اتفقنا في السابع من أكتوبر 2023، على أن الحكاية التي روُوها لنا، عن قوة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، مجرد أكذوبة، ظهرت ملامحها في تبنيه للإرهاب والاعتماد بالكامل على الولايات المتحدة الأمريكية، وترّسمت بتفاصيلها خلال اثنين وأربعين يوما، عندما عجز أمام المقاومة الإسلامية في فلسطين، وليس أمام جيش مدجَّج بالطائرات الحربية والغوّاصات.
وسنتفق على أن المخابرات الإسرائيلية التي قيل لنا إنها تعرف أسماء مواليد طرابلس، ومقاسات أحذية شعب البحرين، إنما هي مجرد أضحوكة، فقد دخل المقاومون معاقلهم، وتفنّنوا اعتقالا وإذلالا لجنودهم، ومرّت أيامٌ طويلة من العدوان، وما عرفوا أين هم المقاومون ولا أين هم أسراهم، على أرض لا تزيد مساحتها عن 365 كلم مربع.
وتأكدت الأضحوكة، عندما نقل هذا “الموساد” المدعم بالمخابرات الداخلية “شين بيت”، خزعبلات تواجد أبطال المقاومة في المستشفيات، فزاد الأضحوكة، مهازل، وجرّ معه إلى المسخرة الولايات المتحدة الأمريكية التي أدركت بأن “الشرطي” الذي وضعته في الشرق الأوسط قد يطلق على نفسه وعليها الرصاص وهو لا يدري، بعد أن حكى لها عن الرضّع اليهود مقطوعي الرأس، وأتبعها بثياب عسكرية وكاميرات، زعم بأنه وجدها في المشافي، ولم يجد صواريخ ياسين ولا أسراه.
عندما أسّس بن غوريون جهاز الاستخبارات والمَهمّات الخاصة أو الموساد، في تل أبيب سنة 1949، وضع قدما على قدم، وقال إن إسرائيل صارت محمية من الرب ومن الموساد، ولم يتوقف عمل الموساد عن جمع المعلومات والتوغل في مختلف الهيئات العالمية بما فيها العربية، بل صار يرتب عمليات التصفية التي طالت الفلسطينيين واللبنانيين والمصريين والعراقيين والباكستانيين والإيرانيين… وموازاة مع نحت قوة إسرائيل العسكرية التي لا تُقهر، ترسّمت صورة خيالية عن الموساد الذي بإمكانه أن يعيّن الفائز بكأس العالم في كرة القدم، والفتاة الناجحة في مسابقة ملكة الجمال، ناهيك عن تعيينه الرؤساء وتحريكه للانقلابات والفتن والثورات.
حتى لو فرضنا بأن الجيش الإسرائيلي كان في زمن ما لا يُقهر، قياسا بانتصاره في حرب الستة أيام سنة 1967، وحتى لو فرضنا بأن الموساد هو جهاز استخبارات قدّم لموشي ديان همسات الجنود المصريين والسوريين في حرب أكتوبر 1973، إلا أن سُنّة الحياة أن الكبر والعظمة مرحلة والصغر والتقزم مرحلة، فالذي كان لا يُقهر أمام الجيوش المسلحة، صار يُقهر أمام الحركات والفصائل، والذي كان يَعر ا.
ما حدث في مستشفى الشفاء، من المفروض أن يُشفي الولايات المتحدة وحتى يهود العالم من سرطان الصهيونية بجيوشها وسياسييها وموسادها، فقد انتقلت الصهيونية من صفة الأكذوبة إلى صفة الأضحوكة، وفي كل الأحوال فإن تاريخا جديدا سيُكتب، خاصة أن هذه المرة، الناس جميعا شاهدوا كتائب القسام، وهي تجرّ الجنود الصهاينة مثل الأغنام إلى أرض غزة، وشاهدوا الجيش الإسرائيلي وهو عاجزٌ عن مواجهة المقاومين، يقتل النساء والمرضى والأطفال، ويبتعد عن خنادق المجاهدين إلى المستشفيات الآمنة، ليمارس ما تعلّمه من أسلافه الإرهابيين، وفي كل الحكاية جيشٌ يُقهر أكذوبة العالم، وموساد لا يعلم شيئا أضحوكة العالم.
في الحرب الإسرائيلية الغزاوية، هناك خاسرٌ أكبر هو الموساد ورابحٌ أكبر هو الشعب الفلسطينر