وثائق أمريكية سرية تكشف الحل الفيدرالي الذي طرحته واشنطن لملف الصحراء الغربية

4 نوفمبر, 2017 - 15:49

كشفت وثائق سرية للمخابرات الأميركية رفعت عنها السرية مؤخرًا، أسرارًا دقيقة حول كيفية نجاح الجزائر في تحويل المسيرة الخضراء من ملحمة سلمية لإنهاء ملف استعماري قديم في جنوب المغرب، إلى بداية حرب طاحنة سحقت الكثير من أرواح وثروات المنطقة.

فيما يحمل تقريران سريان جديدان تحت أضواء العلنية، حقيقة المواقف والأدوار الأميركية في هذا الملف، والتي انتهت إلى اقتناع واشنطن بكون الحل الفيدرالي في إطار السيادة المغربية هو الحل الأمثل لإنهاء هذا النزاع. موقف جاء بعد تطوّر تدريجي في الموقف الأميركي، حيث كان في بدايات النزاع أقرب إلى الموقف الأميركي، ثم انتقل في بداية الثمانينيات إلى ترجيح الخيار الانفصالي، قبل أن يعود إلى اعتماد فكرة الفيدرالية.
وثيقة أميركية جرى نشرها خلال العام الحالي، عبارة عن تقرير من عشرين صفحة، مؤرخ في مارس 1981، تدرس قابلية دولة مستقلة في الصحراء للحياة، والتوجهات السياسية التي سوف تتخذها في حال إحداثها. التقرير الذي يكشف "مراجعات" الإدارة الأميركية في موقفها الخاص بالصحراء، ينطلق من خلاصة أميركية تم التوصل إليها حينها، مفادها أن أيا من الطرفين لا يستطيع حسم المعركة بشكل نهائي لصالحه، رغم التقدم الذي حققه المغرب في الحرب.
وينطلق معدو الوثيقة من أن المواجهة قد تنتهي بإحداث دولة جديدة، فوق كامل تراب الصحراء أو جزء منه، أو بانضمام جبهة البوليساريو إلى موريتانيا في دولة فيدرالية، والتقرير قال إن أي كيان مستقل تتم إقامته في الصحراء، سيكون في حاجة إلى المساعدات الخارجية لشراء حاجياته من الغذاء والمحروقات. 
ودولة بكامل تراب الصحراء، أي بما فيه منطقة بوكراع، يحتمل أن تحقق اكتفاءها الذاتي، لكنها ستحتاج إلى دعم خارجي كبير، اقتصادي وتجاري وتقني وتدبيري، حتى تتمكن من إصلاح ما دمرته الحرب في الصناعة الفوسفاطية. أما دولة لا تتضمن منطقة بوكراع، فمن المستبعد أن تكون قابلة للحياة اقتصاديا، وحجم الدعم الخارجي الذي يمكن أن تحصل عليه سيتقلص تدريجيا، بفعل استغلال الخامات المعدنية وتطوير الصناعة المرتبطة بالأسماك.
أما في حالة انضمام البوليساريو إلى موريتانيا في إطار فيدرالية، فالتقرير يتوقع أن يؤدي ذلك إلى تأسيس نظام "قومي تقدمي، بالنظر إلى تقاسم هذه المرجعية بين قيادتي الطرفين، أي البوليساريو والرئيس الموريتاني حينها، ولد هيدالة، بل إن هذا الأخير سيستفيد، حسب الوثيقة الأميركية، بضم ممثلين من البوليساريو إلى حكومته، حيث ستصبح كفته راجحة ضد خصومه السياسيين الموريتانيين.
التقرير حرص على التأكيد أنه وبدون ضم منطقة بوكراع الفوسفاطية، فإن دولة موريتانية فيدرالية مع البوليساريو، ستكون أضعف من موريتانيا القائمة حينها، "وستكون مرتهنة بشكل كبير إلى المساعدات الخارجية".
الدفعة الجديدة من الوثائق الأميركية المنشورة، تكشف كيف كان ملف الصحراء يمضي مباشرة في اتجاه حلّ ثلاثي، مغربي إسباني موريتاني، يفضي في النهاية إلى تقاسم السيادة على الصحراء بين المغرب وموريتانيا، وتوثيق ذلك في اتفاق مباشر يحسم الوضع بشكل نهائي، لكن الدور الجزائري، وهو المدعوم نسبيا من الاتحاد السوفياتي، كان حاسمًا في دفع القوى الدولية إلى كبح جماع هذا المسار، والاستجابة للمطلب الجزائري المتمثل في ترك الملف مفتوحا تحت مظلة الأمم المتحدة، بدعوى ضرورة سلك مسطرة تقرير المصير.

لقراءة المحتوى في مصدره اضغط هنا