السفير البريطاني في نواكشوط: نساعد البلد في الاستفادة من عائدات المحروقات (مقابلة)

25 مايو, 2021 - 09:55

قال السفير البريطاني في موريتانيا سايمون بايدن، إن الهدف الأساسي من وجود سفارة لبلاده في موريتانيا هو مساعدة هذا البلد، وذلك ردا على سؤال للأخبار حول ما إذا كان من الصدفة أن المملكة المتحدة قد انتظرت حتى تم اكتشاف الغاز الطبيعي في موريتانيا لإقامة علاقات دبلوماسية معها.

وأشار بايدن إلى أن بلاده قررت في السنوات الأخيرة «إنشاء تمثيل دبلوماسي، ليس فقط في موريتانيا ولكن أيضًا في بلدان أخرى في شبه المنطقة مثل النيجر وتشاد، حيث لا يمكننا الحديث عن نفس الفرص المتاحة في موريتانيا فيما يتعلق بالمحروقات».

وأضاف: «بالطبع، نحن موجودون لدعم شركة بريتيش بتروليوم والشركات الأخرى، لكننا موجودون بشكل أساسي لمساعدة الحكومة الموريتانية على الاستفادة من عائدات المحروقات من أجل مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية وخلق فرص عمل في القطاع الخاص. إننا لا نركز فقط على الغاز».

نص المقابلة:

سعادة/السيد السفير، ما هو مركز اهتمام المملكة المتحدة في موريتانيا من حيث العلاقات الثنائية؟

يجب الاعتراف بأن المملكة المتحدة لم يكن لها تمثيل دبلوماسي مباشر في موريتانيا، وهي بلد ليس لنا معه روابط تاريخية، كما هو الحال مع منظمة الفرانكوفونية في غرب إفريقيا.

لكن في السنوات الأخيرة، عملنا وشاركنا بشكل مباشر في منطقة الساحل لعدة أسباب وافتتحنا سفارة في نواكشوط وقمنا بتعيين سفير مقيم.

المملكة المتحدة مهتمة بالدبلوماسية والتنمية وقضايا الأمن. لكن الشيء الأكثر أهمية هو تطوير شبكة اتصالات تجعل من الممكن فهم التحديات الاجتماعية والاقتصادية لموريتانيا وتحديد المجالات التي يمكننا من خلالها دعم هذا البلد. نتيجة لذلك، فإننا نعمل مع الحكومة والمجتمع المدني ومع الجهات الناشطة في عالم الأعمال وفي المجال التعليمي.

بصرف النظر عن النفط والغاز، ما هي المجالات الأخرى التي تجذب المستثمر البريطاني في موريتانيا؟

من المؤكد أن الاستثمار الأجنبي يمكن أن يجذب رأس المال لتمويل المشاريع العملاقة. لكن إذا كنا نعتمد فقط على المستثمرين الأجانب، فسيكون ثمة خطر بالانتظار طويلاً حتى يتحقق تطوير موريتانيا وخلق فرص العمل والاستفادة من الموارد والمهارات المحلية. يعود الأمر في الأساس إلى المستثمرين الموريتانيين لتنمية بلادهم. كما أنه يجب ألا نحصر أنفسنا في الاستثمار، بل يجب علينا أيضًا الاستجابة لاحتياجات العمالة والتحديات الاجتماعية والاقتصادية.

لكن إذا أبدى بريطاني اهتمامه بالاستثمار في موريتانيا، فما هي القطاعات التي كنتم ستوجهونه إليها؟

في يناير 2020، تشرفنا باستقبال فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في لندن لحضور قمة حول الاستثمار في إفريقيا. في ذلك الوقت، سلطنا الضوء على فرص الاستثمار الموجودة في موريتانيا، لاسيما في قطاعات الطاقات المتجددة، والتكنولوجيا الزراعية، والتعليم والتكوين المهني.

لماذا انتظرت المملكة المتحدة اكتشاف الغاز الطبيعي ووجود شركة البترول البريطانية (BP) وهي شركة بريطانية لإقامة علاقات دبلوماسية مع موريتانيا؟ مجرد صدفة؟

لن أتحدث عن الصدفة. قررت المملكة المتحدة في السنوات الأخيرة إنشاء تمثيل دبلوماسي ليس فقط في موريتانيا ولكن أيضًا في بلدان أخرى في شبه المنطقة مثل النيجر وتشاد حيث لا يمكننا الحديث عن نفس الفرص المتاحة في موريتانيا فيما يتعلق بالمحروقات.

بالطبع، نحن موجودون لدعم شركة بريتيش بتروليوم والشركات الأخرى، لكننا موجودون بشكل أساسي لمساعدة الحكومة الموريتانية على الاستفادة من عائدات المحروقات من أجل مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية وخلق فرص عمل في القطاع الخاص. إننا لا نركز فقط على الغاز.

بالإضافة إلى ذلك، أدعوك لطرح أسئلتك حول مشروع السلحفاة الكبيرة- آحميم  Grand Tortue-Ahmeyim (GTA)  مباشرة على ممثل شركة BP في موريتانيا. صحيح أنها شركة تعتبر بريطانية ومدرجة في بورصة لندن ولديها الكثير من الوظائف المباشرة في المملكة المتحدة، ولكن في الواقع فإن BP هي شركة دولية لها وجود في جميع أنحاء العالم.

لكن يمكنني مشاركة هذه المعلومات معكم: في الأسبوع الماضي، كنت حاضرا لدى وزارة البترول والمعادن والطاقة في حفل افتتاح مركز تكوين برعاية من شركتي BP و كوسموس أنيرجي KosmosEnergy لتأطير موظفي ومسؤولي الإدارة الموريتانية في قطاع المحروقات. وفي نفس الوقت وقع ممثل شركة BP ووزير البترول والمناجم والطاقة السيد عبد السلام ولد محمد صالح مذكرة (تفاهم/اتفاق) حول مشاريع أخرى، ستكون تقدم تفاصيلها - بالتأكيد – من طرف شركة  Bوهي مشاريع تتعلق بالطاقة المتجددة واستخذام الغاز لانتاج الكهرباء.

هل أنت قلق من استمرار فيروس كورونا في إعاقة استغلال الغاز في موريتانيا؟

لا يمكننا إنكار تأثير كوفيد-19 على الصحة وبشكل أعم على القطاعات الأخرى بما في ذلك قطاع الاقتصاد غير المصنف في موريتانيا. لقد تسببت الجائحة في تباطؤ الأنشطة البحرية لشركة بريتيش بتروليوم والشركات الأخرى. ومع ذلك، يستمر العمل. اسمحوا لي أن أقدم لكم مثالاً على البناء الجاري للسد البحري بكتل من الصخور المستوردة من أكجوجت (شمال البلاد). لست متخصصًا في هذا الأمر، لكنني أعلم أن المشروع مستمر وأعتقد أن إنتاج الغاز يمكن أن يبدأ في عام 2023.

أنتم السفير الوحيد الذي التقى بأكثر من عشرة وزراء موريتانيين خلال شهر. ما الذي دفعكم إلى ذلك؟ ماذا كانت نتيجة هذه اللقاءات؟

ليس سر دولة (ضحك). للأسف، فقد وصلتُ إلى نهاية مهمتي في موريتانيا. أتصور أن السفراء الآخرين كانوا سيفعلون الشيء نفسه من خلال الاجتماع بالمسؤولين الحكوميين لمناقشة المشاريع المنجزة والفرص المستقبلية.

لقد التقيتُ 18 وزيرا في مارس وأخطط للقاء وزير آخر أو اثنين بالإضافة إلى فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

خلال الاجتماعات، ركزنا المناقشات على المجالات التي تأمل المملكة المتحدة في دعم موريتانيا فيها بما في ذلك التعليم وتطوير الاتصال الاستراتيجي والتغيرات المناخية. كما تعلمون، تستضيف بلادنا مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية (COP-26) هذا العام.

تحدثت مصادر إعلامية عن إخفاء أموال وممتلكات عمومية موريتانية في المملكة المتحدة من قبل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز. فهل طلبت السلطات الموريتانية دعمكم لاستعادتها؟

لا. لم تقدم إلينا الحكومة الموريتانية أي طلب. لكن إذا أرادت مساعدتنا، فسأرسل الطلب إلى لندن، حيث يوجد أيضا سفير جمهورية موريتانيا الإسلامية.

هل تؤكدون وجود هذه الأموال الموريتانية والممتلكات العامة التي قيل إنها هربت إلى بلدكم؟

ليس لدي معلومات عن هذا الموضوع. مثل أي شخص آخر، أتابع ما يتم تداوله في الصحافة. لا أكثر. مثل أي شخص آخر تابعت شائعات حول الموضوع.

كيف تقيمون التهديد الأمني ​​وعدم الاستقرار الاقتصادي في منطقة الساحل؟

لا يمكننا الفصل بين التنمية الأمنية والاقتصادية في منطقة الساحل. ولكن عند الحديث أولاً عن الحالة الأمنية، من الواضح أن البلدان في شبه المنطقة تواجه تهديدات خطيرة. لحسن الحظ، نجحت موريتانيا على مدى عقد من الزمان في تجنب الآثار الأكثر خطورة لأنشطة المتطرفين الجهاديين العاملين في المنطقة. أما الهشاشة الاقتصادية فقد وجدنا لها عدة أسباب: انعدام الأمن وغياب الدولة في بعض المناطق مما يمهد الطريق للمتطرفين. ولاستعادة الاستقرار في منطقة الساحل، فإنه يجب الاستجابة لكل من التهديدات الأمنية والتحديات الاقتصادية. وأعتقد أن هذه نفس الاستجابة التي تقوم بها الدول الأعضاء في مجموعة الساحل الخمس.

هل تؤيد لندن إدراج قوة الساحل المشتركة G5 في الفصل السابع للأمم المتحدة من أجل استمرار التمويل؟

كلا. ولا تعتبر المملكة المتحدة أن هذا سيضمن لمجموعة دول الساحل الخمس الدعم الذي تطلبه.

لكن هذا لا يعني - أيضًا - أننا لا ندعم، على الأقل بطريقة أخرى، مجموعة الدول الخمس والقوى الدولية الموجودة في منطقة الساحل. لقد تم نشر 300 جندي بريطاني مؤخرًا لدعم قوات بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينيسما).

وبشكل أكثر تحديدًا، أطلقنا في موريتانيا - منذ ستة أشهر- بالتعاون مع أمانة مجموعة دول الساحل الخمس والقوة المشتركة، مشروعًا يهدف إلى تطوير مقاربة اتصال استراتيجي منسق. وتدعم المملكة المتحدة أيضًا القوات العاملة في المنطقة - بما في ذلك القوة المشتركة - من خلال توفير التدريب في مجال حقوق الإنسان. وأهمية احترام القانون الإنساني.

نقوم أيضًا بتحليل تصور السكان المحليين المتضررين من النزاع من أجل تلبية احتياجاتهم بشكل أفضل.

وفي المستقبل، من الممكن مشاركة هذا النهج أو هذه المقاربة برمتها مع الجهات المعنية مثل تحالف الساحل ومجموعة الساحل الخمس والأمم المتحدة لطمأنتهم بشأن مساهمة المملكة المتحدة الثنائية والمتعددة الأطراف في البحث عن السلام والاستقرار في منطقة الساحل.

برأيكم هل تمكن محاربة التطرف العنيف في منطقة الساحل من خلال الخيار العسكري وحده؟

كما قلت آنفا. لا أعتقد أن مقاربة أو نهج مجموعة الخمس والشركاء هو نهج عسكري فقط. بالطبع نحن بحاجة إلى ضمان الأمن قبل إطلاق مشاريع التنمية. لكن، يجب علينا دائمًا المزاوجة بين الأمن والتنمية والسماح بعودة الدولة في مناطق معينة، وتمكين الحكومات المحلية من توفير الخدمات الأساسية لمنع السكان من تجربة بدائل أخرى مثل - على سبيل المثال - الانخراط في "التطرف".

قبل موريتانيا، تم تحويلي إلى كابول في أفغانستان. وإذا كان الوضع هناك ما يزال يثير المشاكل، فقد تمكنا مع ذلك من تنفيذ مقاربة أو نهج الأمن والتنمية هذا. وفي منطقة الساحل، يجب اتباع هذا النهج نفسه.

سعادة/السيد السفير، أنتم الآن في نهاية مهمتكم في موريتانيا. ما هي أكثر الذكريات التي ستحملونها معكم عن هذا البلد؟

لم أكن أعرف موريتانيا جيدًا قبل وصولي هنا. إنها دولة تحتاج مزيدا من الاكتشاف. لقد أدهشني مدى انفتاح وكرم ضيافة الموريتانيين.

لكن لأكون صادقًا للغاية، أرى أنه بعد 60 عامًا من الاستقلال وعلى الرغم من دعم وكالات التنمية، لم تصل موريتانيا بعد إلى المستوى الذي كنا نأمله. لماذا؟ ربما يجب علينا تثمين هذه الثقافة العميقة، وهذا الثراء البشري وهذا التنوع الثقافي الجميل لمجتمعات البلاد إذا أردنا الاستفادة من الفرص الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وحتى من أجل التكيف – إن جاز لي التعبير هكذا - مع القرن الحادي والعشرين.

لا داعي للبحث عن هوية فريدة بل يجب الاعتراف بالهويات المختلفة الموجودة والتي هي جميعها موريتانية. سيساعد هذا الأمر البلد على الاستفادة من إمكاناته البشرية ويضمن مساهمة جميع المواطنين في مستقبل بلد يظل مسالمًا إلى جانب جيرانه ولكنه ربما لا يلبي توقعات جميع سكانه.

شكرا جزيلا لكم.