في موريتانيا: الفيسبوك.. نعمة أم نقمة!

10 أبريل, 2019 - 11:07

تختلف آراء النخب الموريتانية حول مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الشباب الموريتاني، ففي الوقت الذي يعتبرها البعض وسيلة للتغيير ولكسر التابوهات المجتمعية، يعتبروها آخرون ساحة مفتوحة للحروب بشتى أنواعها، ولم يعد مستغرباً أن يتسبب الفايسبوك في "جرائم قتل" من الدرجة الأولى.

لم يعد البيت ذاك المكان الآمن الذي يأوي إليه أفراد الأسرة طلباً للراحة و الهدوء؛ فمنصة التواصل تلك غيّرت أدوات اللعبة، واقتحمت أدق خصوصيات أفراد المجتمع دون استئذان. وعلى الرغم من أن أعراف المجتمع ظلت تمثل حاجز الدفاع الأول لحماية الفرد، إلا أن تلك المنظومة قد انهارت على وقع تزاحم الأصدقاء في عالم مارك الافتراضي، حتى أصبح "القتل وجرائم الأخلاق" واقعاً نبحث له عن سبب دون أن نصل إلى تفسير يقبله العقل. وسواء كانت الجريمة بسبب الغيرة أو بسبب "فايسبوك"، فالنتيجة حتماً واحدة.

الفايسبوك .. نعمة أم نقمة! 

نعمة موقع "فايسبوك" كمنصة للتواصل الاجتماعي، تحوّلت في موريتانيا إلى نقمة، إذ يرى بعض المراقبين، أن هذا الموقع مسؤول عن نسبة كبيرة من الجرائم الأخلاقية التي تحدث الآن في البلاد.

فيما يرى عدد من المختصين والخبراء والناشطين في هذا القطاع، أنه وعلى رغم  ايجابيات تلك المنصات التي لا تخفى على أحد منا، إلا أن كفة سلبياتها ترجح بنسبة أكبر، لا سيما بعد أن باتت هذه الوسائل والقنوات مرتعاً لأصحاب النفوس الضعيفة، والمتطرفين  لنشر أفكارهم وبرامجهم المسمومة، واصطياد الضحايا عبر ابتزازهم وتخييرهم بين الستر مع دفع المال، أو الفضيحة، حتى بتنا نشهد ما يسمى الآن "الإرهاب الإلكتروني"، والجرائم الإلكترونية. الأمر الذي  سمح بإزدياد  مضطرد في أعداد جرائم القتل والاغتصاب.

و تتباين الدوافع في استخدام "فايسبوك" في موريتانيا، بين التواصل مع الأصدقاء والأهل، وفي حالات أخرى يتم استخدامه بطريقة ذات صبغة إجرامية، كثيراً ما أدت بضحاياها إما إلى الانحراف أو الموت. وأثبتت الحالات التي تم رصدها في الفترة الأخيرة، أن غالبية الضحايا من النساء، و كثيراً ما ينشأ الخلاف بسبب شكوك تلازم زوج الضحية من استخدامها لـ"فايسبوك". وأحياناً أخرى يتم استدراج الضحية وابتزازها بتسجيلات أو صور وتهديدها بنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. 

وخوفاً من الفضيحة تتوتر العلاقة بين الطرفين الذين يجدان أنفسهما أمام إكراهات ارتكاب المحظور لدرء الفضيحة أو لمحو آثار الجريمة.

و رغم أن التحفظ الذي يبديه البعض حيال السماح للأطفال باستخدام "فايسبوك"، إلا أن شيوع بعض الاستخدامات الضارة داخل أوساط المراهقين، بدأت تدق ناقوس الخطر في المجتمع، بسبب تزايد حالات الاغتصاب في المدارس.

ويُرجع الكثير من أولياء الأمور أسباب تفشي هذه الظاهرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة تطبيق الـ "واتساب"، والـ"فايسبوك"، وغيرها من التطبيقات، التي أضحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من حياة الكبار والصغار على حدٍ سواء.

دراسات عالمية

رصدت الجمعية الوطنية البريطانية خلال العامين الماضيين زيادة بنسبة 14 في المئة في عدد الأطفال الذين أدخلوا إلى المستشفيات جراء جرح أو تسميم أنفسهم، وأظهرت البيانات أن قرابة 19 ألف طفل ألحقوا الأذى بأنفسهم خلال تلك الفترة.

وأشار الخبراء إلى أن مواقع مثل "فايسبوك أوتويتر أوإنستاغرام" تسهم بشكل كبير في ارتفاع حالات الإيذاء الجسدي، إذ أن الساعات التي يقضيها المراهق في العالم الافتراضي تؤدي إلى خلق فجوة بين المتخيل والواقع لا يتيح له عمره الصغير التأقلم معها.

كما شجعت الهواتف الذكية أيضا على إدمان منصات التواصل الاجتماعي وذلك بحكم التصاقها بالأطفال والمراهقين، حتى أصبحت المتهم الأول في حالة الاكتئاب، والانعزال عن الحياة الاجتماعية الطبيعية والعيش داخل أسوار خيالية لا تمت إلى الواقع بصلة.

وقد تكون أكثر الأعراض انتشارا لهوس منصات التواصل الاجتماعي  لدى المراهقين هي التعلق الشديد بأشخاص وهميين، ونجوم وسائل التواصل، والأذى النفسي الناتج عن التنمر الإلكتروني.

وفي دراسة أخرى نشرتها جامعة لندن للدراسات الإقتصادية لصالح المفوضية الأوربية أن نحو نصف الأطفال في بريطانيا ممن تتراوح أعمارهم ما بين  سن الـ9 و12 عاما يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي رغم القوانين التي تحدد سن الاستخدام. موضحة أن كل طفل من بين خمسة أطفال له حساب على الفايسبوك رغم أن القوانين التنظيمية،  التي تحدد سن الاستخدام لـ 13 عاما.

كما أشارت الدراسة إلى أن الأطفال الهولنديين هم الأكثر اشتراكاً في شبكات التواصل الاجتماعي من غيرهم حيث بلغت نسبتهم 70  في المئة، في حين أن أطفال فرنسا هم الأقل استخداماً لشبكات التواصل الاجتماعي إذ تنحصر نسبتهم في 25 في المئة.

" شبكة حياة اجتماعية"