ما هي غايات الوعي السياسي: التزييف، أو "خلجنة" الرأي الوطني العام؟/ إشيب ولد اباتي

5 يوليو, 2022 - 15:29

كواحد من القوميين الوحدويين، لا اطرح السؤال من جهة الاعتقاد بقيمة القطرية في الوطن العربي، ولا بوعيها المتشيئ، بل  هذا الأخير من اوجهها القبيحة التي كرهت في كل ما هو قطري، وإقليمي، وجهوي، وقبلي، وفئوي،، بنفس المنطق الذي تتكشف فيها عيوب القطرية يوما بعد يوم سواء الوطنية منها، أم العابرة لحدودها، وهي لا تحمل مشروعا وطنيا، احرى قوميا، بل على العكس تماما، باعتبارها تحمل مشروعا مدمرا للقطر الذي تأسس على الاتحاد، بين الإمارات العربية..
 ومن يعرف عن الاختلاف المبدئي بين قيادة " الشارقة" الوحدوية، وبين ما يروجه المرجفون من كتابنا لإمارتي: دوبي، وأبو ظبي، يدرك أن الأخيرتين لا تسعيان لأبناء وطنهما من جهة التمسك بمشروع الاتحاد الذي أسس له الجيل الأول بوعي وطني، وبتأثير دولي كان قائما على أن الصراعات بين الإمارات السبع، لن يمكن الشركات الغربية من استخراج الثروات الطاقية، ومن هنا فرض على الجميع مشروع اتحاد الإمارات الذي،  يحتاج من أصحاب الدعاية الى معرفة أسسه، والعوامل الداخلية، وغيرها،،حتى يركزوا على الأهم، الإيجابي، وطرح غير المهم، السلبي، ومنه الدعاية القائمة على الانفتاح، أي انفتاح تقصدون؟ ولماذا  يتوقف الحديث عن الانفتاح على الاستثمارالتجاري، والسياحي المدمر للثقافة، والقيم، والاوطان، والاعتماد على القطاعين المذكورين، بدلا من القطاع الانتاجي، وبناء مشروع سياسي ديموقراطي  بدلا من القمع السياسي، وإسكات أي صوت وطني، وقومي،يقول، لا " للتطبيع"؟ وهل التطاول في العمارات، يشيد مستقبلا مضمونا لابناء الإمارات حين تجف آبار الطاقة، وتستهلك عائدات الريع التي تستثمر في بناء سد النهضة الإثيوبي لتجفيف نهر" النيل"، ويستثمر في شراء الأسهم في الشركات الصهيونية، وسياسة مد الانابيب الى " اريحا" للحد من الاستثمار العربي في قناة السويس؟
وهو سؤال موجه لأصحاب الدعاية الذين ينطلقون من فرضية الاعتقاد السائد بين ابناء الأمة في ان المجتمعات العربية تبحث عن السياسة الرشيدة لابناء وطنها الكبير من الخليج الى المحيط ـ هذه المرة ـ علما أن سياسة الأسر الخليجية، لا تستقبل العرب بقدر استقبالها للآسيويين من هنود، وبنغال، وباكستان، واندنوس، وفلبين الخ؟!
وليس في اقطار الخليج سياسة عامة رشيدة، بحيث يصدق القول عن اعتمادها على التخطيط للمستقبل، انما الطموح القائم مؤقت، ودوافعه التنافس بين الثالوث: المحمدين، وتميم، وشراء الولاء لسياسة الامبريالية والصهيونية، فقد اشتروا ولاءهم ـ بدلا من بيعه ـ للمجرم السابق " ترامب"، و" النتن ياهو"، وها هم الآن، يشترون  ولاءهم للمجرم " جو بايدن" الناعس،،!
ومتى استبعثت الامبريالية الغربية سياسة ملوك الطوائف من رحم التخلف  في الوطن العربي منذ سبعينيات القرن الماضي، و"فرعنت" كبارهم وصغارهم، وأسقطت الكبار بالصغار الذين "يتطحلبون" بالحروب المفككة للمجتمعات في الأقطار العربية، وأخيرا نشر الدعاية بطابور خامس من المرتزقة، اصحاب الدعاية الرخيصة بديلا عن السياسة الوطنية، والقومية التي وحدت ولم تفرق، ودافعت عن الامة، ولم تفرقها، ولم تدمر مراكزها الحضارية على عكس ما قام به أمراء الخليج في العراق، واليمن، وليبيا، وسورية، والصومال، حتى احتلها الامريكان، ولا زال الامراء سدنتها، بالاستثناء الحاصل في شخص الأمير القومي  في" الشارقة"،، ولعله واقع بين نارين: إما تدمير الوحدة السياسية، أو الركون الى هذا التصهين الابراهميمي، وصلاته الثلاثية الوثنية ؟!
ومتى ظهرت الدعاية لملوك وامراء، وسلاطين الخليج العربي المتأمركين؟
ففي بداية الالفية الثالثة، ظهرت كتابات الاكاديمي الرجعي بكتاباته في جريدة " الشرق الاوسط" الصفراء بالدعاية الساقطة، وكان الوحيد في جامعة نواكشوط الذي شوه سمعتها، بما كتب في تلك الجريدة، وأذيعت مقالاته في " الحرة" الامريكية التي استقطبت وجوها كالحة من بلادنا، تارة  ظهروا متقنعين بالاسلام السياسي، واخرى بالدفع بهم " ضباط اتصال"  للربط بين الجهات الخارجية في مكاتب الصحافة للانظمة  التابعة،، وكان الاكاديمي الساقط  بوعيه الانتفاعي، يروج لفكرة سقوط القومية العربية، وأنظمتها في مصر، والعراق على التوالي، وتناسى الغبي، دور الامبريالية في الحروب، والانقلابات التي اسقطت بها تلك النظم الوطنية، وتزامن ذلك مع تدمير مجتمعات الأمة، وذلك المنطق المغالط، هو ما عرف به هذا الصوت الذي لم يكن يعرف إلا النعاب بوعيه الرمادي..!
 وتلاه في الدعاية " نقيق" الضفادع المنبعث من مستنقع السفارات القطرية، والاماراتية، والسعودية، وهذه الزحافات نشرت ملوثاتها في المواقع الافتراضية، فكانت دعاية " الدشداشين"  تارة في المنشورات على وسائط التواصل الاجتماعي، واخرى في المواقع، وهي مركزة  على الاشخاص المتنفذين من رؤساء الغرف التجارية في أبوظبي، أو  دوبي، ولا من حديث عن الدوريات للثقافة العربية في تلك الاقطار، ولا عن نهضة فكرية ابداعية تذكر، عدا الذي يزعم " الدشداشي" في موقعه الافتراضي، أنه مفكر اسلامي، كتب له مقالا عن الوحدة العربية على أساس قيمتها التجارية، وتوحيد الغرف التجارية، والاستثمارات المصرفية،،!
واليوم امتدت الأقلام "الدشداشية" الى أكثر من موقع افتراضي، واضيف اليها تغطية نشاطات السفراء الخليجيين في مواقع مخصوصة لكتابات الكتاب،،!
كان الله في عون الرأي الوطني العام الذي تغلى "مراجين" الدعاية الزائفة ليغسل بها وعيه الوطني، والقومي التحرري..
ولعل سبب هذه المحاولة ل"سرطنة" الوعي، هو السكوت على أن بلادنا وسياسها واجهت " المافيا" والفساد المحلي، بقدر مواجهة " البرازيل" للفساد فيها، كما واجهت بسياسة التأمين، والديمقراطية، بقدر ما واجهت به المكسيك ملايين المشردين، والطبقة العاملة الهشة ،،!
 وقلنا ربما كانت هذه " اللحلحة" للدفع بمشروع الحزب الى التقفي، والاستنارة بهذه التجارب الرائدة،، فتلك الداعية من الاصوات التي يعبر اصحابها عن طموح وتفاؤل مستقبلي،، ولكن هل ذلك هو ما يجري في الواقع، أو ما ينبغي أن 
 أن يكون،،؟!
أما أن يزيد المزايدون بالمزايدة التافهة على هذا التفاؤل، بالدعاية السوداء، العمياء، الخرساء، الشوهاء في الدعاية "الدشداشية"، وهي لا قيمة لها، ولا تؤثر على الوعي لدى الرأي الوطني العام، لكنها نوايا، يجب كشفها، ومواجهة دعاتها ليقولوا الحق، أو ليخرسوا وكمموا أفواههم بالرفض، لأن ألسنتهم سامة بما تنفث على مواقعنا الافتراضية التوعوية التنويرية،،،
 نعم، لنقل التجارب للتأسي، وتوضيح الفرق بينها، وبين ما يجري في بلادنا في هذه الفترة المؤمل فيها، أن يحصل التغييرفي الأوضاع السياسية، والاجتماعية،،
ولكن، جنبوا الرأي الوطني العام، هذا "التخلجن" السياسي، إذا كان قناعتكم في مواجهة تحديات المعيشة، وسد حوائج عوائلكم، فاستروا عوراتكم بعدم فضحها أمام الرأي العام الوطني، والقومي..