“إرهاب الحرائق” والعجز عن إخماد النيران: نتنياهو ووزراؤه يقودون أشرس عملية تحريض ضدّ عرب الـ48

25 نوفمبر, 2016 - 11:19

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
المُتابع للشأن الإسرائيليّ يُواكب في هذه الأيّام أشرس حملة تحريض يشّنها قادة تل أبيب وإعلامهم المُتطوّع ضدّ الفلسطينيين في مناطق الـ48، ولا مُجافاة للحقيقة القول إنّ ألسنة التحريض باتت أعلى من ألسنة النيران التي تشتعل داخل ما يُسّمى بالخّط الأخضر، فقد ركّز الإعلام العبريّ، المقروء، المسموع والمرئيّ على عنوانين اثنين: “انتفاضة إشعال النيران”، و”إرهاب الحرائق”.
ويتساءل مُراقبون: هل هذه الحملة، التي يقودها بطبيعة الحال رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، جاءت للتغطية على تورطّه في فضيحة شراء الغواصّات من ألمانيا؟ وفي هذه العُجالة يكفي التذكير بأنّ مُواطنًا إسرائيليًا من مدينة زخرون-يعقوف، المتاخمة لحيفا، والتي تعرّضت لحريقٍ كبيرٍ، صرخ أمام عدسات التلفزيون: أين الإطفاء؟ نتنياهو يملك الأموال لشراء الغواصّات، أين الميزانيات لإطفاء الحرائق؟
أمّا السؤال الثاني، الذي يُطرح وبقوّةٍ: هل هدف الحملة المُكثّفة التغطية على العجز الإسرائيليّ في إخماد الحرائق؟ السؤال الثالث، يتعلّق بـ”حرب لبنان الثالثة”: وهو الأمر الذي طُرح في القناة العاشرة بالتلفزيون العبريّ: ماذا سيحدث في الداخل الإسرائيليّ فيما لو، لا سمح الله، قام حزب الله اللبنانيّ بقصف خليج حيفا، كما توعّد أمينه العّام، السيّد حسن نصر الله، علمًا أنّ تقريرًا رسميًا إسرائيليًا، عُرض على الكنيست أوّل من أمس، شدّدّ على أنّ قيام حزب الله بقصف منشآت (الأمونيا) في خليج حيفا سيُوقع 17 ألف قتيلاً من الإسرائيليين، وهو الرقم الذي يفوق عدد القتلى الإسرائيليين الذين قضوا في جميع حروب إسرائيل، كما قال النائب يائير لبيد، رئيس حزب (يش عتيد).
إذن مع استمرار الحرائق وامتدادها في ظلّ عجز أطقم الإطفاء الإسرائيليّة عن السيطرة عليها، اضطرت حكومة نتنياهو إلى طلب مساعدةٍ دوليّةٍ من روسيا وقبرص واليونان وإيطاليا وفرنسا، وبالنسبة لتركيّا، فقد أكّدت الإذاعة الإسرائيليّة الرسميّة باللغة العبريّة، أكّدت أنّ تل أبيب لم تطلب من أنقرة المُساعدة، بل إنّ الأخيرة عرضت على الدولة العبريّة المُساعدة فوافقت عليها، لافتةً إلى أنّ الخطوة التركيّة تندرج في إطار خطوات إعادة بناء الثقة بين الدولتين.
وبحسب المصادر الإسرائيليّة، قد وصلت الليلة الماضية 12 طائرة إطفاء كل منها محملة بعشرة أطنان من المواد المثبطة للاشتعال. كذلك طلبت إسرائيل في وقت متأخر أمس من إسبانيا والبرتغال والولايات المتحدة إرسال طائراتها للمساعدة، لذا من المتوقع أنْ تصل طائرة “سوبرتانكير” الأمريكيّة، التي شاركت في إخماد حريق الكرمل عام 2010، وهي قادرة على حمل حوالي 90 طنًا من المواد المانعة للاشتعال.
في أعقاب ذلك، استغلّ وزراء إسرائيليون عجز حكومتهم عن السيطرة على الحرائق، وفشلها في استخلاص العبر من حريق الكرمل، لشنّ الحملة ضد فلسطينيي الداخل واتهامهم بإشعال الحرائق عن سبق الإصرار والترصّد.
نتنياهو، كان أوّل من وجّه الاتهّام خلال زيارته غرفة عمليات مواجهة الحريق، وتبعه وزير التعليم ورئيس حزب “البيت اليهودي”، الذي قال: فقط مَنْ لا ينتمي إلى هذه البلاد قادر على إحراقها، في إشارةٍ واضحةٍ إلى السكان الأصليين من فلسطينيي الداخل. أمّا وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، فقال إنّ نصف الحرائق التي اندلعت في البلاد سببها إضرام نارٍ متعمدٍ، بحسب تعبيره.
ولإضفاء الخلفية الـ”قوميّة” على “تورّط” فلسطينيي الداخل، أشار اليوم صباحًا مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليكس فيشمان، نقلاً عن مصادر أمنيةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، أشار إلى أنّ مُشاركة جهاز الأمن العّام (الشاباك) في التحقيق تؤكّد على وجود خلفيّةٍ قوميّةٍ للحرائق، بحسب تعبيره.
إلى ذلك، أدان رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، حملة التحريض الدموية التي يقودها نتنياهو، ووزراؤه وعدد من المسؤولين، ضد فلسطينيي الداخل باتهام العرب بشكل مباشر أوْ غير مباشر، بأنّهم يقفون من وراء الحرائق. وقال إنّ نتنياهو يستغل كل مناسبة لتأليب الشارع الإسرائيليّ وتحريضه ضدّ العرب، من منطلقات عنصرية. وبموازاة ذلك، من أجل غضّ البصر عن تقصير حكومته بالاستعداد للحرائق الموسمية.
وتابع بركة في بيان لوسائل الإعلام، إنّ جماهيرنا العربية لن تكون في موقع الدفاع عن النفس، بل هي من تتهم وتدين نتنياهو بعنصريته وقصوراته، فهي صاحبة البلاد والوطن: هي الكرمل، وجبال القدس، هي الوطن بسهوله وأشجاره، ولن ترضى له أن يحترق.
وندد بركة بانضمام عددٍ من وسائل الإعلام العبرية المركزيّة إلى حملة التحريض، وشدّدّ على أنّ المسعى الإسرائيليّ الرسميّ لوصم شعبنا إنمّا هي محاولات ساقطة وخطيرة لإلصاق تهمة أيّ سيء في البلاد بالجماهير العربية، وهو ذات النهج الذي سارت عليه أخطر الأنظمة الفاشيّة والعنصريّة التي عرفها التاريخ الحديث.
واختتم قائلاً إنّه يُحيي رؤساء البلديات والمجالس المحليّة العربيّة الذين أبدوا استعدادًا لاستضافة أيّ مواطن طال الحريق بيته أوْ محيطه، بحسب تعبيره.