جاء توقيع الشاب الموريتاني الشيخاني ولد الشيخ على كتابه «موريتاني مريد للملك» الذي صدر للتو وسلمت نسخ منه للملك محمد السادس أواخر رمضان، والذي اقترن التوقيع عليه مع الإعلان عن تأسيس حزب الدفاع المغاربي الموالي للمغرب كما يبدو، ليشغل المدونين الموريتانيين عن هموم العيد، حيث اعتبره كثيرون منهم «خيانة كبرى لموريتانيا»، وطالب البعض منهم بسحب جنسية مؤلفه.
وكانت الجمعية الموريتانية المغربية للدفاع عن الوحدة المغاربية التي يرأسها ولد الشيخ قد أعلنت قبل يومين عن تأسيس حزب الدفاع المغاربي في العاصمة الموريتانية نواكشوط، بالتزامن مع توقيع كتاب «موريتاني مريد للملك».
وكان المدون الموريتاني الكبير حبيب الله ولد أحمد أبرز من هاجموا الكتاب ومؤلفه حيث كتب في تدوينة له «فى الوقت الذي يهاجمنا فيه بعض المغاربة عبر مراحيض إعلامية مخزنية وبمباركة من جنكيز خان يسارع بعض مثليي الولاء والانتماء من الذين يفترض أنهم مواطنون موريتانيون وبكل صفاقة واستفزاز لنشر كتاب يمجد ملك المغرب وليعلنوا أكثر من ذلك عن تشكيل حزب سياسي يجاهر بالولاء للعرش العلوي وذلك لمجرد أن الملك أجزل العطاء لتلك الحثالة المارقة ومكنها من حضور دروسه الرمضانية».
وزاد «الحق أننا أمام جيل جديد من الخونة يستأنس بدرب طويل مظلم سلكه موريتانيون كثر ذوو خيانة تاريخية جعلتهم يحاربون في الجيش المغربي ويتسمون بأسماء مغربية ويبشرون بالعرش وأحلامه التوسعية فى العالم كافرين ببلدهم ووطنهم الأم جاحدين لآلائه عليهم وهم الذين أخذوا خيراته ولم يجعلوه وطنا».
«إن أمثال هؤلاء الخونة، يضيف ولد أحمد، لا فرق بينهم وبين «إيرا» و»افلام» و»لا تلمس جنسيتي» (حركات سياسية تدافع عن الأقليات في موريتانيا)..فاللعنة على كل خائن يبيع وطنه ويتنكر له ويسعى لتمزيق لحمته والتطاول على سيادته، وستبقى الجمهورية الاسلامية الموريتانية القوية الموحدة عصية على أحلام كل الخونة وباعة المواقف والأجساد».
وفي تدوينة أخرى ساخرة بعنوان «للتصحيح» كتب المدون حبيب الله «الكتاب الذي ألفه خادم العرش العلوي اسمه «مريض الملك» وليس «مريد الملك» والحزب الذي أسسه مؤلف الكتاب وجماعته اسمه « الدفع المغربي» وليس «الدفاع المغاربي»، فعلى المواقع المحلية التحري وتوخي الدقة حتى لا تقع فى مثل هذه الاخطاء الإملائية المخلة معنى ومبنى».
وتدخل في هذا النقاش المدون أحمد أبوبكر الذي عاد للتاريخ ليكتب «المغرب لم يستطع أن يركع موريتانيا في سنوات الاستقلال الأولى ووقف في وجه الاعتراف بها حين كانت موريتانيا ضعيفة».
ويرى المدون محمد حبيب الله عبدالله « أن اﻷمر ليس بالغريب حيث توجد أحزاب سياسية وهيئات يأتي تمويلها وتلميعها من الخارج فالخونة كثر ويلبسون كل عباءة».
ويضع المدون محمد فال القاضي المسؤولية عن هذه الخيانة على «على من ربى الخونة حيث لم يعلمهم حب الوطن والولاء له إنما علمهم حب المال وبيع كل شيء من أجله حتى ولو كان وطنه وتاريخه وتاريخ آبائه فالخائن لا وطن له».
وكتب خليل خليل الشريف هو الآخر قائلاً «لقد سبق هؤلاء الخونة خونة أيام الاستقلال وهم أبناء عائلات كبيرة كانوا مدعومين من المستعمر ومنحهم محمد الخامس الدعم المادي والمعنوي ولكن الشعب الموريتاني شطبهم من تاريخه المجيد ووضعهم في مزابل التاريخ».
وكتب المدون محمد النني مساهماً في الجدل الدائر «..اللعنة على كل خائن يبيع وطنه ويتنكر له ويسعى لتمزيق لحمته والتطاول على سيادته، وستبقى الجمهورية الإسلامية الموريتانية القوية الموحدة عصية على أحلام كل الخونة وباعة المواقف والاجساد».
وهاجم المدون الشيخ سيد بات محمد يحيى مؤلف الكتاب مضيفاً قوله «هذا الإمعة الذي حضر دروساً رمضانية في المغرب وعاد بفكر مغربي بحت لا يستحق منا الا وصفه بالخائن لكنها للأسف ظاهرة بدأت تظهر على السطح فالكل لدينا يدين لهذا البلد أو ذاك إلا موريتانيا المسكينة».
وطالب عبد الله حيدره «المغرب بأن يترك موريتانيا بسلام»، حاثا الحكومة الموريتانية على «التحالف مع الجزائر والصحراويين للوقوف ضد التحالف المغربي السنغالي»، حسب تعبيره.
وحمّل المدون الديين عبد الله «المملكة المغربية المسؤولية عن الزج بموريتانيا في حرب الصحراء التي لا ناقة لها فيها ولا جمل».
وتأتي هذه التدوينات التي ملأت صفحات التواصل الاجتماعي رداً على حفلة للجمعية الموريتانية المغربية للدفاع عن الوحدة المغاربية أعلنت فيها عن تأسيس حزب الدفاع المغاربي وتم خلالها توقيع كتاب «موريتاني مريد للملك».
وأكد مؤلف الكتاب ورئيس الجمعية الشيخان ولد الشيخ في كلمة ألقاها بالمناسبة «أن كتاب «موريتاني مريد للملك» يضع العلاقات الموريتانية المغربية في ميزان التاريخ ليعلم الباحث في الشؤون المغاربية مدى التقارب بين هذين البلدين الشقيقين ودورهما الكبير الذي يقومان به من أجل ترسيخ الأمن والإستقرار في منطقة الساحل والصحراء والحفاظ على ثقافة السلام من خلال دعوتهما إلى إنتهاج الإسلام الوسطي المعتدل».
وقال «إن حزب الدفاع المغاربي الذي تأسس في بلاد شنقيط المنتبذ القصي، يقف وراءه رجال أفذاذ يطالبون بتخفيض عتبة السن القانونية للترشح لمنصب رئيس الجمهورية في موريتانيا حتى يتسنى للشباب في سن الخامسة والعشرين المجال للترشح لهذا المنصب، وذلك لإفساح المجال أمامهم في بناء الصرح المغاربي بعدما فشل الرؤساء السابقون الكبار في السن في تحقيق هذا المطلب الشعبوي».
يذكر أن الجدل الذي أثاره هذا الكتاب وتأسيس هذا الحزب، يأتي في خضم توتر شديد ومستمر في العلاقات بين المغرب وموريتانيا، وهو التوتر الذي عكسته مواقف عديدة وأذكته خلال الأسبوعين الأخيرين مقالات وتدوينات وصل بعضها حد الشتم البذيء.
«القدس العربي»