كشفت تحقيقات أجراها الأمن السنغالي أمس مع انجاي لمين، الملقب أبو يوسف قائد خلية بوكو حرام في السنغال وما جاورها، عن انضمام عشرات السنغاليين لحركة بوكو الإرهابية التي يوجد مقرها في نيجيريا وتمتد عملياتها الدموية للكاميرون والنيجر وتشاد.
وجاءت هذه التحقيقات المتواصلة منذ الخميس الماضي، والتي يتوقع أن تسفر عن مئات الاعتقالات، بعد أن سلم الأمن الموريتاني ضمن التعاون القضائي والأمني بين البلدين، للسلطات السنغالية قائد خلية بوكو حرام انجاي لمين الملقب أبو يوسف الذي اعتقل في شهر شباط / فبراير الماضي، بينما كان متخفيا في موريتانيا. واعتقل الأمن السنغالي، حسب تأكيدات لصحيفة «لوبسرفاتير» السنغالية ثلاثة عشر ناشطا قياديا في خلية بوكو حرام في السنغال التي يقودها ويؤطرها لمين انجاي أبو يوسف.
ووصف مصدر أمني سنغالي اعتقال أبوسف بأنه «صيد ثمين سيمكن من استئصال خلايا بوكو حرام ومن تطهير السنغال من تأثيرها الخطير».
وقد سلم الأمن الموريتاني الجهادي أبو يوسف لعناصر من الأمن السنغالي يوم الخميس الماضي عند نقطة روصو الحدودية حيث نقل إلى داكار وبدأ إخضاعه للتحقيق.
وجاء الكشف الأول عن خلية بوكو حرام السنغالية إثر تحقيقات أجراها الأمن السنغالي قبل أشهر مع المدعو مصطفى جاتا المرتبط مع قياديين سنغاليين في خلية بوكو حرام السنغالية.
وكشفت هذه التحقيقات عن تورط مصطفى جاتا، الذي كان يتولى اكتتاب ونقل العناصر الجدد، في نقل الناشطة السلفية السنغالية اندي سه إلى سوريا مع وزوجها أحمد الملقب زياد الذي قتل مؤخرا في معارك بمدينة سرت الليبية.
ومن ضمن التصريحات المسربة التي أدلى بها لمين انجاي أبو يوسف للمحققين، اعترافه بأنه «قاتل في صفوف بوكو حرام أشهرا عدة قبل أن يعود للسنغال ثم إلى موريتانيا حيث اتصل به قيادي أقنعه بضرورة العودة للجهاد في ليبيا وبأنه سيتولى تمويل نقله ومؤونته، غير أن الأمن الموريتاني باغته قبل أن يتخذ القرار».وأكد مصدر أمني سنغالي لـ «القدس العربي»، «أن المحققين في ملف لمين انجاي (أبو يوسف) قاموا بتفتيش منازل لأربعة من جماعته حيث اكتشفوا صورا وملصقات وكتيبات تتحدث عن الجهاد في سوريا وفلسطين وليبيا».
وتسعى السلطات الأمنية السنغالية التي اعتقلت القياديين الثلاثة عشر المنتمين لخلية بوكو حرام السنغالية، لتتبع شرايين انتشار الخلية داخل السنغال.
وكان هؤلاء القياديون قد صرحوا بأنهم «منضمون مع أكثر من عشرين جهاديا سنغاليا، منذ السنة الماضية لتنسيقات حركة بوكو حرام».
وأكد المستجوبون «أنهم قاتلوا في صفوف الحركة فترة طويلة، وأن زعيم حركة بوكو حرام شيخو أبوبكر كلفهم بتأسيس مركز للتدريب على الحدود الموريتانية السنغالية».
وظلت السنغال إلى وقت قريب إحدى البلدان القليلة في غرب إفريقيا التي لم يصلها تأثير الحركات المتطرفة غير أن الاعتقالات الأخيرة والمعلومات التي كشف عنها قياديون سنغاليون في حركة بوكو حرام، أكدت أن السنغال يوجد في عين الإعصار.
وكانت تحقيقات أخرى أجرتها سلطات الأمن السنغالية في نوفمبر/تشرين الأول الماضي قد أكدت أن تأثير حركة بوكوحرام الإرهابية المتطرفة قد وصل عمق السنغال. واعتقلت قوات الأمن السنغالية أواخر السنة الماضية، عشرات الأئمة السنغاليين المؤيدين لحركة بوكوحرام والذين نشروا الخطاب الجهادي المتطرف في عموم السنغال.
وأكد النقيب أديوب سيلا مسؤول خلية مكافحة التطرف في قيادة الدرك السنغالية «أن أجهزة الأمن مستمرة في حملة تتبع الأئمة الذين يبشرون بالخطاب المتطرف، حيث اعتقلت العشرات منهم بعد أن لاحظت هذه الأجهزة، التي تتابعهم منذ أشهر أن تأثيرهم المهدد للسكينة العامة قد وصل لدرجة لا يمكن السكوت عنها».
ووجهت النيابة العامة للأئمة المعتقلين تهما عدة بينها الدعاية للإرهاب والعنف والتهديد باستخدام القوة وتمويل الإرهاب وتبييض الأموال والانتظام في هيئات مفسدة وغير مرخصة».
واتهمت خلية مكافحة الإرهاب الأئمة الذين اعتقلوا في مدن كولخ وكولدا وروفيسك، وفي ضواحي العاصمة داكار، بإقامة علاقات مع الأوساط الجهادية المتطرفة.
وألقت السلطات الأمنية السنغالية يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي القبض على الإمام علي أنضو في منطقة كولخ، وهو الأمين التنفيذي الإقليمي لرابطة الأئمة السنغاليين، ثم اعتقلت بعده ستة أئمة متهمين بالخطاب المتطرف، بينهم الإمام مامادو أنجاي إمام جامع روفيسك والداعيتان النشطتان السيدتان كومبا أنيانغ ومرم صو.
وكانت هذه الحملة قد بدأت بعدما توصل محققون نيجيريون بمعلومات أدلى بها تحت التحقيق الإرهابي السنغالي أديوخاني الذي اعتقل على حدود نيجيريا والنيجر واتضح من خلال التحقيقات أن له علاقات وطيدة بحركة بوكوحرام التي تهدد منذ سنوات الأمن داخل نيجيريا وفي جمهوريتي تشاد والكاميرون.
فقد تأكد المحققون من أن أديوخاني هو الذي يتولى التنسيق بين قيادة بوكو حرام وعدد من أئمة السنغال.
وأكدت وثائق مالية ورسائل عثر عليها الأمن السنغالي وجود علاقات قوية بين الأئمة المعتقلين وحركة بوكوحرام.
واحتجت رابطة الأئمة والدعاة السنغاليين على اعتقال الأئمة وأكدت في رسالة للرئيس السنغالي أنه «بالإمكان مكافحة الإرهاب بطريقة لا تسلط فيها ولا تعذيب». ويمثل المسلمون في السنغال 90 في المئة من السكان وغالبية السكان ينتمون لطرق صوفية سنية معتدلة أبرزها الطريقة التجانية لمؤسسها الشريف الشيخ أحمد التجاني، والطريقة المريدية لمؤسسها الشيخ أحمدو بمبه.
إلا أن الحركة السلفية الوهابية دخلت في السنوات الأخيرة لمدن وقرى السنغال وتمكنت من تأسيس العديد من المساجد والروابط، كما تمكنت عبر التمويلات والمساعدات من جذب عدد كبير من الأئمة والدعاة، وهو ما هيأ الأرضية الصالحة لتمدد حركة «بوكوحرام» نحو السنغال وغامبيا.
واتهم مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، أمس جماعة بوكو حرام، بالقيام بأعمال عنف ووحشية غير متصورة، أجبرت أعدادا كبيرة على النزوح، وأدت إلى عدد غير مسبوق من المعوزين.
وقال ستيفن أوبراين، إن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من تسعة ملايين شخص على ضفتي حوض بحيرة تشاد التي تغطي أجزاء من نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ومن بينهم 2.8 مليون شخص فروا من الهجمات العنيفة في بلداتهم وقراهم.
وأبلغ أوبراين مجلس الأمن الدولي، بأن نيجيريا تتحمل «معظم وطأة الأزمة رغم الجهود الحكومية الملموسة، إذ يمثل النيجيريون سبعة ملايين من أصل تسعة ملايين شخص باتوا في حاجة إلى مساعدة.
وفي السياق نفسه، قال مسؤول الشؤون السياسية في الأمم المتحدة جيفري فلتمان، إنه رغم الجهود الإقليمية الرامية إلى إضعاف بوكو حرام، لا تزال الحركة تمثل تهديدا بالنسبة للاستقرار الإقليمي.
القدس العربي