على رغم حالة البؤس والتشرد التي يبدون عليها، إلا أن معظمهم يخفي خلف مظهره حكاية قد لا تخطر على بال إنسان. هذا هو حال أغلبية المشردين في موريتانيا الذين ينتمون إلى الطبقة المخملية الثرية.
غالباً ما تكون الثياب الرثة، وراء الإيحاء الزائف الذي يأسر القلوب الرحيمة للتعاطف مع هؤلاء، إلا أن الحقيقة غير ذلك. فمن بينهم ملاك عقارات ومتاجر، لكن و لأسباب متباينة، فضلوا حياة الشقاء و التشرد في الشوارع.
ويقول سيدي محمد إن المتسولين في شوارع العاصمة نواكشوط، ينقسمون إلى ثلاثة أنواع. الأول منها يضم (أطفال الشوارع) ويطلق عليهم محليا ( ألْمودات)، ومهمتهم جمع الصدقات يومياً لمصلحة شيخهم القائم على تعليمهم القرآن الكريم. أما النوع الثاني فهم (المتسولون الكبار)، ومعظمهم من أرباب الأسر، ومن بينهم أغنياء، لكنهم اختاروا حياة التشرد على نعمة الثراء التي حباهم الله إياها، في حين يضم النوع الثالث اللاجئين من الحروب في بلدانهم واختاروا موريتانيا للجوء المؤقت فيها.
ويضيف أن الكثير من أسرار هذه الفئة، وصلت إلى مسامع الناس، عبر تناقل الروايات، أو من خلال ذويهم الذين يعتبرون التسول "ظاهرة منبوذة" في أوساطهم الإجتماعية.
ويروي المواطن "عبد الكريم"، نقلاً عن أحد أقاربه، أن مشرداً أصيب في حادث سير نقل على اثره إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الأولية والعلاج. مبيناً أن المصاب، رفض التسوية المالية، وقرر أن يتقدم بشكوى ضد سائق الباص الذي صدمه، إلا أن شقيقه أبلغه بأن ملكية الباص تعود إليه، إذ يمتلك أسطولاً من السيارات الأجرة.
ويروي آخر أنه استقل سيارة تاكسي ذات يوم، ونزلت منها طاعنة في السن، فأشار إلى السائق برغبته في دفع الأجرة عنها، إلا أن السائق تبسم، و قال له إنه يعمل لديها، و أنها متسولة لكنها تمتلك ثلاث سيارات للأجرة وبعض العقارات المؤجرة، موضحاً أنه مُلزم بتوصيلها كل صباح إلى المكان الذي تتسول فيه.
و لا تنتهي قصص الأثرياء المتشردين، فهم رغم غموضهم يشكلون شبكة موازية للمجتمع، تحاكي في طبيعتها منظمات "المافيا" السرية.
و قبل فترة شكلت الحكومة الموريتانية، لجنة أمنية لتسجيل كافة المتسولين في العاصمة، لإعادة تأهيلهم، وتم تخصيص سكن وراتب شهري لكل متسول من أصل 1700 متسول، إلا أنهم تسربوا من جديد إلى الشوارع، و حجتهم في ذلك أن الرواتب التي خصصت لهم، لا تساوي ربع ما يحصله أحدهم خلال يوم واحد.
وكشفت آخر الإحصائيات الرسمية في موريتانيا أن نسبة الفقر تقلصت لتصل إلى 31% من مجموع السكان ما يعادل 1.1 مليون فقير موريتاني بعد أن كانت سنة 2001 تقدر بـ51%. هذه الأرقام المرتفعة جعلت هذا البلد المغاربي يصنف ضمن البلدان الـ25 الأكثر فقرا في العالم. ووفقاً لـ(العربية.نت)، أوضح آخر تقرير صدر عن منظمة الأغذية والزراعة حول معدلات الفقر، أن 71.3% من الموريتانيين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، وحوالي 23.5% منهم يعيشون بأقل من 1.25 دولار يومياً.
" تيم لاين"