متى ستغزو المملكة العربية السعودية نفسها؟

12 أكتوبر, 2016 - 21:33
علي الدربولي

هل قام التحالف(العربي) الذي تقوده السعودية بقتل اليمنيين (نفسا بنفس أو فساد في الأرض) في معرض الرد على قتل اليمنيين نفوسا سعودية؟..وهل سيكون رد اليمنيين على السعودية طبقا لمنطوق هذا النص مشروعا، بعد مجزرة صالة المعزين الكبيرة في “صنعا” العاصمة اليمنية في الثامن من هذا الشهر: أي أن يقوموا بالتحشد، رجالا ونارا، على الحدود السعودية ويهاجموا القرى والبلدات السعودية ويقتلوا ما يوازي قتلاهم عدداـ من أطفال ونساء وشيوخ-؟ لا أظن أن من يؤمن بمنطوق هذه الآية الكريمة سيقوم بذلك، على خلاف ما ذهب إليه القاتل، لأن اليمنيين إن عفوا سيكونون بمثابة من “أحيا الناس جميعا” فمن لا يقتل بإجازة الشريعة، لا يمكن أن يقتل بإجازة غيرها…

نحن هنا ومن خلال هذا المنبر الكريم الذي احتمل من صراحتنا، ربما،أكثر ما تسع لها سياسة جريدتنا الغراء بشخص رئيس تحريرها المحترم الأستاذ “عطوان” نتوجه إلى المملكة العربية السعودية من باب ترضاه لنفسها دخولا إليها وهو باب الشريعة السمحة ، والمفصلة بما لا يقبل اجتهادا لفعل القتل بغير حق…في السعودية لديهم ” هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، من أعمالها (سوق) بعض الناس إلى الصلاة، والقيام بإزالة المشاهَد من المنكر باليد. هنا نسأل:ألا يعد منكرا بالنسبة للسلطة السياسية التي تستنير بـ(الوهابية) عنوانا، قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض؟ إن المجزرة الدموية في صنعاء ليست سوى جريا على مكونات تاريخ بناء السلطة (المملكة) بركنيها العائلي والوهابي..منذ أن تأسست؟! الغزو ثم الغزو ثم الغزو:

غزت السعودية بلاد العراق وقتل الوهابيون فيه ما شاء لهم أن يقتلوا، ونهبوا من الأموال والأرزاق ما شاء لهم أن ينهبوا، حتى تدخل الباب العالي العثماني وطردهم منها، من غير أن (يوهبنوا) العراق، أو يجعلوه ملحقا بالمملكة السعودية..

غزت السعودية بلاد الشام، واندحرت على مداخل دمشق الجنوبية في “درعا”..في زمن المماليك…لم يتركوا أثرا يذكر في أي بقعة من بقاع أرض بلاد الشام، ومثلها العراق، لكنهم استطاعوا أن يتركوا أثرا كافيا في الجزيرة العربية، وفي جوارها القريب..إلا “اليمن” السعيد..الذي استعصى فتحه على يد العثمانيون، وهم أقوى من “السعوديين” بكثير؟!

الآن:

استيقظ المخزون (المعتق) من منهج الغزو، الذي كان طريقة لاستخدام القوة في سبيل إرضاخ الآخر وكسب ولائه ترغيبا، بل وترهيبا أولا؟! ولم يكن من البلدان ما يستحق هذا الغزو سوى “اليمن” بنظر السعوديين ،لأنه يشكل ثغرة رخوة في بناء الكيان السياسي-الوهابي في المملكة العربية السعودية،وما أشبهها بالثغرة التي تسببت بانهيار سد “مأرب” العظيم في اليمن القديم، وما ذلك إلا لاختلاف البنى الفكرية والمجتمعية عما هو عليه الحال في السعودية، الأمر الذي ما فتئت تتوجس منه شرا عبر تاريخها… إلى أن أزفت الساعة: عندما أمنت أميركا تغطية سياسية ولوجستية لغزو اليمن، عبر قرار غريب من مجلس الأمن، فسر لصالح الغزو تماما؟!وكل ذلك كان من مفرزات (الربيع الأحمر العربي) الذي أمسى مهتريء المنطلقات، ميت الشعارات على يد من أسالوا، من الغرب وبعض العرب والترك، أول قطرة دم  من دماء الأبرياء على مذبحه؟!

سورية قبل اليمن، كانت قبلة غزو الفكر التكفيري الذي يرتكز في معظم تجلياته، على ما استبطنته كتب (الفكر الوهابي) والذواكر التاريخية للسلطة السسياسية في السعودية، فيما يتعلق بتكفير الغير، فقامت على إثره ومنه (داعش-الدولة) و(جبهة النصرة:جبهة فتح الشام) بمهمة التفعيل الميداني لغزو سورية، بهدف التمدد باتجاه فرض سلطة أمر واقع، اجتماعي-سياسي، فيها وفي كل بلد مخالف لما هو قائم في السعودية، يكون مواليا، وتحت نفوذها: سياسة و(وهابية)، وتحالفا مع الغرب؟! كل ذلك لم يسفر حتى الآن إلا عن انجراف واسع للسعودية باتجاه التحالف مع(إسرائيل) تحقيقا لمصالحها، كما يبشر الساسة فيها؟! والمثير في الأمر هو تقديم التحالف على التطبيع الشعبي الذي لا يقوم ،عادة، بين طرفين، إلا برضى الشعب، مادة التطبيع، في الدول التي تحترم نفسها، وشعبها..؟!

بعد غزو سورية، وغزو اليمن، وارتكاب المملكة العربية السعودية تلك المجازر التي لا تحصى وعلى رأسها مجزرة صالة العزاء الرهيبة بحق أهله، ضربا بعرض الحائط بكل القيم الموروثة والعادات والتقاليد العربية والإسلامية ذات الصلة بحرمة الموت؟! لتكون مناسبة موت فرد بالنسبة للقاتل، قتل مئات من الأبرياء..

أخيرا وليس آخرا:

هل ستقوم المملكة العربية السعودية بعد كل ذلك بغزو نفسها؟ هذا موضوع يستحق الإهتمام والبحث في كيفيته، سلبا وإيجابا، ترقبا لكل حدث يؤكده في المستقبل…. وإن غدا لناظره قريب.

علي الدربولي

كاتب سوري

منقول عن صحيفة "رأي اليوم"