ضعف الذاكرة الجماعية أزمة تتجاوز الحدث الي تهديد المستقبل/ .أحمدجدو.ول.حني

16 سبتمبر, 2025 - 12:14

فعلاتعاني بعض المجتمعات من ضعف في ذاكرتها الجماعية بحيث لا تستخلص العبر من الأزمات ولا تحفظ الدروس التي كان يفترض أن ترسخ لديها مناعة فكرية وسلوكية تجاه التحديات هذه الظاهرة وإن بدت مسألة نفسية أو اجتماعية عابرة إلا أنها في حقيقتها أزمة بنيوية تنعكس مباشرة على استقرار الدولة وأمنها.
فما إن تقع كارثة أو نازلة كبرى حتى تهتز الساحة بالرأي العام والجدل الإعلامي لكن سرعان ما يخفت الصدى وتطوى الصفحة ليعود المشهد إلى سيرته الأولى وكأن شيئا لم يحدث وهذا النمط من التعاطي يجعل المجتمع أشبه بمن يعيش في "دائرة مفرغة"، حيث تعاد الأخطاء ذاتها في غياب الذاكرة الجمعية الفاعلة.
والقضايا الجوهرية المطروحة اليوم ـ مثل تفشي المخدرات، وتزايد الهجرة غير الشرعية، والاعتداء على الثوابت، فضلا عن الفساد والاختراقات الأمنية على الحدود ـ ليست أحداثا طارئة يمكن تجاوزها بالشعارات أو ردود الفعل السريعة. إنها ملفات استراتيجية تمس عمق الدولة، وتتطلب معالجات جذرية على المستويين المؤسسي والمجتمعي.
فالمخدرات مثلا ليست مجرد مشكلة صحية بل قضية أمن قومي تهدد جيل الشباب الذي يفترض أن يكون عماد المستقبل والهجرة غير الشرعية بدورها تعكس خللا اقتصاديا واجتماعيا يحتاج إلى حلول تنموية شاملة لا إلى ملاحقات ظرفية. أما الفساد والاختراق الأمني فهما أشبه بـ"ثقوب سوداء" تبتلع ثقة المواطن بالدولة، وتضعف مناعتها أمام المخاطر الخارجية.
إن التحديات التي تواجهها الشعوب لا يمكن حلها إلا عبر بناء وعي مستدام واستراتيجية واضحة تتجاوز منطق رد الفعل اللحظي إلى التخطيط بعيد المدى. 
والمطلوب اليوم ليس فقط إجراءات قانونية أو أمنية، بل أيضا إشراك المجتمع في مسؤولية الحماية وتعزيز الشفافية وتثبيت ثقافة المحاسبة.
في النهاية، لا يقاس وعي الأمم بقدرتها على تجاوز الأزمات فحسب بل بقدرتها على تحويل تلك الأزمات إلى دروس دائمة ترسخ المسار الإصلاحي وتؤسس لمستقبل أكثر استقرارا. أما الذاكرة الضعيفة فهي ترف لا تملكه الشعوب الطامحة إلى البقاء والنهوض.