بودكاست : نزوح الشباب : الأسباب والحلول /الدكتور محمد منير خبير دولي

9 يناير, 2024 - 09:22
محمد ولد المنير /خبير اممي

 
موريتانيا تتصدر البلدان الافريقية من حيث عدد المهاجرين إلى امريكا لعام 2023، ب 15263 مهاجر. هذه الأرقام مثيرة للقلق، فالنزوح نحو "الحلم الأمريكي" مؤشر على خيبة الأمل واليأس لدى الشباب الموريتاني. ولكن هذه الأرقام ليست سوى الوجه المرئي لظاهرة البطالة الجماعية التي تأكل شبابنا، وتغرق مئات الآلاف منه في القنوط، إلى حد محاولة الفرار من البلاد بكل الوسائل، بما في ذلك سلوك طرق الهجرة الأكثر خطورة. ولكن هناك أرقام مخيفة لن يتم الإعلان عنها، لأننا لا ندركها : كم من الشباب الموريتاني يحلمون بخوض هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر، ولكنهم لن يستطيعوا الوصول إلى الحائط، بسبب العجز المادي، فبقوا عرضة لليأس والقنوط، نظرا للبطالة والظروف المعيشية المزرية، في ظل غياب واضح لسياسة نشطة لخلق فرص العمل ؟ 

على هذه الحكومة أن تفهم أن الآن هو وقت العمل، وليس وقت التعهدات الانتخابية ووضع حجر الأساس وتدشين الساحات العمومية. الشباب الذين يحلمون بالهجرة ليسوا في وضع يسمح لهم بانتظار الوعود بإنتاج الغاز والهيدروجين الأخضر والفولاذ الأخضر. على الدولة التحرك بسرعة وفعالية في مواجهة هذا الوضع المتفجر الذي يتعلق أساسا باحترام كرامة الشباب. فبدلا من الاستثمار في النفقات المكلفة، أو تشتيت الجهود بين أولويات متعددة ومتنافرة أحيانا، يجب التركيز على توظيف الشباب، الذي يجب أن يمثل الأولوية القصوى، من خلال توفير موارد كبيرة وسياسة تشغيل استباقية قادرة على توليد عشرات الآلاف من فرص العمل. على الدولة أن تضافر جهودها مع جهود القطاع الخاص للإسراع بخلق عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب الذي لا يمكنه الانتظار أكثر من ذلك. الشباب اليوم مستعد للالتزام بالسلم، متحملا أقصى المشاق من أجل بصيص أمل. لكننا يجب أن نعي بأنه قد يصل يوما إلى نقطة اللاعودة. في ذلك اليوم، عندما يحس الشباب أنه لم يبق لديه ما يخسره، لن يكون لديه أي استعداد للانتظار أو قابلية للتحمل، بل سيكون لديه فقط الاستعداد للتظاهر، وقلب الطاولة على الجميع، وتغيير المعادلة وزعزعة الاستقرار، لا قدر الله.