"لم يكن الأمر سهلاً، لكنني فعلتها. في أحد الأيام قلت لنفسي يكفي، الشكوى تجمعنا، علينا أن نكون مستقلات، ولن يكون ذلك إلا بخلق مجالنا الخاص، أن نؤسس سوقا يكون للنساء فقط"، تعلق بنات بنت مكيه. في قلب العاصمة الموريتانية نواكشوط، سوق خاص بالنساء يُدعى "مرصت لعليات" يمنح فرصاً بالأعمال واستقلالية للنساء المحليات في ضبط وإدارة المحلات التجارية.
عانت النساء الموريتانيات على يد التجار، لم يؤمنوا بهن، أو يأخذوهن على محمل الجد، كانوا ينظرون بسوء للسيدات أصحاب المشاريع، وفضلوا تأجير محلاتهم للرجال، ففرضوا عليهن شروطاً جائرة، لكن نساء نواكشوط خططن للاعتماد على أنفسهن، ونجحن في أخذ قرض من البنك، وشراء قطعة أرض مناسبة، ثم بدأن في بناء المحلات التي عرفت فيما بعد بسوق النساء أو "مرصت لعليات".
منذ 20 عاماً، دعت بنات بنت مكيه، ثماني سيدات للعشاء، للبحث عن حل للصعوبات التي كانت تواجه سيدات الأعمال الموريتانيات، وأخبرتهن أن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو توحيد الجهود والعمل معاً، بإنشاء سوق خاص للتجار النساء فقط. تقول مؤسسة أول سوق للنساء الموريتانيات بنات بنت مكيه لمؤسسة تومسون رويترز "كنت شابة، وحاولت تأسيس مؤسسة صغيرة في نواكشوط لكن الأمر كان صعباً. كان ينظر الناس إلينا بانتقاص، بخاصة النساء مثلي اللواتي تعاملن مع الرجال، وسافرن إلى الخارج بدون عوائلهن لجلب المال، كنا في عيونهم أسوأ النساء".
نجاح
من فكرة صغيرة إلى 240 محلاً تجارياً من طابقين، ويعرف رسمياً بسوق "شنقيط" بحسب المكتوب على واجهة السوق، وبحسب ما كتبته الصحافية خديجة نورين "يبدو أن الناس نسوا الاسم الرسمي للسوق وأصبحت تدعوه (سوق النساء)".
وعلى رغم من أن اسم السوق "سوق النساء" وإدارته بيد النساء، إلا أن واجهات المحلات الصغيرة فيه لا تخلو من حاجيات الرجال، تغرّد صفحة زهرة شنقيط "سوق نسائي ينشط بعد الإفطار في موريتانيا، حيث تنتعش التجارة النسائية في موريتانيا خلال شهر رمضان المبارك، لا سيما في ساعات الليل، ويستمر في فتح أبوابه حتى منتصف الليل ليلائم نمط حياة الموريتانيين الذي يفضلون الخروج بعد الغروب".
نجاح ثان
قامت نساء نواكشط، أو سيدات أعمال "سوق النساء"، بتأسيس نقابة لسيدات الأعمال الموريتانيات، تضم اليوم نحو سبعة آلاف امرأة، رئيستها بنات بنت مكيه بالانتخاب.
وكان المجلس البلدي لنواكشوط العام الماضي اعتبر ازوينه بنت سيد باب "سيدة العام" وهي الجائزة التي يمنحها المجلس للإنجازات العالية. وبحسب ما نقله موقع "أكيد" فأن "بنت سيد باب تدير مشروعاً ناجحاً، وهي لا تملك محلاً واحداً بل اثنين".
فرص للرجال
"عندما جئت لنواكشوط بدأت أعمل في محل تجاري وسط العاصمة، أحد أصدقائي أخبرني عن هذا السوق، وخططت لترك عملي هناك والبحث عن فرصة هنا، إذ أفضل العمل مع النساء لأنهن يعاملننا باحترام، ويجلبن لنا هدايا عندما يسافرن، ويمنحننا أجرتنا بدون تأخير"، يعلق زيدان بحسب ما نقلته صحيفة الأهرام بالإنكليزية.
في سوق "مرصت لعليات" تنقلب الأدوار التقليدية، حيث المرأة تمتلك والرجل يعمل لديها، تعلق لمات "أردت أنا وزميلاتي كسر التمييز الاجتماعي ضد سيدات الأعمال".
سوق النساء مطلب
صمود سوق النساء لعقدين، يوضح إصرار المرأة الموريتانية على تحدي التمييز الاجتماعي الذي يحيط بها، وتحول "سوق النساء" في موريتانيا مطلباً للكادحات في أكثر من منطقة، وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الموريتانية "الأخبار" أن بائعات خضروات وأسماك مدينة بسيلباني "هاوا كمرا" و"زركه بنت بوشكاره" و"اخناته بنت بابنه ولد امبارك" أجمعن في حديثهن للصحيفة، بضرورة إنشاء سوق خاص للنساء، واعتبرن ذلك مطلباً أساسياً بالنسبة للنساء العاملات بالمدن الزراعية.
" تيم لاين "