حلب ـ (أ ف ب) – خسرت الفصائل المعارضة الاثنين كامل القطاع الشمالي من الاحياء الشرقية في مدينة حلب، ثاني المدن السورية، اثر تقدم سريع أحرزته قوات النظام وحلفاؤها، فيما فر آلاف السكان من منطقة المعارك.
وتشكل سيطرة قوات النظام على عدد من الاحياء الشرقية، واحدا تلو الاخر، منذ يوم السبت، خسارة هي الاكبر للفصائل المقاتلة المعارضة للنظام منذ سيطرتها على الاحياء الشرقية في 2012، بحسب ما يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن.
في المقابل، ستكون بلا شك، من أكبر انتصارات النظام الذي استعاد المبادرة على الارض في سوريا منذ أكثر من سنة، بعد بدء التدخل العسكري الروسي لصالحه، وفي ظل عجز دولي كامل إزاء إيجاد حلول للنزاع المستمر منذ اكثر من خمس سنوات.
ويرى الخبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن للابحاث فابريس بالانش ان سيطرة النظام على حلب “ستشكل نقطة تحول” في مسار الحرب في سوريا، اذ ستسمح للنظام “بالسيطرة على دمشق وحمص وحماة (وسط) واللاذقية (غرب) وحلب (شمال)، اي المدن الخمس الكبرى”.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “خسرت الفصائل المعارضة كامل القسم الشمالي من الاحياء الشرقية بعد سيطرة قوات النظام على احياء الحيدرية والصاخور والشيخ خضر، وسيطرة المقاتلين الاكراد على حي الشيخ فارس″.
ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” عن مصدر عسكري ان “وحدات من الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة نفذت خلال الساعات الماضية عمليات نوعية ودقيقة على تجمعات وبؤر التنظيمات الارهابية في الاحياء الشرقية لمدينة حلب وأعادت الامن والاستقرار بشكل كامل الى حيي الحيدرية والصاخور”.
وتقدمت قوات النظام منذ ليل السبت بسرعة في الاحياء الشمالية الشرقية انطلاقا من حي مساكن هنانو، الحي الاول الذي سيطرت عليه الفصائل المعارضة في صيف العام 2012 وأكبرها مساحة.
واستغل المقاتلون الاكراد، وفق المرصد، المعارك بين طرفي النزاع للتقدم والاستيلاء على احياء بستان الباشا والهلك التحتاني امس والشيخ فارس الاثنين، التي كانت ايضا تحت سيطرة الفصائل.
ويتهم مقاتلو المعارضة الاكراد بالوقوف الى جانب النظام في النزاع الجاري.
– آلاف من الفارين –
ودفعت المعارك الالاف من المدنيين للفرار الى مناطق سيطرة النظام، او الى حي الشيخ مقصود حيث المقاتلون الاكراد. كما وصلت مئات العائلات الى جنوب الاحياء الشرقية التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
وفر اكثر من عشرة الاف مدني بينهم ستة الاف الى حي الشيخ مقصود واربعة الاف الى مناطق سيطرة قوات النظام، وفق المرصد.
وهي المرة الاولى، بحسب المرصد، التي ينزح فيها هذا العدد من السكان من شرق حلب منذ 2012، حين انقسمت المدينة بين احياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام.
وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس عشرات العائلات معظم افرادها من النساء والاطفال، تصل تباعا سيرا على الاقدام الى حي جنوبي.
وقال انهم وصلوا وهم يعانون من الارهاق والبرد الشديد والجوع، حتى ان بعضهم ليس بحوزته المال لشراء الطعام.
وعمل اهالي الحي على ايوائهم في منازل خالية من سكانها وتبرعوا لهم بالاغطية والبطانيات.
وتعد مدينة حلب الجبهة الابرز في النزاع السوري والاكثر تضررا منه.
ومنذ بدء الهجوم الاخير لقوات النظام على شرق حلب منتصف الشهر الحالي، أحصى المرصد مقتل 225 مدنيا بينهم 27 طفلا جراء القصف والغارات، فيما قتل 27 مدنيا بينهم 11 طفلا في غرب المدينة جراء قذائف الفصائل.
– “اكبر هزيمة للفصائل” –
وبحسب المرصد، يأتي التقدم السريع لقوات النظام “نتيجة خطة عسكرية اتبعتها في هجومها وتقضي بفتح جبهات عدة في وقت واحد، بهدف اضعاف مقاتلي الفصائل وتشتيت قواهم”.
واستأنفت قوات النظام في 15 تشرين الثاني/نوفمبر حملة عسكرية عنيفة ضد الاحياء الشرقية، تخللها هجوم ميداني على اكثر من جبهة وغارات كثيفة على مناطق الاشتباك والاحياء السكنية.
ووصفت صحيفة “الوطن” السورية القريبة من دمشق إنجازات الجيش ميدانيا بـ”الاستثنائية”. وذكرت في عددها الاثنين انه بعد “تقطيع اوصال الاحياء الشرقية في حلب الى شطرين”، فإنه في الشطر الثاني “جاري العمل على تقسيمه إلى قطاعات أمنية يسهل السيطرة عليها تباعاً” تمهيدا لدفع المقاتلين “إلى تسليم أنفسهم في زمن بدا أنه أقصر مما كان متوقعاً أو القبول بالمصالحات الوطنية وفق شروط الدولة السورية”.
وتخوض قوات النظام حاليا معارك عنيفة في حيي الشيخ سعيد والشيخ لطفي.
وحتى بدء الهجوم، كان يعيش اكثر من 250 الف مدني في الاحياء الشرقية في ظروف صعبة نتيجة حصار بدأته قوات النظام قبل حوالى اربعة اشهر. ودخلت آخر قافلة مساعدات إنسانية الى مناطقهم في تموز/يوليو الماضي.
وتعكس اشرطة الفيديو والصور التي التقطت خلال الايام الاخيرة في الاحياء الشرقية دمارا واسعا، فيما يتحدث المراسلون عن انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي والانترنت.
في العالم، هناك صمت شبه تام منذ يومين ازاء التطورات الميدانية المتسارعة. ومن شأن خسارة المعارضة لحلب ان تشكل خسارة أيضا للدول الداعمة للمعارضة، وبينها السعودية ودول غربية، وان تقوي المحور الداعم للنظام، اي روسيا وايران.