اشتهرت موريتانيا بصناعتها التقليدية المختلفة منذ سنين، إلا أنها في السنوات الأخيرة بدأت تتكبد خسائر في الأسواق المحلية، وإهمالا من طرف مقتنيها، وذلك بسبب طوفان المنتجات الصينية الرخيصة الثمن، ويمارس الصناعات التقليدية إلا أهلها، فهم وحدهم من يملكون أسرار الحرفة، ويعرفون تاريخها الذي توارثوه أباً عن جد.. هؤلاء هم الصناع التقليديون أو "لَمْعَلْمِين"، وهم شريحة في المجتمع الموريتاني تمتهن هذه الحرفة، وتحافظ عليها وتعيش من خيراتها. وتقاوم اندثار تلك الصناعات على وقع التهديدات التي تواجهها .
وللتغلب على هذا الوضع من خلال الركود الذي شهده إنتاج المشغولات التقليدية، بفعل الأوضاع الأمنية وتراجع السياحة في البلاد، بدأت الدولة أخيراً بالتنسيق مع بعض الجمعيات الممثلة للصناع التقليديين، بإشراكهم في معارض خارج البلاد لتسويق منتجاتهم، فيما يأمل بعض الصناع التقليديين في تسهيل منحهم "قروض ميسرة" يستطيعون من خلالها التغلب على الأزمات التي تواجه المهنة وتهددها بالاندثار.
يقول محمد يسلم (أحد العاملين بالصناعات التقليدية): إن الصناع التقليديين "كانوا و مازالوا يحافظون على تراث أجدادهم، لكن معاناتهم اليوم تتزايد في ضوء الأوضاع الراهنة". بينما يعتقد محمد الأمين (صانع تقليدي) بأن "إنقاذ هذه الحرفة لا يبدو بعيد المنال؛ لأن مستقبل الصناعة التقليدية مستقبل واعد"، مؤكدا أن "الحل يتطلب تكاتف جميع الجهود؛ لدعم المنتج المحلي الذي يمكنه أن ينافس المنتجات العربية والأوروبية".
وتنتشر محلات صياغة الذهب و متاجر بيع التحف والمشغولات اليدوية في المدن والقرى الموريتانية كافة، حيث يحافظ الصناع التقليديون حتى اليوم على مزاولة هذه الحرفة دون غيرهم، ويستخدم بعضهم الإنترنت مستفيداً من وسائل التواصل السريعة لتسويق منتجاتهم من خلال عرضها على الجمهور بأسعار تتفاوت حسب نوع التحف والمشغولات اليدوية، تتراوح بين 2 دولاراً أمريكياً و 70 دولاراً.
وتعاني الصناعات التقليدية في موريتانيا من ابتعاد الأجيال الجديدة عن ممارسة تلك المهنة، فكثيرٌ من الشباب لا يسيرون على درب الآباء والأجداد في الاهتمام بتلك المهنة التي اشتهرت بها موريتانيا بصورة كبيرة على مدار تاريخها.وكانت موريتانيا تشتهر بالعديد من الصناعات التقليدية، من أبرزها: السجاد والفخار والحصير وصناعات الغزل والنسيج والأواني والمسلتزمات المنزلية والحلي والخيم التراثية، وتقوم المرأة الموريتانية بدور كبير في تلك الحرف التقليدية.
وحدد مدير مؤسسة التوفيق للصناعة التقليدية والتراثية الأهلية محمد ولد محمد الطالب –في تصريحات سابقة له- أبرز الأدوات التي يمكن من خلالها إنقاذ الصناعة التقليدية في موريتانيا، ومنها تشجيع الشباب في موريتانيا على العمل في تلك المهن، إضافة إلى تشجيع الاستثمار في تلك الحرف باعتباره استثمار ناجح، ويمكن من خلال ذلك الحد من نسبة البطالة وتطوير النشاط السياحي".ومن بين الحلول أيضًا التي أوردها الطالب في تصريحاته ما يتعلق بـ "ضخ أموال لخدمة القطاع، والعمل على الترويج لتلك المهن بشكل واسع في ضوء ما تواجهه من تهديدات ومخاطر".
نقلا عن المصدر " شبكة حياة اجتماعية"