ثلاث سيناريوهات تُواجِه الخيار العسكري في النيجر

14 أغسطس, 2023 - 11:27

بعد أن صرح رئيس جمهورية كوت ديفوار الحسن واتارا بأن إيكواس وجميع رؤساء الدول قرروا تفعيل القوة الاحتياطية ونشرها لاستعادة النظام الدستوري في النيجر، أصبح الخيار العسكري مؤكداً، غير أن هذا الخيار تواجهه 3 سيناريوهات مختلفة.
------‐--

حسم رئيس كوت ديفوار الحسن واتارا التكهنات بشأن إمكانية تراجع المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إيكواس) عن الخيار العسكري أمام ضغوط خارجية وداخلية، بقوله: "إيكواس وجميع رؤساء الدول قرروا تفعيل القوة الاحتياطية ونشرها لاستعادة النظام الدستوري في النيجر".

غير أن التدخل العسكري لإيكواس في النيجر يحمل عدة سيناريوهات متباينة، بالنظر إلى وجود عدة عوامل داخلية وخارجية.

السيناريو الأول: نجاح التدخل العسكري

وينبني هذا السيناريو على أن قادة الجيش ليست لهم مواقف ضد بازوم، وإنما دعموا انقلاب قائد الحرس الرئاسي لتجنب إراقة الدماء.

وإذا تدخلت إيكواس واشتبكت مع الحرس الرئاسي فإن قادة الجيش حينها سيتخلون عن دعم تياني، وبالتالي سينهار الانقلاب سريعاً وبأقل قدر من الخسائر.

ويمكن للقوات الفرنسية المتمركزة في نيامي التحرك لدعم قوات إيكواس وتحرير بازوم لتفادي سيناريو اغتياله، مثلما سبق لها أن تدخلت عسكرياً في كوت ديفوار في 2011 بعدما رفض الرئيس لوران غباغبو تسليم السلطة للحسن وتارا الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في ديسمبر/كانون الأول 2010.

كما أن تحرك الطوارق في الشمال من شأنه تشتيت وحدات جيش النيجر المتواضع على بقعة صحراوية شاسعة ونائية، لطالما كان للطوارق كلمتهم فيها.

ناهيك بأن الجزء الأكبر من وحدات جيش النيجر منشغلة بقتال الجماعات الإرهابية في المنطقة الحدودية بولاية تيلابيري غرباً، وأيضاً في الشرق بولاية ديفا، خصوصاً في منطقة بحيرة تشاد.

فجيش النيجر الذي لم يتجاوز تعداده 11 ألف عسكري في 2021 (بازوم قال إنه رفعه إلى 50 ألفاً) لا يمكنه خوض حرب مع إيكواس في الجنوب فيما قواته منخرطة في قتال بالغرب والشرق، وتهديد محتمل في الشمال.

السيناريو الثاني: فشل التدخل العسكري

في حالة عدم قدرة إيكواس على حشد أكبر عدد من الجنود والضباط وبأسلحة أكثر تطوراً، وباستخدام طيران حربي كاسح، وبدعم عسكري فرنسي، سواء مباشر أو عبر توفير الأسلحة والمعدّات، وأيضاً مساندة لوجيستية أمريكية، فإنه من الصعب حسم المعركة.

وتزداد الصعوبة أكثر إذا تدخل الجيش المالي والبوركينابي إلى جانب جيش النيجر ومعهم قوات فاغنر، ما سيحقق نوعاً من التوازن وبالتالي سيُطيل أمد القتال، وهذا لن يخدم إيكواس، خصوصاً إذا نفّذ الانقلابيون تهديداتهم باغتيال بازوم مع بدء الهجوم عليهم.

كما أن طول الحرب سيؤدي إلى إضعاف الجبهة الداخلية في إيكواس، خصوصاً نيجيريا التي لا تحظى مشاركتها في العملية بدعم داخلي، ما سيدفعها إلى الانسحاب.

وإذا انسحبت أكبر قوة في إيكواس فهذا سيؤدي إلى فشل العملية وانهيارها، خصوصاً أن الجيش النيجيري يواجه منذ سنوات صعوبة في القضاء على تنظيمَي بوكو حرام وداعش غرب إفريقيا الإرهابيَّين شمال شرق البلاد.

وبالنظر إلى انشغال الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي بدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، فلن يكون بإمكانهم تقديم ذخائر وأسلحة كافية إلى إيكواس، ما يجعل قدرتها على خوض حرب طويلة محل شك.

ومن دون نصر سريع وكاسح يعيد بازوم إلى الحكم فإن إيكواس ستصبح جزءاً من الأزمة بدلاً من أن تكون وسيلة لحلها، وقد تصبح عرضة للتفكك، خصوصاً إذ نفذ قادة المجالس العسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو تهديداتهم بالانسحاب منها.

السيناريو الثالث: الفوضى

إذا شارك في الحرب دول إيكواس ذات الأنظمة الدستورية ضد المجالس العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو مع إمكانية انضمام غينيا، فإن المنطقة ستشتعل بحرب إقليمية قد تتجاوز حدود النيجر، وهو ما هدد به المجلس العسكري للأخيرة.

وإذا دعمت الولايات المتحدة وفرنسا قوات إيكواس، وإذا زودت روسيا انقلابيي النيجر بالأسلحة الثقيلة والذخيرة وبقوات فاغنر، فإنها ستتحول إلى حرب بالوكالة، وتزداد مساحة القتال وحجم الضحايا في منطقة لا تحتمل مزيداً من المآسي.

وإذا تمرّد الطوارق في الشمال بدعم فرنسي، وصمد الانقلابيون في نيامي، فإن ذلك سيحرك سيناريو انفصال شمال البلاد الذي يعاني التهميش ويحتضن مكامن الذهب ومناجم اليورانيوم، وقاعدة جوية أمريكية للطائرات المسيرة، واستثمارات فرنسية في استخراج اليورانيوم.

وإذا تشكل كيان سياسي للطوارق في شمال النيجر فهذا سيشجعهم للتحرك شمال مالي وجنوب الجزائر وجنوب غربي ليبيا لبناء دولة موحدة لقبائل الطوارق، ما سيشعل المنطقة بحرب أخرى لا علاقة لها بعملية إيكواس.

هذا ما دفع قائد أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة للتأكيد مؤخراً بأن الجيش الجزائري على استعداد "لمواجهة أي خطر يمس البلاد مهما كان نوعه وحجمه".

والتهديد الآخر والأخطر يتمثل في استغلال الجماعات الإرهابية انشغال جيش النيجر بالحرب في الجنوب ضد إيكواس للاستيلاء على مدن وقرى شمال النيجر وغربها بل حتى شرقها، والتوسع إلى مالي وبوركينا فاسو ونيجيريا، التي قد تتعرض للاستنزاف إذا طالت الحرب.

فدول الساحل تتميز بمساحاتها الواسعة وعدد سكانها القليل وصحرائها القاحلة وجيوشها صغيرة العدد وضعيفة العتاد وانتشار الفقر، ومن شأن حرب طويلة الأمد أن تؤدي إلى انهيارها وتفككها، وتكرار الانقلابات بها، وإحياء النعرات القبلية والعرقية والدينية بها.

وإذا انهارت دول الساحل تحت نيران حرب إقليمية ودولية تفوق بكثير قدراتها على التحمل فإن موجات كبيرة من المهاجرين ستزحف بالملايين نحو الشمال الإفريقي وبالأخص الجزائر وتونس والمغرب وعبرهم نحو أوروبا، ما يهدد استقرار هذه الدول ويُدخِل هذه المناطق في فوضى ممتدة ومتعددة الأوجه.
 

المصدر