
من المقولات الإلهامية، المقولة الخالدة لجمال عبد الناصر – رحمه الله – :” إن أوقات الخطر، هي دائما فرصة الأمم الحية..”، لذلك حري بقوى المقاومة العربية الإسلامية في لبنان، وفلسطين، واليمن، والعراق، وجماهير المقاومة في الوطن العربي العريض كلها على استعداد كامل لمواجهة اعداء المقاومة في لبنان، وعلينا أن نوحد جبهات المقاومة في هذه الظروف العصيبة لمواجهة اتباع الكيان الصهيوني في أكثر من قطر عربي وعلى وجه الخصوص ما كان يسمى بدول الطوق: لبنان، وسورية، والأردن، ومصر، وغياب دورهما، ستواجه المقاومة العدو إن في غزة، ومدن الضفة الغربية، أو لبنان..
وكيف لا، تقوم المقاومة الشجاعة، والباسلة بوضع حد لهذا الأستئساد الامريكي، والصهيوني الجبانين، وأذيالهم التي كانت، ولازالت، وستبقى عاجزة عن المواجهة، بل حتى عن الحركة، إلا عبر الدروب المظلمة، كالخفافيش، واللصوص التي يحركها الممثل الأمريكي، المجرم في حق أمتنا ” توم براك” في رحلاته المكوكية من تركيا إلى كل من سورية، ولبنان، وكأنهما اصبحتا مزرعتين له..!
إن الحثالات الباقية من قوى العار التي حمت اتفاقية ١٧ آذارالاستسلامية، ورموز القتلة في الحرب الأهلية الذين صاروا ضحايا التبعية للسفارات : الأمريكية، والفرنسية، والانجليزية، والألمانية، والسعودية، والإمارات، والمصرية.؟!
إن هذا التدخل السافر في الشأن اللبناني، يطعن في السيادة الوطنية، لأنه، يهدف لزعزعة الوحدة الاجتماعية، وتركيبة لبنان الفسيفسائية حيث تتداخل الانتماءات الدينية، وتتعدد الطوائف، وتتفكك المذاهب، وهذا التنوع، شكل سابقا روافد للتنوع الثقافي، كما حمي التعددية الإثنية التي كانت صمام الأمان لجبهة الداخل اللبناني،، لكنها اليوم توظف للسيطرة الطائفية، والهيمنة الامبريالية، والاحتلال الصهيوني، وذلك تمهيدا للأحتلال الكامل للبنان،،
فماذا قدم – أو سيقدم – سابقا الاحتلال الصهيوني، الأمريكي للبنان عندما احتلاه سنة ١٩٨٢م؟
هل نسيتم المجازر الجماعية التي مهد بها الاحتلال، ومجرموه الطائفيون، لإحتلال البحرية الأمريكية، والجيش الفرنسي، لبيروت،، يا أصحاب الذاكرة المخدوشة؟
إن تكالب الطابورين الخامسين الحاكمين في كل من لبنان، وسورية، يفرض على القوى الحية في الوطن العربي، وجمهور المقاومة في الأمة العربية من نطاق طنجة – نواكشوط، إلى صنعاء المجد، والعلى، وابناء عمان، أحفاد أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه – إلى نشامى العراق،، أن هلموا للمواجهة نصرة للمقاومة في لبنان وهي التي ما ترددت في مساندة أمتنا في فلسطين، والمشاركة في معركة طوفان الأقصى،،
لقد قدمت هذه المقاومة اشرف القادة، الشهيد السيد حسن نصر الله – رضوان الله عليه – وهو أنبل قادة العرب بعد جمال عبد الناصر وأخلصهم، وأصدقهم، وأكثرهم تضحية بالنفس، والنفيس، والغالي..
واليوم على كل أحرار الأمة في الوطن العربي، الاصطفاف دفاعا عن المقاومة العربية الإسلامية اللبنانية، وهو الواجب للدفاع عن لبنان، وعن وحدته الاجتماعية، وحوزته الترابية، واستقلاله، وسيادته منذ أن حررته المقاومة سنة ٢٠٠٠م.
إن لبنان بدون المقاومة، هو لبنان سمير جعجع، لبنان تحت الاحتلال الصهيوني، ومشاريع التتريك الأمريكي، والفرنسي..إن لبنان، كم أعطى لابناء أمته العربية، ولذلك، يجب أن يأخذ مهنا دفاعا عن مقاومته، وحاضنتها الاجتماعية، وقواه الوطنية..إن لبنان السيادي، يطالب أحرار أمته، أن يؤازروا مقاومته لتحريره تلاله الشامخات، واستقلاله المهدد بسياسة حكومة مستجلبة، لتملي عليها الامبريالية الامريكية، الأوامر، وهي تنفذ بكل غباء، وتبعية الأذلاء..! إن لبنان المقاوم، هو صاحب المشروع النهضوي العروبي، وهو امتداد للبنان الذي قاد النهضة العربية برواده، ومفكريه، ومقاوميه اليوم، إنها عوامل فعالة، و متكاملة، وذات امتداد موحد اجتماعيا، وثقافيا، وتاريخا، وجغرافيا..
هل نسيتم، الرصيد الفكري، والحضاري لرواد لبنان في الاستنهاض، و التحرير، ومناهضة أبنائه للأحتلال التركي منذ القرن التاسع عشر، ودور الأخير في زرع نبتة الطائفية السامة في سورية، ولبنان، لقتل الأحرار بالمذابح الطائفية، وحروبها التدميرية التي فككت سورية الكبرى، وأدت إلى الهجرات العربية السورية، و اللبنانية الى الأمريكتين..؟!
إن افضال ابناء لبنان لعظيمة على أمة العرب، لأنهم كانوا، ولازالوا منارة العلم، والفكر، والحرية السياسية، والثقافية، و أول المراكز الثقافية في الوطن العربي..
لذلك، لا غرو، أن يتكالب عليه خونة الداخل، وتحالفاتهم الاجرامية مع أنظمة الحكم التابعة، وتحديدا مراكز المال الفاسد، والمفسد للذمم في اقطار محكومة بأمراء الفساد، وملوك التصهين، وهم سدنة، وحراس لآبار الغاز، والبترول، المملوكة من طرف الشركات متعددة الجنسيات…
قد يسأل البعض، ماذا لو لم يقم كل من لبنان، وسورية بدورهما منذ قرنين لتخليص الأمة العربية من التخلف الثقافي، والسياسي التركي البغيض،، بما شكل رسالة فكر لروادهما من مسيحيين، ومسلمين على حد سواء، فأسسا للنهضة العربية التي يؤرخ لها العرب منذ القرنين التاسع عشر، والعشرين، ودور مؤسسات لبنان العلمية في التنوير، و الحرية السياسية، والثقافية منذ خمسينيات القرن الماضي..؟
ولا يحتاج باحث أن يتساءل حيال ذلك عن أي قطر عربي، لم تتعلم ناشئته من الكتاب المدرسي المطبوع في لبنان، أو المؤلف فيه ؟ وأي مفكر عربي، أو سياسي، أو أكاديمي، استطلع أن يستغني عن المكتبة العربية التي ترجمها لبنان، وطبعها، ووزعها على كل اقطار الوطن العربي..؟
وإن الإجابة على سؤال واحد من الأسئلة السابقة، لكافية لتبيان ” الدور” الريادي للبنان، ولو افتراضنا غيابه التاريخي في المساهمة في مأسسة النهضة العربية، فما هو انعكاس ذلك على تخلف الأمة العربية أكثر مما هي عليه .؟
ألم ير العديد من المؤرخين، أن أمتنا العربية تعاني من غلبة الظروف المشابهة التي عانت منها الأمم الغربية في القرن السادس عشر ميلادي من حيث التخلف السياسي، والتناحرالطائفي، والتبعية للممالك العسكرية، وسيادة الفكر التنجيمي، وقراءة الحظوظ، والركون إلى التفكير القدري، والتخمين الوهمي،،،
لأن هذا المستوى المادي، والفكري، مغيب للدورالحضاري لأمتنا، ولازال يمارس التعطيل، بما يعشعش في العقل السياسي العربي، والذاكرة الثقافية المهترئة، على الرغم من الأدوار الاستنهاضية التي قام بها كل من لبنان، وسورية، وغيرهما في مواجهة الاحتلال التركي، والتقسيم الغربي للوطن العربي في اتفاقية ١٩١٦م..
إن قراءة كتاب “الأمير”، للمفكر الإيطالي ” ميكافيللي”، لتؤكد لنا الخوف الغربي من العرب، ولو أنهم، كانوا حينئذ تحت الاحتلال التركي المقيت، بتخلفه، واستبداده، ونهبه للمقدرات، وكان امتداده الامبراطوري، يمثل العدو الأول لأوروبا، لكن المفكر الإيطالي، أوصى بالهزيمة العسكرية للأتراك مع الاحتفاظ على توظيف تخلفهم السياسي ليبقى العرب تحت حكم الأتراك القرسطوي، لأن العرب أصحاب الحضارة، والمراكز التي بدأت تتطلع للتحرر من الاحتلال التركي في سورية والعراق، ومصر…
ونؤكد تجديد الدعوة للوقوف مع المقاومة اللبنانية، جنبا إلى جنب مع المقاومين في غزة، وتفعيل وحدة الساحات في لبنان، وفلسطين، كذلك تعبئة جماهير المقاومة العربية في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، إذا كان لا يزال، يحرك مجتمعاتنا تيارات الوعي، و التغيير الثوري، والدفاع عن الاستقلال والسيادة الوطنية، والأمن القومي..