نحتاج إلى قراءةِ المشهد بيقين، وإلى تأملِ دروس المرحلة بأناة وحكمة. حكامُنا الذين حكموا المنكب البرزحي غزاة مستعمرين، ووكلاء محكمين أو متحكمين، كانوا دائما مرتهنين لمؤثرين سياسيين، أو اجتماعيين، أو حركيين.
غالبا ما كان الطرف النافذ يحكم على خصمه بالإلغاء والتهميش، وتارة باستخدام الأجهزة (أجهزة التحاكم والحكم) لنفيه إلى الخارج، أو إسقاط حقوق الجنسية عن ذلك التيار برمَّتِه، أو ذاك اللون بصفته واصطفافه، أو ذاك المجتمع بأكمله. تذكرون الأمثلة في كل الحقب؛ من الحاكم الفرنسي، إلى "خلية غش العشرية"!
القوة الهادئة التي تحكم اليوم، منذ أربع سنوات، غيّرت قواعدَ اللعبة؛ أنتم شركاء وطن، كل واحد منكم يمكن أن يضع لبنةً دون أن يكسر لبنةَ غيره، فالوطن بناءُ بيت للجميع، كل واحد منكم يمكن أن يرى مكانه، ويرى مكان أخيه، حتى لا أقول غريمَه، كل واحد منكم يمكن أن يحقق حلمه دون أن يمنع غيره من تحقيق حلمه في وطن المشتركات والحريات والأفراح، لأن ذلك هو مبدأ (تعاونوا)، (تآزروا) و (أفيضوا المجالس بينكم)؛ فلا خير في الوشاة، والطغاة، والغلاة، والغزاة.
قواعد المشهد: هذا وطن لا ينتهي العمل في بنائه ما لم تَزُل السماوات والأرضون، وهو يسع الجميع، إلا من يحمل الشنآن والبغي والظلم، وخطابات الكراهية، والفساد، والإفساد بين الناس.
الفعل في مقام الإسناد، كالقيد في باب الصفة، قراءة كتاب الأضداد في اللغة يرشدك لثلاثية لامية الأفعال. العلم بمدرسة علم السلوك يرشدك إلى معرفة كل قول بيانا، أو من يلحن أو يدهن أو يروغ الحق. وإلى أن المرحلة تحتاج لرص الصفوف، حتى نعبر عالما من حولنا يمور، وأن تلتف كل القوى ـ كما قلت في تيشيت ـ خلف فخامة الرئيس، عقلاء، ورشداء، ومؤثرين، ومبدعين، وكفاءات، وشبانا، وماجدات؛ فالغاز آت، ومعه الخضرة والنماء، ورمضان آت، وإذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين في السلاسل.
قلتها قبل أربع سنوات: قوةٌ هادئة تنصف الجميع، ستحكم بحمد الله وفضله. موريتانيا لا تقاد برأسين، ولا تتحدث بلسانين.