قبل أربعة أيام كنت قادما من تكانت ؛ و لاحظت أن السكان في الواحات، خاصة انبيكه، يستخدمون مدافع غازية، تصدر صوتا كبيرا ، يحسبه الأغمار ذخيرة حية، لطرد الطيور عن التمر الناضج في الأعذاق. سألت أطفالا هكذا عن جدوائية هذه المدافع ، فضحكوا!
قالوا في البداية كانت الطيور تهرب مع كل طلقة، لكن الآن تعرفت على حقيقتها . تذكرت تلك الأصوات الغازية التي حقرتها طيور واحة انبيكة حين طالعت منشورين لمدونين موريتانيين ، لا فائدة لذكرهما، فلم يكن لهما ذكر على امتداد تاريخ النضال السياسي الموريتاني، لا في صفوف الطلاب أثناء الفترة الاستثنائية، و لا في أحزاب المعارضة ، خلال فترة ديموقراطية معاوية ! و لم يغب أحدهما ليلة واحدة عن سرير نومه إلا في صحبة شلة ماجنة و لم تصعق حدهما شمس يوم قائظ بسبب قضية كبرى!
أحدهما هاجم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر و الثاني هاجم القائد الشهيد صدام حسين، على نحو ممنهج و متزامن . ما يجمع بين هذين المستنسرين ، على عامري القبور، ليس أن التاريخ النضالي للقوة الشبابية الوطنية يجهلهما بتاتا، و إنما أن كليهما أيضا ولد و ترعرع و شب و ربت أكتافه من مرق الأنظمة، حتى كتابته لتخرصاته!
هما مدفعان غازيان يحسبهما بغاث الفيسبوك شيئا، أحدهما ينطلق من سفارة أمريكا، و الآخر من سفارة فرنسا... و تلك حصيلتهما المعنوية التي يستقويان بها و يتطاولان على قائدين واجها بمفردهما الامبرياليات الغربية التي تبيد الآن شعب فلسطين بأريحية مطلقة، في غياب جمال عبد الناصر و صدام حسين، طيب الله مثواهما و أحسن إليهما. أما مآل هذه الكتابات الهجومية المجانية، في سياق هستيريا غربية مذعورة من التطورات الدولية الجارية، على قائدين عربين في مرقديهما البرزخي تمجدهما شعوب العالم و الأحرار فيه، فهي في طريقها بلمح البصر لسلة مهملات أشخاص و تاريخ الخيانات و العمالة للأجنبي...