هذه شهادة من الامام الفقيه امام مسجد وزاوية الشيخ محمد الحافظ في شنقيط الأستاذ محمد ولد الرباني
في حق فقيد الامة العالم الفقيه مولاي احمد ولد سيدي محمد ولد مولاي رحمه الله ورفع ذكره في العليين مع الذين أنعم الله عليهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر
ملاي احمد ولد سيدي محمد ولد ملاي يرحل بصمت ودون وداع
قال تعالى ( أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها
قال مجاهد أي نقصان الأنفس والثمرات وخراب الأرض وقال بن عباس في تفسير الآية خرابها بموت فقهائها وعلمائها وأهل الخير منها،
في ليلة الشك بعد أن صلى صلاة العشاء مع الجماعة في العتيق قال لهم هلال رمضان حتى اللحظة لم يثبت والليلة لانصلي التراويح ما دام لم يثبت لكن ليلة الغد نصلي إن شاء الله إذا كتب الله السلامة والبقاء !
كلمات قليلة لكنها درس في التوحيد والاتكال على الله وتفويض الأمور له
نعم شاء الله في الوقت المعتاد للتراويح من الليلة الموالية أن يلبي نداء الله تعالى غير متوان ولامتراخ بعد ماعزم على صيامه وقيامه ليقبض على هذه النية الصادقة ويحشر عليها بإذن الله فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم يبعث كل عبد على مامات عليه
قال الإمام القرطبي في قوله تعالى ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون )أي حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه
كان الشيخ والإمام ملاي احمد رضي الله عنه فقيه مطلع وقارئ متمكن تأسرك قرأته وترديده لكتاب الله تتمنى من حسنها أن لاتنقضي تجذب القلوب وتترك سامعه يحلق عاليا في جو روحاني بحت
كان ملاي أحمد قرآني السمت رباني الخطاب صداع باالحق يدور مع الحق حيث دار بعيد عن التعصب والتحزب يردد دوما الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها بل كان رحمه الله تعالى وسطيا معتدلا متزنا في كل شيء يزن الأمور بميزان الشرع من غير إفراط ولاتفريط ليس من أصحاب الخفة والتسرع لاترى منه تشنيعا على من يخالفه إذا خالف خالف بصمت وتوأدة ويقول بحكمة عالية مايجمع أكثر مما يفرق
لاتراه ينتقص من غيره ولايتعالى على احد ولايزهو بنفسه ولا يأخذه العجب أو الغرور من ماعنده مما حصله في مسيرته العلمية الحافلة المشرقة التى أراد أن تكون كلها لله سبحانه وتعالى رسم أبدع واجمل صورة للفقيه المتواضع الذي يألف ويؤلف نزل بالفقه إلى واقع الناس وبسط المسائل بلغة يستوي الجميع في فهمها يتمسك دوما بمشهور مذهب الإمام مالك ويقول شنقيط أسست على تقوى من الله ورضوان من أول يوم على ثلاثة أشياء
عقيدة ابو الحسن الأشعري
وفقه إمام دار الهجرة مالك بن انس
وطريقة الجنيد السالك
ويضيف حسب الظاهر أن قراءة نافع كذلك من هذه الأسس ،
كفانا فخرا أن شنقيط قصرنا
وشنقيط لم تترك مقالا لقائل ،
له نظم مفيد في علم الفرائض فقد كان لايبارى فيه بل هو جذيله المحكك
ملاي احمد رضي الله ممن كتب الله له القبول وأحبه الناس وانقادوا لرأيه وحكموه طائعين وما ذالك إلا لصدقه وإخلاصه لله تعالى فمن علامات حب الله للعبد وضع القبول للعبد في الأرض يتجلى ذلك في محبة الناس له والميل له والرضا عنه ففي الحديث النبوي الذي يرويه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فاحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه اهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض!
منزله تأتيه الناس من كل حدب وصوب رحب لمن زاره مجلسه جامع لشتى أطياف الناس ترى فيه القريب والغريب وأهل الحاضر والباد الكل ينظر له بعين المودة والتكريم فكل يجد حاجته وضالته في ملاي احمد فهو رحمه الله تعالى مع ماوهبه الله تعالى من علم جم وفقه غزير وقرآن آسر كان ذا رأي وحزم وكمال عقل مع أفق واسع جعله كعبة للكل فكما يقصده طالب العلم والمستفتي يقصده المستشير في أمور دنياه فيجد رأيا حصيفا وقولا حكيما ماخرج من مغفل ولا غير مطلع على الواقع
قال إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري
فى تفسير قوله تعالى: {ولكن كونوا ربانيين بماكنتم
تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون}
يقول الطبري: " الربانيون " إذًا، هم عماد الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا. ولذلك قال مجاهد:
وهم فوق الأحبار فالأحبار هم العلماء،
و ، الرباني" الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم، انتهى كلام الطبري
كان ملاي احمد رضي الله عنه بعيد كل البعد عن الدعاوى قبل أيام قلائل من رحيله رضي الله عنه وأرضاه التقيت به في ساحة المعهد يهم بدخول أحد الأقسام فبادرته بالسلام قائلا له شيخنا حيدره فرد علي بتواضع لامثيل له وخلق رفيع لا لا لست إلا زميلا واخا لكم وبالنسية للشرف هكذا يقال قد لا يكون في باطن الأمر صحيحا ونرجو من الله أن لانكون من الذين بطأ بهم عملهم ولم يسرع بهم نسبهم ولسان حاله قول الشاعر
لسنا وإن أحسابنا كرمت
يوما على الحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا
تبني ونفعل مثل مافعلوا
ولاشك انه شرفت أقواله وأفعاله ويستحضر قول على كرم الله وجهه أن الشريف من شرفت خلاله
نعم كنت لنا أستاذا وأخا ناصحا فكما يقال إخوان الصفا خير مكاسب الدنيا هم زينة في الرخاء وعدة في البلاء ومعونة على الأعداء
حدثني الأستاذ الفاضل مدير المعهد الجهوي للتعليم الأصلي هنا بشتقيط الأخ سيد أحمد بن سيد اعل
قال لم أر شخصا مثل الأستاذ ملاي احمد في دماثة الأخلاق و الانضباط في العمل والالتزام بالتوقيت المحدد للعمل فكثيراما كان يحضر للحجرة قبل الوقت وآخر من يغادر القاعة مع الانصياع التام لأوامر الإدراة فكل ما يشار له به يقول إن شاء الله مع الرحب والسهل والاحترام والتقدير وماذاك إلا من طيبوبته وأمانته وإدراكه للمسؤولية فهو يعلم أن المدير يقدره ويجله ويعامله معاملة الوالد ويمكن أن لايكون في هذا المستوى العالي من الجدية والتفاني في العمل لكن تصرفات وأفعال الأكابر لها حسابتها وتبقى شيأ خاصا وأمرا صعبا مناله ،
لا شك اننا في المعهد الجهوي للتعليم الأصلي كسائر اهل شنقيط فقدنا قامة علمية سامقة ومرجعية دينية وجوهرة ناصعة نادرة ،
كثير من خصال الخير في الشريف المنيف والشيخ القرآني ملاي احمد لايمكن حصرها ولاعدها ،
وعما تبقى من حميد خصاله
أرى الصمت أولى بي من أن أتكلما
وماكان قيس هلكه هلك واحد
ولكنه بنيان قوم تهدما
هذا قليل من كثير وغيض من فيض شهادة خيرحرم كتمها( وما شهدنا إلا بما علمنا )
وإنما المرء حديث بعده
فكن حديثا حسنا لمن وعى
اختاره الله لجواره في غرة شهر الصيام والقيام وهو الذي طالما حبر فيه كتاب الله وردده وابتهل فيه وتضرع إليه سبحانه وتعالى
كثيرا ماكان يدعو بعد صلاة التراويح
يا شهر رمضان إن عدت في قابل الأزمان
ولم تجدنا في حِلَق الذِكر والقرآن
بَل مُدرَجينَ في الأكفان
مطروحين في وادي الغفلة والنسيان
فكُن لنا شفيعًا عند الملك الديان
سيفتقده رمضان وستفتقده محارب المساجد ومنابر الوعظ والإرشاد
ترك رحيله ثلمة في الدين وألما وحسرة في قلوب من عرفوه وأحبوه
المصاب جلل لكن التسليم لله والرضا بقضاءه واجب
حكم المنية في البرية جار
ماهذه الدنيا بدار قرار
نعزي الجميع ونخص تلك الدوحة العظيمة السادة الأشراف الذين رفع عنهم الرجس وطهروا تطهيرا
رحمة الله وسلامه على روحه الطاهرة
اللهم ارحمه واغفر له وتقبله وأنزله منازل الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
وأربط اللهم على قلوب الأهل والأحبة واجزل لهم الأجر والثواب
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المصدر :منصة شنقيط