية عن مصدر في السلطات المحلية لمحافظة إنزكان (جنوب) إنّ عناصر الدرك الملكي في بلدة القليعة "اضطرت إلى استعمال السلاح الوظيفي، في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، لصدّ عملية هجوم واقتحام لمركز الدرك الملكي، في محاولة للاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة (...) حيث لقي شخصان مصرعهما متأثرين بإصابتهما بأعيرة نارية".

وأشار المصدر إلى إصابة أشخاص آخرين بجروح، من دون أن يحدّد عددهم.

"محاولة الاستيلاء على الذخيرة"
وبخصوص توالي الأحداث في البلدة الواقعة في جنوب البلاد، أوضح المصدر أنّ مجموعات من الأشخاص رشقوا مركز الدرك الملكي بالحجارة وحاولوا اقتحامه، ليتمّ صدّهم "باستعمال قنابل مسيّلة للدموع".

وأضاف أنّ هؤلاء "عاودوا، بعد تعزيز صفوفهم بمجموعات كبيرة من مثيري الشغب، الهجوم على مركز الدرك الملكي، مدجّجين بأسلحة بيضاء"، و"استولوا على سيارة و4 دراجات نارية تابعة لمصالح الدرك الملكي، وتم إضرام النار في السيارة وفي جزء من بناية المركز، مع الشروع في محاولة الاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة الوظيفية".

ووفق المصدر نفسه فقد اضطر عناصر الدرك "لاستخدام أسلحتهم الوظيفية، في حالة للدفاع الشرعي عن النفس، لصدّ هذه المجموعات من المقتحمين".

ويعد هذا أخطر حادث تشهده المملكة في اليوم الثاني لأعمال شغب تلت دعوات للتظاهر نظمّتها "جيل زد 212"، الحركة الشبابية التي لا تكشف هوية القيّمين عليها والتي تطالب بإصلاحات في قطاعي الصحة والتعليم.

"العدالة الاجتماعية" و"إسقاط الفساد"
ومنذ السبت تمنع السلطات مظاهرات دعت إليها "جيل زد" في مدن عدّة. لكن للمرة الأولى، سمحت السلطات للحركة بتنظيم مظاهرات في مدن عدة مساء الأربعاء، وقد جرت غالبية هذه الاحتجاجات بهدوء. إذ تجمع بضع مئات من المتظاهرين، معظمهم من الشباب، في كل من الدار البيضاء وفاس وطنجة وتطوان ووجدة وأطلقوا شعارات تدعو إلى تحقيق "العدالة الاجتماعية" و"إسقاط الفساد"، فيما دعا آخرون إلى "رحيل" رئيس الوزراء عزيز أخنوش، وفق فيديوهات مباشرة بثّتها وسائل إعلام محلية.

لكن مع تقدّم ساعات الليل اندلعت أعمال شغب في مدن أخرى، لم تكن ضمن بالضرورة ضمن المناطق التي دعت الحركة للتظاهر فيها، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.

وفي مدينة سلا قرب الرباط أضرم ملثّمون النار في سيارتين للشرطة وكذلك أيضا في محيط وكالة مصرفية، وفق ما أفاد مراسل وكالة الأنباء الفرنسية، لكن بعيدا عن الحي الذي دعت الحركة للتظاهر فيه.

كما أوردت مواقع إخبارية محلية بوقوع أعمال شغب في مدن صغيرة، لم تكن ضمن لائحة المناطق التي دعت الحركة للتظاهر فيها، ومن بينها سيدي بيبي وتارودانت بضواحي أكادير (جنوب) وقلعة مكونة (جنوب شرق)، وبثّت صورا وفيديوهات تظهر تخريب سيارات وآثار حجارة في بعض الشوارع.

"تعليم يليق بالإنسان وبدون تفاوتات"
ويشار إلى أن "جيل زد 212" في دعوتها إلى التظاهر الأربعاء، شدّدت على "المحافظة على السلمية".

كما جدّدت الحركة التأكيد على مطالبها وأبرزها "تعليم يليق بالإنسان وبدون تفاوتات" و"صحة لكل مواطن بدون استثناءات".

واندلعت أعمال الشغب والصدامات مع قوات الأمن منذ ليل الثلاثاء حين شهدت بعض التظاهرات "تصعيدا خطيرا مسّ بالأمن والنظام العامين، بعدما تحولت إلى تجمهرات عنيفة استعملت فيها مجموعة من الأشخاص أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة والرشق بالحجارة"، وفق ما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية رشيد الخلفي الأربعاء.

وقال إن هذا الأمر تسبّب حتى ليل الثلاثاء في "إصابة 263 عنصرا من القوات العمومية بجروح متفاوتة الخطورة، و23 شخصا آخرين من بينهم حالة استدعت الخضوع للمتابعة الطبية".

وتم وضع 409 أشخاص رهن الحراسة النظرية، وأطلق سراح متظاهرين آخرين بعد التحقق من هوياتهم، بدون تحديد عددهم.

"ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الاستفزازات"
وأكّد الخلفي أنّ محتجّين "اقتحموا عددا من الإدارات والمؤسسات والوكالات البنكية والمحلات التجارية وقاموا بأعمال نهب وتخريب بداخلها"، في إنزكان وآيت عميرة وتيزنيت، ضواحي أكادير (جنوب).

وأشار إلى إضرام النار وإلحاق أضرار بـ142 عربة للقوات العمومية و20 سيارة خصوصية.

كما أوضح أنّ السلطات ستواصل إجراءات حماية الأمن والنظام العامين مع "ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الاستفزازات"، مشددا أيضا على "التعامل بكل حزم وصرامة (...) مع كل الأشخاص الذين يثبت ارتكابهم أفعالا أو تصرفات تقع تحت طائلة القانون".

"السجن المؤبد"
وفي وقت لاحق أفاد مسؤول في رئاسة النيابة العامة أن القضاء "سيتعامل بمنتهى الصرامة والحزم مع أعمال التخريب وإضرام النار والعنف"، مذكرا بأن "الأفعال المذكورة قد تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا وإذا اقترنت ببعض الظروف قد تصل إلى السجن المؤبد".

هذا، و قرّرت النيابة العامة في الرباط الأربعاء ملاحقة مجموعة جديدة من 97 شخصا، بينهم ثلاثة أوقفوا خلال تظاهرات الإثنين، بينما أخلي سبيل 26 آخرين..

ويضاف هؤلاء إلى 37 شخصا قررت النيابة العامة نفسها ملاحقتهم الثلاثاء، بينهم ثلاثة قيد التوقيف، بسبب محاولتهم التظاهر الأحد.

"فضاء للنقاش" و"حب الوطن والملك"
وظهرت مجموعة "جيل زد 212" مؤخرا على موقع "ديسكورد"، وتصف نفسها بأنها "فضاء للنقاش" حول "قضايا تهمّ كلّ المواطنين مثل الصحة، التعليم ومحاربة الفساد"، مؤكدة رفض "العنف" و"حب الوطن والملك".

ويذكر أن اسم هذه الحركة يجمع بين "جيل زد" أي الفئة العمرية التي ينتمي إليها أفرادها وهم مواليد نهاية العقد الأخير من القرن الماضي وبداية العقد الأول من القرن الحالي، وبين الرقم 212 وهو مفتاح الاتصال الهاتفي الدولي في المملكة المغربية.

فرانس24/ أ ف ب