موريتانيا تسعى لتكون رئاستها للجامعة العربية مختلفة عما سبق

3 أغسطس, 2016 - 09:53

 تشد الحكومة الموريتانية وداعموها هذه الأيام الأحزمة السياسية والدبلوماسية لإيجاد صيغة لتفعيل الرئاسة الموريتانية للجامعة العربية تعويضاً عما صاحب قمة نواكشوط من ضعف في الحضور وفقر في المخرجات وحتى لا تصدق النبوءات الإعلامية المتشائمة التي توقعت فترة جمود للعمل العربي المشترك بعد القمة الأخيرة.

وتوقع مقربون من مركز القرار في نواكشوط أن يهيئ الرئيس الموريتاني قريباً، على غرار ما سبق له أن فعل خلال رئاسته الاتحاد الإفريقي، برنامجاً موسعاً يشمل بالأساس وساطات لإخماد بؤر التوتر المشتعلة في أكثر من قطر عربي، ولتنشيط أجهزة الجامعة وتوجيهها نحو مجالات جديدة تخرجها من الرتابة التي صاحبتها منذ النشأة.
ولم يستبعد المراقبون المتابعون لهذا الشأن أن تكفر بلدان عربية كبرى عن عدم حضورها لقمة نواكشوط على مستويات عالية، بتقديم دعم سياسي وديبلوماسي كبير للتحرك الذي يعد له الرئيس الموريتاني وحكومته خلال المرحلة المقبلة.
وقد سجل مدونون موريتانيون بقدر كبير من العتب والسخرية، لقاءات يجريها حالياً في منتجعات مدينة طنجة المغربية غير بعيد من موريتانيا، عدد من قادة دول الخليج الذين تخلفوا قبل أيام عن قمة نواكشوط.
وضمن تقييمات جارية للقمة العربية، نظم المركز العربي الإفريقي للإعلام والتنمية أمس ندوة إعلامية تحت عنوان «موريتانيا ما قبل وبعد القمة العربية»، خصصها المركز لعرض آراء المختصين المتعلقة بنجاح القمة وفشلها مع اقتراح ما يجب أن تكون عليه الرئاسة الموريتانية للمرحلة البادئة من العمل العربي المشترك.
وأكد مدير المركز العربي الإفريقي للإعلام والتنمية محمد سالم ولد الداه في كلمة افتتاحية للندوة «أن قرار تنظيم القمة العربية في نواكشوط كان قرار شجاع جاء في مرحلة دقيقة وحساسة تتميز بقوة الاصطفاف والتمزق العربي وبالتالي غياب الأمل العربي».
وثمن ولد الداه «اختيار الشعار الرئيسى للقمة وهو قمة الأمل الذى يعيد بعضاً من الأمل المفقود للشعب العربي»، مؤكداً «على أهمية القرار الذي اتخذته موريتانيا فى وقت دقيق وحساس تصعب فيه استضافة أية قمة عربية مهما كان شكلها»؛ لكن، يضيف ولد الداه، رغم قوة التحديات التي كانت أمامنا فقد تجاوزناها بتسجيل نجاحات باهرة ستعطى لموريتانيا مكانة جديدة بين أشقائها العرب وستقضي على الصورة النمطية التى كانت سائدة على مستوى الإعلام العربي».
وركزت مداخلات عدد من الكتاب والإعلاميين والديبلوماسيين المشاركين في الندوة على تقييم الجوانب التنظيمية والإعلامية واللوجستية للقمة وما تنتظره موريتانيا على المديين المتوسط والبعيد، من مكاسب سياسية واقتصادية وديبلوماسية على إثر نجاحها في تنظيم القمة.
وشهدت الندوة مداخلات أخرى تناولت الأخطاء التي حصلت قبل القمة وبعدها خصوصاً منها الأخطاء السياسية والديبلوماسية والإعلامية التي واكبت التحضير الثقافى والسياسي والديبلوماسي والإعلامي ومن ذلك رفض التغطية الإعلامية لبعض الوسائل الإعلامية الوطنية كموقع «الأخبار» وصحيفة «صحراء ميديا».
هذا وطالب عدد من كبار الكتاب والمدونين الموريتانيين حكومة الرئيس ولد عبد العزيز بالمبادرة لتفعيل الرئاسة الموريتانية للقمة. وتحت عنوان « نجاح القمة ليس النهاية بل هو البداية»، اقترح الصحافي أحمد مصطفى سفير موريتانيا السابق في السودان، على الرئاسة الموريتانية للقمة العربية «تفعيل العمل العربي المشترك من أجل عالم عربي آمن، مستقر ، نام، مزدهر، عالم مؤثر».
ولتحقيق التفعيل المقترح، تقدم السفير أحمد مصطفى بآليات للتنفيذ تصحبها مجموعة محاور بينها محور يتعلق بإصلاح البيت العربي، ومحور يخص إصلاح العلاقة مع الجوار العربي، ومحور ثالث لإصلاح العقل العربي، ورابع لتطوير الحكامة المؤسسية (إصلاح الجامعة وأدوات العمل المشترك)، ومحور خامس لإشراك الرأي العام العربي.
وفيما يتعلق بإصلاح البيت العربي، اقترح على الرئاسة الموريتانية العمل لإخماد التوتر والنزاع وإصلاح ذات البين وتحسين المشاركة والمواطنة والأخوة من أجل الأمن والاستقرار من خلال دعم المبادرة الكويتية وجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة وكل الجهود الأخوية الهادفة لحل الأزمة اليمنية».
كما اقترح «تحيين المبادرات الأخرى الخاصة بالأوضاع في سوريا والعراق وليبيا، والعمل بصورة سريعة مع كل الشركاء لحقن دماء الأشقاء وتسهيل حل المشاكل على طاولة المفاوضات بالطرق السلمية ومواكبة ذلك بخطط إعمار رائدة».
واقترح السفير كذلك «تحيين المبادرات العربية والدولية ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي والتصدي لكل محاولات الاستيطان والتهويد»، إضافة لتعزيز الأمن القومي العربي من خلال توحيد القدرات الأمنية الذاتية وتشبيك الجهود وتفعيل التنسيق والتكامل ومتابعة جهود تشكيل القوة العربية المشتركة.
واقترح السفير أحمد مصطفى كذلك ما سماه «تطوير آليات مشتركة لإدارة الصراعات الداخلية والخارجية بصورة استباقية وعلاجية تشاركية»، مصحوبة بوضع آلية لمساعدة الدول العربية الشقيقة في تجاوز خلافاتها البينية».
وعلى المستوى الاقتصادي اقترح في معالجته «تعزيز منعة الاقتصاد عن الاعتماد على أسعار مواد أولية متذبذبة، وإطلاق مشاريع تمكين اقتصادي للشباب، وإعادة إعمار مناطق دمرها الصراع».
واعتبر السفير أحمد مصطفى «أن موريتانيا وفقت في تنظيم قمة تاريخية ناجحة لها رمزيتها الخاصة .. مثلت أول حضور عربي شامل وعلى أعلى مستوى تشهده موريتانيا منذ استقلالها في نوفمبر 1960م .. واستطاعت رغم إكراهات الظرف العربي أن تضفي على هذه القمة طابعها الخاص ، فحضور العيس والقوافي ومخيمات الثقافة وحرارة التلاقي وروح الاحتضان ودقة التنظيم ورصانة المخرجات كلها أمور أعطت لهذه القمة التاريخية كل أبـعادها القومية وأخرجت موريتانيا بـجدارة من طـور الدول الـهامشـية التي لا تستشار إذا حضرت ولا تنـتظر إذا غابت».

«القدس العربي»