الحلقة\1
نشر الأستاذ محمد الكوري ولد العربي حلقات متعددة عن خطر "توطين المهاجرين" في بلادنا وستنشرها "وكالة ميثاق الاعلامية"
تناولت و سائل الإعلام البديل ( منصات الرأي الافتراضي) خبرا خطيرا بكل المقاييس و زوايا التقويم: أن السلطة الموريتانية أبرمت اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي تقضي بإيجاد مستقر في موريتانيا للمهاجرين الأفارقة السريين ( غير النظاميين) إلى أوروبا. لم يتأكد الخبر و لم ينف من قبل الجهات الرسمية ؛ شأنها في ذلك شأن تقليد سيء دأبت عليه الأنظمة السابقة في الاستهتار بمشاغل الرأي العام الوطني الموريتاني. فالسلطة لا تؤكد و لا تنفي على نحو حاسم وقاطع للتضارب في هذه القضية. إلا أن كلاما منسوبا لرئيس الجمهورية، ولد الغزواني، و آخر منسوبا للوزير المنتدب لدى وزير الخارجية و التعاون و للموريتانيين في الخارج ،حمل من الغموض أكثر مما قدم من الوضوح في أمر الاتفاقية: " موريتانيا لم تعد بلد عبور للمهاجرين نحو وجهات أخرى ؛ بل أصبحت وجهة نهائية لمائات الآلاف من المهاجرين من جنسيات مختلفة". فما معنى هذا الكلام ؟ هل معناه أن موريتانيا باتت وجهة مفضلة لاستقرار المهاجرين بعد ما كانت مجرد ممر عبور إلى أوروبا و لا رغبة لهم في الأقامة بها ؛ و المسؤولون بهذه التصريحات يطلبون المساعدة الدولية في ترحيل هؤلاء المهاجرين إلى الجهات التي قدموا منها؟ أم أن معنى الكلام يعني أن السلطات الموريتانية تقبل من الآن فصاعدا أن موريتانيا أصبحت مستودعا و مستقرا دائما للمهاجرين و لا تقبل منهم الهجرة عنها إلى أوروبا... و هي بهذه التصريحات تقايض حراسة الأراضي الأوروبية بالمال لقاء توطين المهاجرين و إيوائهم على أرضها؟. إن هذا الغموض في قضية بهذا الخطر العالمي لا داعي له؛ خصوصا أن الهجرة باتت كابوسا يؤرق حتى الدول ذات القدرات الأمنية و العسكرية و الاقتصادية و التقنية الهائلة. فكيف تلعب بها دولة فقيرة و تعاني من هشاشة عميقة على كل صعيد. إنه بكل الأحوال، تأكد الخبر أو لم يتأكد، فإن هذه لم تكن المرة الأولى التي أثار فيها البعثيون ، و منذ سنوات، مشكل تدفق الهجرة السرية إلى موريتانيا؛ سواء بهدف العبور منها أو بهدف الإقامة فيها؛ كما لم يقصروا في طرق مسامع صانع القرار حول خطورة هجرة عشرات الآلاف من الشباب الموريتانيين عن وطنهم و بالتزامن مع هجرة مائات الآلاف إلى موريتانيا من إفريقيا، جنوب الصحراء؛ باتجاه جنة أوروبا. و قد نبه هؤلاء إلى الخطر الماحق للهجرة الشاملة لسكان البلاد الأصليين ، خاصة الشباب، من وطنهم ، و هجرة شعوب أخرى من أوطانها إلى موريتانيا، في تزامن مريب مع شبه التسهيل و التشجيع ( الضمني) لهجرة الشباب الموريتانيين عن وطنهم. هذا التسهيل و التشجيع أخذ مظهرين:
ا- عدم الاكتراث من قبل السلطة بظاهرة النزوح الجماعي للشباب من البلد.
ب- عدم اتخاذ إجراءات اقتصادية و اجتماعية على نحو طارئ تعيق أو تحد من هذا النزيف في الطاقة الحية المميت للبلد...
توطين المهاجرين.. وعد بلفور ثان!!
( الحلقة الثانية)
بقلم / محمد الكوري ولد العربي.
(....) إن ذلك الصراخ على خطر الهجرة ، من و إلى البلاد، لم يلق اهتماما ؛ كما لم يحظ الصراخ على خطر الفساد قبل ثلاثين سنة بأي اهتمام من جميع الأنظمة بما فيهم النظام الحالي ؛ حتى باتت بلادنا ، اليوم، في مجال تفشي الفساد و تسيد المفسدين، أشبه بالبلاد السائبة أو حظيرة حرث مهمل بعد حصاده،( وَارَ)!!
و الغريب في أمر هذه البلاد أن كل الجرائم التي ارتكبت بحق شعبها، في مجال تسيير شأنه العام، بقيت مسجلة على مجهول؛ بينما المجرمون يتصدرون صناعة القرار في كل حقبة من تاريخه السياسي!
إن جريمة توطين آلاف المهاجرين في بلدنا ، لقاء مبالغ مالية من العملات الدولية ، إذا تأكد الخبر، لن تسجل على أية جهة، كما هي عادتنا، برغم خطورة هذا التوطين على وجود موريتانيا الحالية. و إننا لا نملك إلا أن نكتب للتاريخ، و لو جاءت شهادته لنا بعد ألف سنة، أن المسؤولية في هذا الجرم المنكر،إن حصل، تقع أول على عاتق الرئيس محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني الذي أقسم على حماية البلاد، و ثانيا على المؤسسة التشريعية بوصفها ممثلة لمصالح الشعب و استمرار الحياة و انتظامها عبر مؤسساتها و ثالثا على المؤسسة العسكرية و الأمنية ذات الاختصاص حصرا بالدفاع عن المصالح الحيوية للجمهورية و الشعب الموريتاني. كذلك يتحمل الرئيس المسؤولية عن الهجرة الشاملة للشباب الموريتاني، من كل الأعمار و المؤهلات، عن وطنه بحثا عن حياة كريمة افتقدها فيه بفعل استشراء البطالة و تدوير مشاهير الفساد بعناد محير لأكثر المناصرين للرئيس ولد الغزواني!
إن توطين المهاجرين الأفارقة في موريتانيا و تحويلها مستوطنة للهجرة السرية بهدف حراسة أوروبا و عدم إزعاجها بهجرة أبناء إفريقيا يعد تصرفا خارج نطاق قدرة التخيل! فبأي حق أو بأي ذنب يتولى الموريتانيون دور كلاب الحراسة للأروبيين الذين نهبوا ثروات الأفارقة ؛ فأنجزوا رقيهم الحضاري و تقدمهم الصناعي و تفوقهم العلمي و رفاههم الاقتصادي من سرقة الشعوب الإفرقية التي يطرق أبناؤها أبواب أوروبا للحصول على لقمة عيش من ثرواتهم لدى الأوروبيين!
و بأي معنى يقبل الموريتانون تحويل بلدهم إلى مكب للمهاجرين الأفارقة لتوطينهم و تحمل المسؤولية في مآسيهم.. أو يتسببون بأنفسهم في نكبة بلفور جديد لأنفسهم في وطنهم!
( يتواصل)