القدس (أ ف ب) – يتحدث محللون ومسؤولون اسرائيليون عن تنسيق وتقدم في العلاقات بين دول عربية واسرائيل، ويتوقعون ان يظهر بعضها، لا سيما مع دول الخليج، بشكل مضطرد الى العلن، على قاعدة ان ما يجمع الطرفين هو العداء المشترك لايران.
وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في السادس من أيلول/سبتمبر ان هناك تعاونا على مختلف المستويات مع دول عربية لا توجد بينها وبين اسرائيل اتفاقات سلام، موضحا ان هذه الاتصالات تجري بصورة غير معلنة، وهي أوسع نطاقا من تلك التي جرت في اي حقبة سابقة من تاريخ اسرائيل.
وقد تؤشر مسارعة كل من المملكة العربية السعودية واسرائيل أخيرا الى الترحيب برفض الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاقرار بالتزام ايران بالاتفاق النووي وفرضه عقوبات جديدة عليها، الى التقاء المصالح هذا.
وتوقف نتانياهو قبل ايام عند هذا الموضوع، قائلا “عندما تكون لاسرائيل والدول العربية الرئيسية رؤية واحدة، لا بدّ من التنبّه، هذا يعني ان هناك شيئا مهما يحصل”.
ويقول وزير الاتصالات في حكومة نتانياهو أيوب قرا، وهو عربي درزي وعضو في الكنيست عن حزب الليكود، لوكالة فرانس برس ان هناك عددا كبيرا من الدول العربية “تربطها علاقات باسرائيل بشكل او بآخر، تبدأ من مصر والاردن (المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع الدولة العبرية) وتشمل السعودية ودول الخليج وشمال افريقيا وقسما من العراق.. وتشترك هذه الدول مع اسرائيل في الخشية من ايران”.
كما يشير الى روابط تكنولوجية وفي مجالات تحلية مياه البحر والزراعة.
ويرى “ان أغلب دول الخليج مهيئة لعلاقات دبلوماسية مكشوفة مع اسرائيل، لأنها تشعر انها مهددة من ايران وليس من اسرائيل”.
لكنه يضيف ان “العلاقات بين الائتلاف السعودي السني واسرائيل تحت الرادار. ليست علنية، بسبب ثقافة شرق أوسطية حساسة” في هذا الموضوع.
في الدول العربية المعنية حيث الشعوب تكن بغالبيتها عداء مزمنا لاسرائيل، لا تعليق على هذا الموضوع، كما لا تأكيدات علنية لهذه الروابط والعلاقات، إن وجدت.
– تشجيع أميركي –
ويقول البروفسور عوزي رابي المتخصص في الشؤون السعودية والمحاضر بجامعة تل ابيب “منذ تولي الرئيس الاميركي دونالد ترامب السلطة، وزيارته الى الرياض في أيار/مايو (التي تلتها زيارة الى اسرائيل)، حصل دفع لعلاقات ولقاءات بين الاسرائيلين والسعوديين وعمل على التعاون”.
ويضيف “هناك الآن سعوديون يلتقون اسرائيليين في كل مكان، هناك علاقات وظائفية مبنية على مصالح مشتركة بين اسرائيل والسعودية مثل العداء المشترك لايران وداعش”.
وذكرت الاذاعة الاسرائيلية الرسمية الناطقة باللغة العربية في السابع من ايلول/سبتمبر “ان أميرا من البلاط الملكي السعودي زار البلاد سرا… وبحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين فكرة دفع السلام الإقليمي الى الامام”.
وأكد مسؤول اسرائيلي رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس ان المسؤول السعودي هو “ولي العهد الامير محمد بن سلمان”. كما اكد الصحافي الاسرائيلي ارييل كهانا الذي يعمل في أسبوعية “ماكور ريشون” (المصدر الاول) اليمينية القومية في تغريدة على موقع “تويتر” في أيلول/سبتمبر، ان بن سلمان “زار اسرائيل مع وفد رسمي والتقى مسؤولين”.
وكان ترامب أشار لدى وصوله الى اسرائيل بعد زيارته الى الرياض، الى انه لمس “شعورا ايجابيا” لدى السعوديين تجاه اسرائيل.
ويؤكد قرا ان ترامب أثار معه خلال زيارته الى اسرائيل فكرة عقد “قمة تجمع اسرائيل مع الدول العربية في واشنطن”.
ويقول الدكتور غيل ميروم المتخصص بموضوع الحكومات والعلاقات الدولية في جامعة سيدني ان العلاقات السعودية الاسرائيلية “تعود الى مطلع الثمانينات، إذ كانت تربط الملياردير السعودي عدنان الخاشقجي علاقات جيدة مع وزير الدفاع ارييل شارون آنذاك”. ويضيف “تناولت الصحف الاسرائيلية أخبار هذه اللقاءات في ذلك الوقت”.
لكن في المرحلة الحالية، يقتصر الحديث عن هذه العلاقات والاتصالات على الجانب الاسرائيلي الذي لطالما وجد مصلحة له في الترويج لتقارب مع العرب لاسباب عديدة، لعل ابرزها إضعاف موقف الفلسطينيين في التفاوض مع الدولة العبرية.
وكشف وزير الدفاع الاسرائيلي السابق موشي يعالون في حزيران /يونيو الماضي انه شارك في قمة سرية مع دول عربية معتدلة بالعقبة بالاردن قبل عام ونصف. وكان بين المشاركين، الى جانب بنيامين نتانياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الاردن عبد الله الثاني ووزير الخارجية الاميركي آنذاك جون كيري، مسؤولون عرب آخرون.
وقال يعالون “يوجد معسكر سني يجد نفسه بسفينة واحدة معنا”، مؤكدا ان المجتمعين لم يبدوا اهتماما بالقضية الفلسطينية.
ويرى كريستيان اولريشسن الخبير في شؤون الخليج في معهد “بايكر” للسياسات العامة التابع لجامعة “رايس″ الأميركية، ان اقامة علاقات “دبلوماسية او رسمية” بين اسرائيل ودول الخليج “لن تحصل في غياب اختراق كبير في الموضوع الفلسطيني”، لكنه يتوقع “ان تصبح الروابط الاقتصادية والامنية أكثر انفتاحا خلال الاشهر والسنوات المقبلة”.
ويشير الى احتمال “حصول خطوات على طريق فتح مكاتب تجارية اسرائيلية في دول خليجية عدة، او زيارات وفود في محاولة لجس نبض الراي العام”.
لكنه يرى ان “تضافر المصالح لا يعني تلاقي القيم، وقد يستخدم قادة الخليج مثل هذه الزيارات كبالونات اختبار للتأكد من ردود الفعل” بين شعوبهم.