خطأ جسيم في عنوان الحرب علي غزة عبد الناصر بن عيسى/كاتب في الشروق الجزائرية

5 ديسمبر, 2023 - 16:23
الصحفي الجزائري/ عبد الناصر  عيسي

يقول وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إنه لا يقبل بنهاية للحرب على غزة من دون القضاء الكامل على حماس.. ويقول وزير الخارجية، أونتوني بلينكن، المعتزّ بيهوديته، إن إسرائيل مجبرة ومفروض عليها تحقيق كل أهدافها في حربها على غزة.. وينسى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، شؤون ما لا يقلّ عن ثلث مليار نسمة من سكان بلده، فلا شأن له ولا همّ ولا مشاريع، غير ما يحدث في الأراضي المحتلة، وتعترف إنجلترا بأن مسيّراتها المحلِّقة على غزة إنما تبحث عن الرهائن وتقدِّم مساعدتها للجيش الإسرائيلي، في الوقت الذي نقل مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية مقر عمله من أمريكا إلى فلسطين المحتلة، يجلس في غرفة العمليات الصهيونية نفسها يستمع ويقترح. وبعد ذلك، يقولون لنا إنّ الحرب الدائرة في أرض فلسطين، إنما هي بين الاحتلال وقطاع غزة، ونخطئ مع مغالطاتهم، ونسمّيها “عدوانا إسرائيليا على غزة”، وكلنا نعلم بأنها ثلاثية، لا تختلف في أرقامها عن العدوان الثلاثي على مصر، ولكنها أكثر بشاعة وأحقادا.
شهران من الحرب، البطولة والوجع في فلسطين والمال والنار والحديد من المتسبب في وجود الورم وراعيه والورم نفسه، وإذا كان أبناء فلسطين في غزة لم ينالوا من أبناء جلدتهم أكثر من التأييد اللفظي وبعض المساعدات الإنسانية في أحسن الأحوال، فإن الصهاينة بالمقابل كانوا محاطين بالأساطيل ومزوَّدين بالمال والأسلحة من كل الأنواع، من دون الحديث عن الدور السياسي الكبير الذي جعل الأمريكيين رحّالة في كل قارات العالم، يحاولون تقديم شرح جديد لكلمتي شرّ وخير بحسب قاموسهم الوسخ، فيكمِّمون أفواه المطبِّعين، ويُقنعون أذنابهم بأن يسبحوا معهم في التيار الصهيوني الجارف، الذي لا يهمه أطفال ولا نساء ولا مستشفيات ودور عبادة وتعليم، في أكبر وأخطر عصابة للشر عرفتها البشرية في تاريخها.
وإذا سلّمنا بأن بريطانيا هي عظمى فعلا، والولايات المتحدة الأمريكية هي القوة الأولى، وربما الوحيدة التي تمنح لنفسها الحق، في رسم الخرائط الجغرافية، حيثما تشاء، وتغيّر التاريخ كيفما تشاء، فإننا نعيش حربا عالمية ثالثة، يشارك فيها كل العالم بالسلاح القاتل أو الصمت القاتل، والاختلاف الوحيد عن الحرب العالمية الثانية هو أن العالم كله يقتل بناره وسلبيته، شعبا أعزل، يريدون إبادته كما فعلوا ذات قرن أغبر مع الهنود الحمر، السكان الأصليين للبلاد التي صارت ولايات ومتحدة.
يتعمّد منفذو العدوان الثلاثي على غزة، تغيير المفردات بتسمية المقاوم بـ”الإرهابي”، والنازي بـ”المدافع عن نفسه”، بعد أن سوّقوا أكاذيبهم عن الحريات والديمقراطية، وهُم في الحقيقة، جائحة وبائية تسيطر على العالم وتتمركز في قفصه الصدري حيث القلب النابض، فلسطين.
يجب أن نحفر في ذاكرتنا وننقش في كتب تاريخنا بأن الذين أبادوا أبناء فلسطين في جنين ورفح وخان يونس ودير البلح وجباليا والشجاعية… هم قومٌ لا يريدون أن نشترك معهم في قطرات الغيوم ونباتات الأرض وأوكسجين الهواء، هم أنظمة وشعوبٌ مقتنعة بأنها مختارة من السماء لتبسط استكبارها على الأرض، لأجل ذلك أعلنت حربها العالمية الثالثة ونفذتها على فلسطين.

 

 

إضافة تعليق جديد