"تسيير الشأن العام بالأمزجة والزبونية واستشراء الفساد"
رغم نيتكم الصادقة في الإصلاح وفي بناء دولة عادلة قوامها "الإنصاف" و"التضامن" و"التإزر" واسسها العدالة والمساواة، والتي عبرتم عنها في خطاب افتتاح حملة فجر الجمعة الماضي، إلا أن "الطابور الخامس" في حكومات مأموريتكم المنصرمة لا يريد لكم تحقيق ما تتطلعون إليه لأنه ببساطة يريد التمكين له من خلال تعزيز نفوذ مختلسي المال العام واستشراء الفساد الإداري والمالي وعودة التحالف العسكري الرأسمالي، الذي قوض نظام الرئيس الأسبق محمد خونا هيداله، وعاث فسادا في البلاد في عهد الرئيس ولد الطايع، وها هو يعزز حضوره ونفوذه في عهدكم من خلال "تسهيلات" وزراء حكوماتكم حتى تم التمكين لرجال الأعمال في سحق الشعب المطحون، وما ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمنت وصفقات التراضي وعدم احترام رجال الأعمال لقوانين التجارة إلا أبسط دليل على قوة التحالف العسكري الرأسمالي المدعوم من النافذين في حكومتكم والمتضرر الأول هو الشعب الذي صوتت لكم 52 بالمائة منه سنة 2019 وتطمحون لنيل ثقته اليوم وهو يدرك كم تحمي حكومتكم جزاريه الجشعين.
سيادة الرئيس المرشح،
إذا كانت مظالم المواطنين تتمثل أساسا في تفشي الفقر والجهل والمرض والحرمان، بكل ما تعنيه هذه الكلمات، وتغول الراسمالية الجشعة، وتدني مستوى خدمات التعليم (المدرسة الجمهورية بحاجة إلى رؤية مغايرة) والصحة، وخدمات الماء والكهرباء والطرق في أغلب مناطق البلاد، فليس لعجز في موارد الدولة التي تعتبر أغنى من معظم دول الجوار، على الاقل، وإنما لاستشراء الفساد الإداري والمالي وسوء التسيير والمزاجية فيه. وتعيين عديمي الخبرة والكفاءة على أساس المحسوبية والانتماء الجهوي والقرابة على حساب الكفاءة والخبرة والتجربة. وغياب مبدأ العقوبة والمكافأة وتعطيل العدالة وعدم تمكين القضاء والمجلس الأعلى للفتوى والمظالم من أداء الدور المنوط بهما وعدم تنفيذ احكامهما وتوصياتهما، فضلا عن عدم الاهتمام بتقارير جهات الرقابة على التسيير.
سيادة الرئيس،
أتمنى أن تعودوا إلى ما ورد من رسائل التظلمات التي وصلت بريد رئاسة الجمهورية خلال العامين الأخيرين فقط، وستدركون حجم التظلمات ومستوى الظلم والغبن والتهميش والحرمان الذي يعانيه مواطنوكم.
ورغم تجاوبكم الشخصي مع بعض تلك التظلمات وإحالتها إلى بعض مستشاريكم إلا أن لوبيات استغلال النفوذ والفساد تتدخل لمنع تسوية اغلب تلك التظلمات.
وكما تعلمون، فإن وزراءكم، الذين يتقاضون رواتبكم من أموال الشعب، يعيشون في أبراج عاجية ولا يفتحون أبواب مكاتبهم إلا لمن سيستفيدون منه عمولات ونحوها، وهذه هي الحقيقة المرة التي جعلت الحكومة في واد والشعب في واد.
السيد الرئيس،
كما تعهدت لكم، سأواصل التطفل عليكم، خلال أيام الحملة الانتخابية، وربما أذكر لكم بالأرقام وحتى الأسماء نماذج من فساد الحكومة وأسباب الضياع الذي يعيشه شعبنا بسبب التسيير المزاجي للشأن العام والذي يحول، بكل تأكيد، دون بناء دولة قانون ومؤسسات ومواطنة حقيقية في هذا الوطن المنكوب.
يتواصل