يشعر بعض الدعاة والساسة العرب، وجماعاتهم، بالحرج الشديد، عندما يتابعون مثل كل العالم، بطولات مجاهدي المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان، وللأسف فإن بعض الحرج، قد تحوّل إلى حقد، فانتقل الصمت إلى قذف وتحريض على أبناء المقاومة، بالرغم من أننا لم نسمع مرة، الراحلين إسماعيل هنية أو حسن نصر الله أو يحيى السنوار، ذكروا هؤلاء الصامتين وحتى الحاقدين، بسوء.
يقولون إن آرييل شارون عندما حدّثوه عن الفرق العسكرية التي سيجّهزها لاجتياح لبنان في سنة 1982، قهقه، وقال إن اجتياح لبنان لا يستدعي الاستعانة بفرقة عسكرية، ويمكن فعل ذلك بفرقة موسيقية تضمُّ عازفين وراقصات، مستندا إلى اجتياح سابق، لجيش الكيان، لنصف مساحة لبنان في ظرف يومين فقط سنة 1978، بعد أن تمكّنت الفتنة والحرب الأهلية من لبنان.
لكن حزب الله غيّر الموازين وقدّم لبنان كبلد مقاوم، وأكثر من ذلك سندا لأبناء فلسطين، وعاش رجال المقاومة وعلى رأسهم الرمز حسن نصر لله لأجل قضية الأمة، فقدّم ابنه وأبناء لبنان ونفسه، فداء للقدس وللحرية.
لقد ارتقى حزب الله ببلاده وبالمقاومة في كل بلاد العالم، إلى درجة زرع الخوف في قلب العدو، وأبان بأن شعار الحزب الذي يقول إن جنود المقاومة يرتدون الأكفان ويحاربون بها إلى أن تتحرر كل أراضيهم، هو إيمانٌ يسري في دمائهم، كما هو حاصل حاليا في مواجهة الآلة الصهيونية وأحقاد الأهل، فلم يحدث في تاريخ البشرية، وأن طالت السهام سيرة مقاوم من عمر المختار إلى شي غيفارا، كما حدث مع الشهيد حسن نصر الله، الذي أبّنوه وشيّعوه بفتاوى التكفير واللعن وما شابهها من سوء الكلام ووقحه.
لقد اختصر نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، المقاومة اللبنانية بالقول إن “الحزب يقاتل لحماية لبنان، ولا يمكنه أن ينوب عن إيران، وبأنه سيبقى سندا لأهل غزة مهما بلغت التضحيات”، ومن تتبّع مسار الحزب منذ تأسيسه إلى غاية غزوة السابع من أكتوبر 2023، وما بعدها، يتأكد بأن حزب الله لا شأن له غير تحرير الأرض ولا عدوَّ له غير النازية الجديدة، باعتراف العدوّ قبل الصديق.
وعندما تعرف البلدان التي أدرجت المقاومة اللبنانية في خانة “الإرهاب”، روح هذا الحزب وشوكته، وعندما تشاهد “المزغردين” فور استشهاد السيد حسن نصر الله، تزداد احتراما لرجل دفن الدنيا وملذّاتها ووهب نفسه لأجل قضيته.
لم تطلب المقاومة في فلسطين وفي لبنان، المساعدة من أيٍّ كان، ولم يؤلمها صمت الأنظمة وحتى الشعوب، ولم تدمِها النبال والرماح التي طالتها من رجال السياسة والثقافة والدين وعامة الناس، ومع ذلك تُطعَن في كل المناسبات ومن دونها، من بني جلدتها، حتى إنك تخال اللعن والتشفي الذي طال السيد حسن نصر الله في موته، أكثر مما طال نتنياهو في حياته.. بل إنه أكثر فعلا