قوبلت معايير حددتها اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الخاصة الموريتانية، الأحد بانتقادات واسعة من طرف مواقع واتحادات إعلامية موريتانية مستقلة اعتبرتها «تضييقا وترهيبا للصحافيين».
وكانت اللجنة قد أعلنت «أنها ستحرم من الدعم كل مؤسسة أو هيئة تنشر أو ترعى إساءة للمقدسات الدينية أو الرموز الوطنية أو تبث خطابا متطرفا أو تنشر ما يهدد السلم الأهلي أو الحوزة الترابية أو تسرب أسرارا عسكرية للدولة أو تنشر قذفا أو سبا شخصيا لرئيس الجمهورية أو رجال القضاء أو أعضاء الحكومة أو القيادات العسكرية والأمنية أو رئيس وأعضاء السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية أو أعضاء اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الموريتانية الخاصة».
كما أكدت أنها «ستمنع كذلك كل مؤسسة إعلامية تقوم بنشر يهدف إلى التأثير أو التشويش على سير أو نتائج أعمال القضاء أو السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية أو اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق الدعم العمومي للصحافة الموريتانية الخاصة».
وأكدت اللجنة «أنها ستطبق أحكام هذه المادة خلال كامل مأموريتها»، مشيرة إلى «أن هذه الإجراءات ستشمل فقط التصرفات اللاحقة على نشر بيانها الحالي».
واعترضت نقابة الصحافيين الموريتانيين واتحاد الصحافة الإلكترونية وشبكة الصحافيات الموريتانيات وتجمع الناشرين الموريتانيين، على المعايير التي حددتها اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الخاصة الموريتانية.
وأكدت الاتحادات والنقابات المعترضة في بيان وزعته الأحد «أن الحقل الإعلامي فوجئ لبيان موقع باسم رئيس لجنة توزيع صندوق دعم الصحافة الخاصة لسنة 2017، لما حمله في طياته من ترهيب الصحافيين وتخويف الهيئات والمؤسسات الإعلامية ووضع الكثير من العراقيل والقيود كشروط لاستفادتها من الدعم العمومي للصحافة الخاصة».
وأضافت الهيئات المعترضة «أنه تأسيسا على قانون الصحافة في موريتانيا الذي يضمن الحريات الإعلامية، وبعد الاطلاع على مقتضيات القانون 024 /2011 وترتيبات المرسوم 156/2011 المنشئ للجنة توزيع صندوق دعم الصحافة الخاصة فمن الواضح بأن الأخيرة قد تجاوزت كل الحدود وأقحمت نفسها فيما لا يعنيها، لأن المحاسبة على النشر من اختصاص القضاء حصرا، فمنذ 2006 انتقلت الرقابة إلى القضاء وأصبحت بعدية، ولم يعد يحق قانونيا لأية جهة أخرى حق رقابة ما ينشر في الإعلام».
«وأما ربط اللجنة، يضيف البيان، لدعم أية هيئة أو مؤسسة إعلامية بما تنشر فهو فقط، نوع من الابتزاز».
«وانطلاقا من ذلك، وفي ظل الخرق السافر لقانون الصحافة فإن الموقعين أسفله يسجلون رفضهم التام للتضييق على الصحافيين ومؤسساتهم الإعلامية من خلال ربط دعمهم المادي بالتدخل في خطهم التحريري».
ودعت الهيئات الموقعة على بيان الاعتراض إلى «وضع معايير شفافة ونزيهة لاختيار ممثلي الصحافة في لجنة توزيع دعم الصحافة الخاصة، واختيار أصحاب الكفاءة والتجربة من الصحافيين المهنيين المعروفين بالاستقامة والنزاهة»، مسجلين «تحفظهم على أي تمثيل يقصي أبرز الهيئات الصحافية الفاعلة من لجنة تسيير الدعم».
وشددت الهيئات المعترضة على «تمسكها بحقها في اتخاذ الإجراءات المناسبة للوقوف في وجه أي مسار لا يخدم المصلحة العامة للصحافيين أو نهج يرسخ أو يسعى إلى التضييق على الحريات الإعلامية التي تعتبرها مكسبا مهما حققته هذه البلاد في السنوات الأخيرة.»
وقد أثارت المعايير التي حددتها اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الخاصة الموريتانية، اعتراض اثنتين وأربعين هيئة إعلامية من أعرق المؤسسات الإعلامية المستقلة في موريتانيا.
وأكدت هذه الهيئات في بيان وزع أمس «أن الإعلام الموريتاني، حقق، برغم كل ما قيل ويقال، إحدى الصور المضيئة في هذه الربوع، وهو من المجالات التي تنال البلاد فيها تصنيفا متقدما ضمن التقارير الدولية المتخصصة في المجال، ومن المفروغ منه أن هذه الصورة كان للجميع الدور الأبرز في الوصول إليها، وعملت أجيال على بنائها خلال العقود الماضية، كما أن المحافظة عليها مسؤولية الجميع، وواجبه».
«وبرغم كثرة التحديات التي واجهت وتواجه هذا التجربة الفتية، تضيف الهيئات الإعلامية الموريتانية المعترضة على معايير الاستفادة، إلا أنها أثبتت في عدة محطات أنها قادرة على كسب الرهان كل مرة، وعلى تجاوز العقبات والصعاب التي تعترضها، وتحويل محنها إلى منح، وتحدياتها إلى مكاسب، وقهر كل الظروف لضمان الحد المقبول من تجربة إعلامية تستحق أن تستمر، ولها القدرة على ذلك.»
وأكدت الهيئات «تشبثها بضرورة احترام المؤسسات الإعلامية للقوانين، وقواعد المهنية، وضوابط الأخلاقيات الصحافية، كما تؤكد تجديدها للمطالبة بزيادة الدعم العمومي، وتسريع وتيرة قانون الإشهار، وتطبيقها بشكل واضح».
وشددت المؤسسات في بيانها «على رفضها للبيان الأول للجنة دعم الصندوق خاصة في فقرته التي تقيد حرية الصحافي وتضع شروطا غير مهنية ولا قانونية للنشر، كما دعت «إلى التريث في التعاطي مع الصندوق لهذا العام لحين التوصل إلى حل للأزمة القائمة حاليا»، معلنة «استعدادها للعمل بكل الطرق من أجل ضمان شفافية التمويل الذي يقدمه دافع الضرائب الموريتاني لدعم الإعلام في البلاد».
وعكسا لهذا التوجه وفي إطار هذا السجال، أكدت اثنتا عشرة هيئة صحافية مستقلة أخرى «ترحيبها بالضوابط التي حددتها اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الخاصة الموريتانية لكونها تستهدف تمهين المؤسسات وإرساء الأخلاقيات الصحافية أمام تيار جارف من استسهال السب والقذف والتجريح، والتطاول على جميع الرموز الدينية وثوابت الأمة والمجتمع والدولة، واستساغة الولوغ في الأعراض المحصنة شرعا وقانونا».
ورحبت الهيئات الإعلامية المذكورة «بقرار اللجنة تفعيل دوراتها على مدار العام، بعد أن كانت محصورة في دورة يتيمة، تطبيقا للقانون، وفتحا للمجال أمام أكبر استفادة ممكنة للمؤسسات الصحافية من الدعم».
«القدس العربي»