تكشف جولة في سوق السمك المعروفة محلياً في نواكشوط بـ"سوق اليابان" عن ارتفاعات متواصلة في أسعار الأسماك فضلًا عن اختفاء بعض الأصناف زهيدة السعر. وعزا بعض العاملين في السوق ذلك إلى تداعيات قانون الصيد الذي أقرته السلطات الموريتانية العام الماضي، والذي يهدف إلى توطين وظائف الصيد لمكافحة البطالة بين الشباب الموريتاني.
القانون الذي أقرته سلطات نواكشوط وأثار لغطاً في حينه يقر بمنع الأجانب من ممارسة الصيد من السفن والقوارب الموريتانية في المياه الإقليمية للبلاد. وأكدت الحكومة آنذاك على لسان المتحدث باسمها، أن "الغاية من إصدار القانون الجديد هو إعادة هيكلة قطاع الصيد؛ لمكافحة البطالة في صفوف الشباب الموريتاني".
فيما انتقد البعض ذلك القانون في حين إصداره على اعتبار أنه كانت تتم الاستعانة بصيادين أجانب، بخاصة من السنغال، لديهم خبرة أفضل ويقبلون برواتب زهيدة، وكان يتم الاعتماد بشكل كبير على رخص العمالة الأجنبية وعلى وفرة الأسماك التي يوفرها في السوق الموريتانية الصيادون السنغاليون. ومن ثم فإن معارضو القانون رأوا أن تداعياته انصرفت على أسعار الأسماك في السوق الوطنية.
وذكرت فّاتُو (بائعة سمك في سوق اليابان) أنها أضحت بعد مغادرة الصيادين السنغاليين بالكاد تحصل على هامش ربح بسبب ارتفاع الأسعار. وأضافت: أسعار بعض أنواع الأسماك ارتفعت بسبب هذه الأزمة لتصل إلى ما بين 100 و110 أوقية أي (2.84 دولاراً ـ 3.13 دولاراً). في حين اختفت من السوق بعض الأنواع رخيصة الثمن الأخرى التي عادة ما يكثر عليها الطلب عليها في الأحياء الشعبية بالعاصمة.
وأورد بائع آخر الأسباب إلى "صراع خفي بين شركات الصيد الخاصة والدولة"، زاعمًا أن "الكثير من أصحاب هذه الشركات يعارض طرد الصيادين الأجانب، ويعتبر الخطوة التي أخذتها الحكومة (قانون الصيد) ضارة بمصالحه". كما أشار إلى أن "الصيادين الأجانب لديهم خبرة أفضل ويقبلون برواتب زهيدة على عكس نظراءهم الموريتانيين".
بينما نفى مسؤول في إدارة السوق صحة تلك الأسباب التي يرددها العديد من تجار الأسماك، وقال إن "الموضوع لا يتعلق بنقص في أعداد الصيادين"، رابطا الأمر بـ"ترتيبات نظامية ولوجيستية للعاملين في قطاع الصيد، وأمور أخرى تتعلق بحالة البحر".
و تعد "سوق اليابان" أهم سوق لبيع الأسماك في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وتشهد كل صباح توافد مئات الزبائن وباعة السمك الذين يقصدونها للبحث عن صفقات مربحة.
وعلى رغم أن السوق تقع خارج العاصمة على شاطئ المحيط الأطلسي على بعد 10 كيلومترات تقريباً، إلا أن الوصول إليها لا يستغرق وقتاً طويلاً؛ إذ تتوفر خطوط نقل عامة وبأسعار تذاكر لا تتجاوز 10 أواق أي (0.28 دولارًا أميركيًا).
وكان تم بناء السوق في العام 1990 بتمويل ياباني، في إطار خطة للحكومة الموريتانية لترقية الصيد، ومنذ ذلك الوقت ينشط السوق كمكان دائم لبيع وتخزين و تصدير الأسماك.
وتعتبر فترات الصباح الباكر ووقت الظهيرة الوقت المفضل عادة لزبائن السوق، وهي أوقات يعود فيها الصيادون، ويتم خلالها عرض الكميات التي تم اصطيادها من الأسماك الطازجة. وخارج هذا التوقيت تخف حركة السوق، ويستغل الصيادون فترة الراحة لتدبير بعض شؤونهم وإصلاح قواربهم قبل التوجه إلى البحر لسحب شباكهم من جديد.
وتعتبر الشواطئ الموريتانية من أغنى شواطئ العالم من حيث أنواع الأسماك التي تصل إلى 300 نوع، وتمتد تلك الشواطئ على مسافة 755 كم. وتعتبر موريتانيا أكبر مصدر عربي للأسماك، وتستحوذ على نسبة 44 بالمئة من إجمالي الصادرات العربية للأسماك، كما تحتل المرتبة الثالثة عربيًا في انتاج الأسماك بنسبة 18 بالمئة.
شبكة حياة اجتماعية