أجواء الفرح في موريتانيا لا تعني بالضرورة أن الأمر يتعلق بحغل زفاف، للطلاق أيضا فرحه، والاختلاف بين الفرحين يكون في عدد الزغاريد. في الزفاف تسمع " سبع زغاريد" وفي الطلاق لا تسمع إلا ثلاث زغاريد فقط. وكنوع من رد الاعتبار تتسابق الفئة العزباء من الرجال إلى طلب يد المُطلقة، في عُرف "المجاملة" الذي نادراً ما يترتب عليها التزام فعلي.
الطلاق في موريتانيا لا يحط من قيمة المرأة الاجتماعية، بل أن عدد زيجاتها يمثل مقياسا لجمالها وجاذبيتها. يقول سيدي محمد: "شأنها يعلو، ومهرها يتضاعف، ولا يعيب فيها حتى لو تطلقت عشرات المرات، وحظوظها في الزواج أوفر، على اعتبار أنها إمرأة ذات تجربة، وخبيرة في تسيير أمور المنزل، بل تتساوى أحيانا مع البكر في مستقبل فرص الزواج".
تعتبر معدلات الطلاق في موريتانيا الأعلى في المنطقة، فكل ثلاث زيجات تنتهي إحداهن بالانفصال. وبحسب تقارير اليونيسف "تعتبر موريتانيا الأولى عربيا من حيث نسبة الطلاق وزواج المطلقات".
ويقوم المجتمع الموريتاني بممارسة بعض العادات تشجيعا للمرأة المطلقة، تتمثل بإقامة الحفلات والزغاريد، وقرع الدفوف، والحناء التي تقوم بها المرأة المطلقة، وتباري بعض أبناء العموم والشباب على طلب يدها بدعوات شفهية، فضلاً عن تغني الشعراء بقصائد لها احتفاءاً بتخلصها من الزوج "سيئ الحظ". كل هذا من أجل إعادة مكانة المرأة التي قد تتضرر من الطلاق، أو أدت ظروف معينة إلى إنفصالها. وحتى لايعاملها المجتمع كمذنبة، بل يحمّل الرجل مسؤولية الطلاق، كون العصمة في يده من الناحية الشرعية، في مجتمع ذكوري يحاول أن يُلبس المرأة الخطأ، أو يحملها مسؤولية الطلاق.
وبانتهاء عدة الطلاق، تتزين المرأة المطلقة بالحناء، تماما كما يحدث ليلة الزفاف وتقضي يومها في بيت إحدى قريباتها قبل أن تعود إلى بيت والديها في انتظار زوج جديد. وعلى عكس أغلب المتعارف عليه في بعض المجتمعات العربية، فالطلاق لا يعني نهاية حياة المرأة العاطفية، ولا يقلل من فرصها في العيش مع شركاء آخرين، بل إن تعدد زيجات المرأة يعتبر مؤثرا على جاذبيتها وجمالها. تقول سلمى وهي إحدى النساء المورتانيات المطلقات: "المرأة المطلقة في موريتانيا هي إمرأة "زينة" بنظر الموريتانيات".
و"تُقدر نسبة المطلقات في موريتانيا بنحو 33 في المئة، ويعملنّ في مراكز عُليا على مستوى الوطن". بحسب ماقال الباحث الاجتماعي محمد الحسن. واعتبر الحسن أن "احتفال المرأة بالطلاق هو نوع من العزاء النفسي من أسرة المرأة المطلقة، وهو فرصة للتماسك والثقة بالنفس حتى لا تظهر مُنهارة أمام الزوج، كما أنه نوع من تكريس المقولة الشائعة التي تقول (إن المرأة كلما تكررت زيجاتها كلما كانت أكثر قيمة في المجتمع)".
ورغم أن المجتمع الموريتاني لا ينبذ الطلاق، ويتيح للمرأة المطلقة فرصا في الاندماج، فإن تزايد حالات الطلاق يطرح مشكلات اجتماعية كبرى بدأت تتفاقم. فالمرأة الموريتانية هي من تتولى تربية الأطفال بعد الطلاق، ومساهمة الزوج السابق غالبا ما تأتي بمحض اختياره رغم أن القانون يلزمه بها، وهذه يرتب عليها مسؤولية تأمين مدخول شهري في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة. بالإضافة مشكلة ترتبط بمصير الأبناء بعد انفصال الأهل، والتي تشير الإحصاءات إلى أنهم يعيشون في الغالب حياة مضطربة تدفعهم إلى الانقطاع عن الدراسة وربما إلى الانحراف.
" شبكة تايم لاين"