انتقلت موريتانيا، في أقل من ست سنوات، من مرحلة العجز الكهربائي إلى تصدير هذه الطاقة، بعد الأهمية الكبيرة التي أولتها الحكومة لإعادة هيكلة القطاع، غير أن أزمات انقطاع التيار الكهربائي عن العاصمة والمدن الكبرى لا تزال قائمة، ما يثير تناقضا بين الطفرة المحققة في الإنتاج لحد التصدير وبين العجز عن تلبية الطلب الداخلي.
وحققت موريتانيا فائضا في إنتاج الكهرباء، وأصبحت بين أكبر الفاعلين في هذا القطاع بمنطقة الساحل الأفريقي. وفي عام 2009 بلغت القدرة الإنتاجية المركبة 48 ميغاوات، في حين كان الطلب يتجاوز 70 ميغاوات. وفي عام 2015 ارتفعت القدرة الإنتاجية إلى 480 ميغاوات، في حين بلغ الطلب 100 ميغاوات.
ولايزال الإنتاج يعتمد في معظمه على المحروقات المستوردة، فيما تأمل الحكومة أن ترفع مشاريع الطاقات المتجددة التي يتم إنجازها حاليا من مستوى الإنتاج مع تخفيض التكلفة. وحسب استراتيجية وزارة الطاقة والنفط، فإن الطاقات المتجددة ستساهم في نسبة تزيد عن 40% من إنتاج الكهرباء عام 2020.
انقطاعات التيار
رغم أن موريتانيا حققت تقدما في مجال إنتاج الطاقة بفضل المخطط الرئيس الذي اعتمد سنة 2012، لا يزال المواطنون يعانون من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي حتى في العاصمة نواكشوط والمدن الرئيسية، مما يثير تساؤلات حول أسباب هذه الانقطاعات، رغم أن الإنتاج يفوق احتياجات السكان بأكثر من ثلاثة أضعاف.
ويطالب الموريتانيون بتوفير الطاقة الكهربائية لكافة مدن وقرى البلاد قبل التفكير في تصديرها إلى البلدان الأخرى، فضلا عن مطالب بخفض أسعار الكهرباء.
ويرى المهندس الكهربائي أحمدو ولد سيدي المختار، أن انقطاعات التيار في موريتانيا لا ترجع إلى نقص في الإنتاج، بل إلى انتشار الفساد المالي والإداري وعدم تطبيق مبدأ الشفافية في تسيير القطاع.
ودعا المختار إلى وضع برنامج جديد لدعم نظام نقل الكهرباء على مستوى العاصمة نواكشوط والمدن الرئيسية لمواكبة التمدد الذي تشهده هذه المدن والزيادة المضطردة في استهلاك الكهرباء، والبدء في خطط لتحسين جودة واستمرارية الخدمة وتقليل فترات انقطاع التيار الكهربائي.
وأشار في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن تسيير المنظومة الكهربائية لا يزال يُنفذ يدويا، حيث لم يكتمل إلى الآن بناء مركز التحكم، كما لم يتم استغلال البنية التحتية التي تم إنجازها في السنوات الأخيرة بشكل يمكّن من ربط أكبر عدد من القرى بالشبكة الكهربائية.
وتم تشييد عدة محطات كهربائية، خلال السنوات القليلة الماضية، كان لها الفضل في زيادة القدرات الإنتاجية بشكل كبير، منها محطة عرفات 2 ومحطة المرفأ والمحطة الشمسية "الشيخ زايد" والمحطة الكهرومائية ومحطة نواكشوط الهوائية ومحطة نواكشوط المزدوجة وتوسعة محطة نواذيبو، إضافة إلى تقوية عدد من المحطات التي كانت موجودة بالفعل.
تصدير الكهرباء
وبدأت موريتانيا تصدير جزء من فوائض الطاقة الكهربائية إلى السنغال، حيث وفرت لها نحو 80 ميغاوات العام الماضي، وهي قدرات رُفعت العام الجاري 2016، إلى حدود مائة ميغاوات. وتسعى موريتانيا إلى زيادة هذه القوة إلى 130 ميغاوات العام المقبل.
ويرى مهندسون مختصون في مجال إنتاج ونقل الطاقة الكهربائية، إن بإمكان موريتانيا تحقيق طفرة في إنتاج الكهرباء وتصديرها للدول الأفريقية إذا توفرت الظروف الفنية الملائمة لنقل كميات كبيرة من الطاقة، عبر إنشاء خطوط الربط الكهربائي بين موريتانيا والدول المستوردة.
وتلقت موريتانيا عدة طلبات من دول أفريقية لتصدير الكهرباء إليها، من بينها مالي التي وقّعت معها اتفاقا يتم بموجبه بيع الكهرباء التي سيتم إنتاجها من محطة توليد تستغل حقل غاز بحريا قبالة شواطئ نواكشوط.
وسيتم إنتاج الكهرباء من حقل "باندا" بحدود 180 ميغاوات بداية العام المقبل، على أن يرتفع الإنتاج في مرحلة لاحقة إلى 320 ميغاوات، سيتم بيعه تبعا لاحتياجات الجارة الغربية لموريتانيا (مالي) والجنوبية (السنغال). وقد تعهدت نواكشوط بتحمل تكاليف النقل.
اضغط هنا لقراءة الموضوع في مصدره