مصباح أبو صبيح.. أحييت أرواحنا فليرحل النائمون

11 أكتوبر, 2016 - 20:10

أسد القدس ومعشوقها الأول هكذا كان ابن مدينة سلوان, المقدسي حتى النخاع، الشهيد مصباح أبو صبيح، دوت عميقاً في نفوسنا كل معاني الإقدام وأججت فينا بطولاتك كل مفردات الانتماء للتراب، غنى على أزيز رصاصك الوطن, هطالٌ بالتحدي كان السحاب.

ماضجت به أهم الصحف الإسرائيلية لتتحدث عن جرأتك وعنفوانك ولتحمل السلطات الصهيونية كامل الفشل عن تعقبك وإيقاف حميتك، قد أثر فينا كثيراً وأعاد للواجهة خيار المقاومة المسلحة ودب في أرواحنا المترنحة على وقع ترنح قياداتنا شرارة الحياة، وإيماناً يقيناً بخيار الدفاع الناجح عن الأرض.

لقد دللت عملية القدس المحتلة البطولية على السلوكيات والاستراتيجيات التي يصوغها شعبنا الفلسطيني بمعزل عن ترهات السياسة التي يزرع بذورها ويحصد ثمارها المتعفنة ثلة من القيادات التي باتت مهترئة في أدائها، وطريقة تعاطيها مع قضيتنا العادلة، هذه القيادات الميتة التي لم يتبقى في عروقها ذرة دماء، ضربت بمعاناة هذا الشعب عرض الحائط وباتت تصوغ على الملأ جملة من السياسات الرديئة، أولها ما تبديه السلطة من مسارات مشوهة تسيء لسنوات من النضال، ففتح التي لطالما رددت وتغنت بشعاراتها الثورية بأنها صاحبة الطلقة الأولى، وشعلة الكفاح المسلح خمد في بندقياتها البارود، وجل حصادها تعزية بالمجرمين، ووضع الخطط للتصدي لخصوم أدهى وأشد ولاءً للاحتلال، وليس آخرها حماس التي بدأت تصحو متأخرة وبعد سنوات من الانخراف عن البوصلة، والتعويل على حزبية هنا، ووصول لجماعتها هناك، وقد باتت ترى اليوم أولوية الحرص على العلاقة مع إيران وأن العلاقة مع السعودية فاترة، وقد جابت قياداتها السياسية الخليج العربي طولاً وعرضاً ولم تعد إلا بخفي حنين.

وصية الشهيد مصباح أمانة في أعناقنا جميعاً بأن لانترك أقصانا وحيداً، وأن ننأى بخلافاتنا جانباً، وأن نغادر سلوكياتنا الميتة، هذه الوصية التي لن يتصدر لحفظها إلا المدافعين الناجحين عن قضيتنا، وهم لا شك كثر، ووطننا يطفح بالكفاءات الوطنية، وماعلى الميتين إلا الرحيل، وإفساح الطريق.

مصباح في عيون شعبه ووصيته في قلوب الجماهير وفي حضرته لا يسعننا إلا أن نردد :

في صباحاتنا الباهتة

أشرق زنادك..

امرر على ما تبقى من عروبتنا

الفح هواننا بالانتماء

علمنا كيف يزهر فداؤك..

مات السجان بغيظه

أسداً طليقاً إلى العلياء

طاب المستقر

والجنان دارُك..

يامصباح

أسرجت فينا

نوراً سرمدياً

يشع في الظلماء

بكل حروف العشق

ملعونةٌ أسماؤهم

ساطعة أسماؤك..

د. محمد بكر

* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا.

[email protected]

"راي اليوم"

إضافة تعليق جديد