فيما أعرب حزب تكتل القوى الديموقراطية، أكبر أحزاب المعارضة في موريتانيا، عن «يأس المواطن العربي من الجامعة العربية قالبا وأساليب، بشر أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أمس بنجاح القمة المقررة بنواكشوط يوم الاثنين المقبل.
وجاءت بشارة أبو الغيط في تصريح أدلى به بعد أن قدم أمس للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الرئيس الدوري المقبل للمجلس الجامعة، التقرير الشامل لوثائق القمة ومحاضر اجتماعات هيئاتها، معلنا «أن القمة ستتمخض عن إعلان تحت مسمى» إعلان نواكشوط».
وقال «إن إعلان نواكشوط إعلان سياسي واقتصادي تم التوافق عليه بين الأمانة العامة للجامعة العربية والجانب الموريتاني وسيعرض على الزعماء العرب لإقراره».
وفي انتظار ذلك تتواصل على مستويات عدة أشغال التحضير للقمة العربية حيث يجتمع اليوم بنواكشوط وزراء التجارة والاقتصاد العرب لمناقشة تقرير كبار مسؤولي المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أنهى اشغاله أمس بالمصادقة على توصيات عدة بينها دمج القمة العربية التنموية الاقتصادية مع القمة العربية العادية، وتطوير العمل الاقتصادي والاجتماعي المشترك والإسراع بإقرار منطقة التجارة العربية الكبرى وتطورات الاتحاد الجمركي العربي.
ويشمل تقرير كبار مسؤولي المجلس الاقتصادي والاجتماعي مقترحا بإنشاء آلية لتنفيذ مبادرة الرئيس السوداني الخاصة بالاستثمار الزراعي في السودان للمساهمة في سد الفجوة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي العربي، إضافة إلى مسألة تنفيذ خطة التنمية المستدامة لسنة 2030. وضمن تحضيرات القمة ينتظر أن يعقد اليوم اجتماع لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين على أن ينعقد اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية يوم غد السبت.
هذا ولا يزال الاهتمام مركزا على مستوى حضور الزعماء العرب لقمة نواكشوط فبينما يقول المسؤولون الموريتانيون أن غالبية كبيرة من الملوك والرؤساء العرب أكدوا للرئيس الموريتاني حضورهم بشخوصهم للقمة، توقعت مصادر معنية بهذا الملف أن يقتصر الحضور الشخصي على 11 زعيما عربيا فقط هم العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز الذي اتخذت إجراءات كبيرة لتأمينه، والشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، والرئيس السوداني عمر البشير، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، والرئيس اليمني عبد ربه هادى منصور، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس جزر القمر عثمان غزالي، والرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر جيلة، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.
وتوقعت المصادر مشاركة ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد ، وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ، ونائب رئيس الوزراء بسلطنة عمان فهد بن محمود آل سعيد ورئيس حكومة لبنان تمام سلام، ورئيس وزراء الأردن هاني الملقي، ورئيس الحكومة الليبية فايز السراج، ورئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح، ووزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري.
وعلى مستوى الهيئات الدولية أكدت الهيئات الموريتانية المشرفة على التنظيم، مشاركة كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، ورئيسة هيئة الاتحاد الافريقي، وممثل للولايات المتحدة الأمريكية.
ومع أن هناك إجماعا في موريتانيا على تأجيل الخلافات والتجاذبات حتى تنعقد القمة العربية في ظروف عادية، تابعت أحزاب معارضة موريتانية ومدونون موريتانيون حملة انتقاد موازية بعضها موجه للحكومة وبعضها الآخر موجه للجامعة العربية.
وفي هذا الإطار أكد حزب تكتل القوى الديمقراطية، أكبر أحزاب المعارضة، في بيان وجهه للقمة وتلقت «القدس العربي» صورة منه «أن الشعب الموريتاني، بل شعوب الأمة بكاملها، تتطلع بمناسبة الذكرى الحادية والسبعين لإنشاء جامعة الدول العربية، إلى أن يقف قادتها وقفة تأمل حول حالة الوطن العربي التي تبعث على القلق الشديد، والتحديات المصيرية التي تواجه شعوبه، علّهم هذه المرة يأخذون العبرة، فيغيرون من شكل ومضمون هذا التجمع الأقدم حتى من الأمم المتحدة، ليلبي حاجة الشعوب في السلم والأمن والاستقرار، ثم في التعاون والتعاضد لمجابهة تحديات الحاضر وتحقيق آمال المستقبل».
«إننا في موريتانيا، كجميع الشعوب العربية، يضيف البيان، قد يئسنا من القالب الحالي لهذه المنظمة وأساليب عملها، حيث عجزت حتى عن تحقيق الحد الأدنى من التضامن والتنسيق الذي عهدناه منها في القرن الماضي، خاصة أمام الكوارث والمصائب التي يعيشها العرب والمسلمون اليوم، على يد أنظمة عسكرية دكتاتورية تتوارث، طيلة العقود الستة الماضية، الحكم والتسلط، حيث كرست في الداخل الجهل والفقر والتشرذم، فأشعلت الحروب الأهلية، بدكتاتوريتها وظلمها وفسادها ونهبها، وفي الخارج سلمت أرضها للأعداء واستكانت لاحتلالها».
«إننا نتمنى، يقول حزب تكتل القوى، أن لا تكرس هذه القمة ما عهدناه في قمم سابقة، من إعادة إصدار قرارات تؤكد على أخرى قبلها دون تنفيذ، أو «دراسة تقارير عن الأوضاع القائمة بدون تقديم علاج» وأن يتحمل القادة مسؤولياتهم التاريخية والوطنية والدينية إزاء شعوبهم، ليقودوهم إلى الولوج إلى عالم النمو والمساواة والعدل والحكم الرشيد، الذي لن يتحقق إلا بانتهاء حكم الفرد وإرساء ديمقراطية حقيقية غير مزيفة».
وزاد «إن المطلوب معروف وواضح، وعلى رأسه التصدي لعملية تدمير الأقطار العربية واحدا تلو الآخر، حيث تعيش فلسطين تحت الاحتلال والحصار، وخاصة قطاع غزة منها، وتُدمَّر سوريا والعراق واليمن وليبيا، ويُشرَّد الملايين من سكانها على أيدي الطغاة وحلفائهم من دول مهيمنة طامعة في الثروة وأخرى عنصرية إقليمية، وميليشيات إرهابية تعيث في الأرض فسادا باسم الدين أو المذهب».
«إننا بحكم موقع بلادنا الجغرافي كأحد الجسور المتينة الممتدة بين وطنينا العربي والإفريقي، يتابع حزب التكتل، ونظرا للدور الريادي الذي لعبته بلادنا من أجل إقامة تضامن وتعاون وإخاء بين هذين الفضائين لنرجو أن تعطي هذه القمة للعلاقات العربية الإفريقية ما لها من أهمية بالغة».
«ويظل أملنا وطيدٌ في أن يكلل هذا المؤتمر بالنجاح وأن لا يقترن اسم بلادنا بفشل جديد للجامعة العربية، ينضاف إلى ما سبقه من خيبات، وأن تكون قمة نواكشوط قمة أمل حقا، لكل العرب»، والتعبير لحزب التكتل.
وأوضح الحزب «أن القمة العربية السابعة والعشرين ستنعقد في الخامس والعشرين من شهر يوليو/تموز الجاري بنواكشوط، تمشيا مع متطلبات الترتيب الأبجدي للدول الأعضاء، وهي مناسبة تستدعي منا التوقف عندها بجد».
وشدد حزب التكتل على أن «الشعب الموريتاني عرف بتعلقه الأسطوري بانتمائه لأمته العربية الإسلامية وبقارته الإفريقية، وتمسكه الثابت بالدفاع عن قضاياهما – رغم ما عانوه حينها من صدود وجفاء – حيث جسد الآباء المؤسسون، حتى قبل الانضمام إلى الجامعة العربية، هذه المواقف المبدئية، سواء تجاه القضية الفلسطينية، أو من باب حرب التحرير الجزائرية، أو العدوان على مدينة بنزرت التونسية سنة 1961، أو عدوان 1967 الذي جعل الحكومة آنذاك تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لشكوى مصر وسوريا من دعمها العسكري للمعتدي خلال المعارك، تلبية لمطالب الشعب ورغباته». «وعند ما انضمت موريتانيا سنة 1973 إلى الجامعة العربية، يضيف البيان، فُتحت صفحة جديدة، شهدت تطورا كبيرا في علاقات الأخوة والتعاون بين هذا الجزء القصي من الوطن العربي وبقية الأجزاء، حيث بادر العديد من الدول العربية إلى المساهمة السخية في تشييد بنية موريتانيا التحتية والنهوض بمشاريعها التنموية من تعليم وزراعة ومياه ومعادن، وخدمات صحية وغيرها مما أعانها على تحكم أكثر في مواردها، ابتداء من سنة 1973، وفي الوقت نفسه اضطلعت موريتانيا بدور ريادي ومحوري في ربط العالم العربي بدول القارة الإفريقية، ليتأسس التعاون العربي الإفريقي، الذي كانت نتائجه باهرة في المجالات السياسية والاقتصادية، وخاصة في خضم الصراع مع المعتدي الإسرائيلي».
القدس العربي