موريتانيا على مفترق طرق/ الداه ولد إبراهيم ولد اباه

5 يوليو, 2022 - 15:07

إن القراءة المتأنّية للمشهد السياسي العام في موريتانيا ، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ، أن البلد يعيش لحظة استثنائية حُبلى بالمتغيرات ، وأن ارهاصات التغيير الجذري اصبحت تلوح في الأفق مبشّرة بحقبة جديدة لم يألفها الموريتانيون من قبل . فالمعطيات الحالية تشير  إلى أن حجم التململ الشعبي والإحباط من الواقع المر ، بلغ الحد الحرج الذي قد يدفع بالأوضاع نحو مآلات لم يكن يتوقعها أحد.  وهذه النتيجة متوقعة عندما نشاهد المواطن البسيط محدود الدخل يئن بألم تحت وطأة الأسعار وغلاء المعيشة ، ونشاهد الخدمات العامة تتردى يوما بعد يوم ، ودائرة الفقر تتسع، والثروة تتكدّس بيد قلة قليلة من المتنفذين الحاليين والقدماء على حد سواء.
إن النظام القائم حاليا ، إما أنه يغضّ الطرف عن الوضعية المزرية التي آل إليها البلد، أو أنه عاجز عن مواجهتها ، وفي كلتا الحالتين تظل مسؤوليته عن ذلك قائمة ، ويتأكد للجميع أن تعهداته مجرّد جعجعة بلا طحين ، وأنه ابن شرعي للأنظمة والحكومات التي سبقته ، يستنسخ ممارساتها وافعالها  بنفس الكم والكيف ، فبدلا من أن يبني ويعمّر ، يواصل جرّ البلاد نحو مستنقع الفساد والتسيب والتسيير الرديء للموارد الاقتصادية. 
لهذه الأسباب وغيرها، أقول وبكل ثقة، أن موريتانيا باتت اليوم على مفترق طرق ، فهي إما أن تنزلق نحو الفوضى ، وهو خيار لا يريده أحد وليس في مصلحة أحد ، أو تسلك درب التغيير المُفضي للإصلاح  . أما أن يستمر الحال على ما هو عليه لسنين أخرى ، فلم يعد أمرا ممكنا أو في حكم الوارد، لأن الشعب وصل إلى ذروة التحمل، واصبح أكثر وعيا بضرورة التغيير، ومن شُبه المستحيل إقناعه مرة أخرى بالشعارات الجوفاء والوعود الفارغة.
على جيل الشباب الحالي والنخبة المثقفة التي لم تتلطخ أيديها بالحقوق ، أن يلتفوا جميعا حول رؤية شاملة لإنقاذ موريتانيا وتخليصها من الاختطاف ، وأن يعملوا من أجل تغيير حقيقي وليس مجرد رتوش تجميلية  يتم فيها استبدال شخوص الحكم بأخرى تحل محلها . فالتغيير المنشود لا بد أن يطال الطبقة الحاكمة المترهّلة برمّتها ، يكتسحها ويزيلها من المشهد.  ولا بد أن يًبنى على مشروع إصلاحي مدني متكامل، القائمون على تنفيذه مجرد موظفين خاضعين للمساءلة والمحاسبة .
 في تقديري أننا جميعا كمواطنين موريتانيين مسؤولون - كل حسب موقعه -  عن توجيه دفّة هذا التغيير المرتقب نحو ما يخدم مصالح بلدنا وينقذه من وَحل الضياع  قبل أن تصل الأوضاع فيه إلى نقطة اللاعودة.