إقبال كثيف على الأسواق في موريتانيا، في يوم عيد الفطر، وازدهار لحركة البيع والشراء وحديث التجار عن مشتريات استثنائية للموريتانيين في هذا العيد.
والاحتفال بالعيد في موريتانيا عادة راسخة لم يتخلَّ عنها الموريتانيون حتى في وقت الضيق والشدة، واليوم تزدهر عادات العيد في البلاد وتأخذ أبعادا جديدة تتجاوز الجانب الديني والاجتماعي إلى الترفيه وألوان الترويح عن النفس.
وكباقي المجتمعات العربية والمسلمة، يحرص الموريتانيون على أداء صلاة العيد، وزيارة الأقارب والأصدقاء، والخروج إلى المتنزّهات وأماكن الترفيه، فيما يمتاز سكان الريف الموريتاني بتسلية من نوع آخر عبر ألعاب منها "ظامت" و"الدبوس"، وألوان الرقص الشعبي على أنغام الطبول.
رغم ميل الكثير من الشباب والموظفين إلى الملابس الأوروبية، فإن الملابس الموريتانية التقليدية تهيمن خلال يوم العيد؛ فـ"الدراعة" هي الأكثر انتشاراً بالنسبة للرجال أيام العيد، و"الملحفة" هو زي المرأة سواء في العيد أو العمل. ولا تزال المرأة الموريتانية تفضلها، بحيث تمتاز الملحفة الموريتانية بالألوان، ويمكن للسيدات أن يخترن اللون والنوع اللذين يوافقان ذوقهن، وهي مرونة ساعدت الموريتانية على "تكييف" عاداتها القديمة مع مقتضايات الموضة وضروراتها.
وعادات الاحتفال بالعيد عند الموريتانيين تختلف حسب الشريحة الاجتماعية؛ فعادات مجتمع الحراطين والبيضان تختلف عن عادات مجتمع الزنوج (الولف - فلان - سونونكي)، كما تختلف العادات تبعاً للمناطق والجهات.
وبالنسبة لمجتمع الزنوج، تختلف الملابس قليلاً عن ملابس البيضان؛ فلباس الرجال أقرب إلى "الجلابية المغربية"، وإن كانت تجتمع مع الدراعة في نوع الخيط المستخدم وطريقة التطريز، غير أنها بأكمام قصيرة عكس الدراعة.
فيما لا تختلف ملابس المرأة الزنجية عن الرجل الزنجي كثيراً، وهي تستعمل "الحولى" أو "العمامة" على طريقة الرجل "البيظاني" لكن بطريقة مختلفة.
التطابق والتمايز يجسد في حقيقته الروابط التاريخية والتفاعل بين مكونات المجتمع الموريتاني لينتج مزيجاً من العادات والتقاليد العربية والبربرية والزنجية، والتي ترسم لوحة فسيفساء للمجتمع الموريتاني المتنوع ثقافياً وحضارياً.
وتتوزع الأسرة الموريتانية على أنواع الاحتفاء بالعيد، كل حسب عمره ومسؤوليته؛ فالأب يشرف على إخراج زكاة الفطر والخروج إلى الصلاة فضلا عن توفير مستلزمات الاحتفال
بعد الصلاة، وتبدأ الأسرة الموريتانية عادة في تناول وجبة "طاجين" باللحم غالباً، سواء كان مشوياً أو مطبوخاً.
طاجين وزريق
والطاجين عند الموريتانيين مرادف لوجبة الإفطار في المشرق العربي، غير أن وقته يتأخرعند الموريتانيين إلى منتصف النهار، وتتبعه عادة وجبة الغداء من الأرز واللحم أو الكسكس واللحم، فاللحوم الحمراء لازمة ثابتة في المطبخ الموريتاني خاصة خلال الموسم والأعياد.
والشراب المفضل عند الموريتانيين شراب "الزريق"، وهو خليط من الماء واللبن الرائب فضلاً عن العصائر والفواكه بالنسبة لسكان المدن والأسر المتوسطة والغنية.
والزيارات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء عادة راسخة في الأعياد الموريتانية، وتبادل التهاني بالعيد وطلب السماح المعروف شعبياً بـ"انديونه"، وتعني مبلغاً رمزياً للأطفال أو الكبار في السن بمناسبة العيد.
دبوس وظامت وسيك
بالنسبة لسكان العاصمة والمدن الكبرى، يفضل بعضهم الخروج إلى مراكز الترفيه والحفلات الفنية والموسيقية. أما سكان القرى والريف، فيخرجون إلى الصحراء المفتوحة أو يجتمعون في بعض الساحات لإنشاد الأهازيج والأغاني الشعبية، فضلاً عن الرقص الشعبي المعروف بـ"لعبة الدبوس".
ويفضل الرجال كبار السن لعبة "ظامت"، وهي لعبة شعبية قريبة من الشطرنج. أما النساء، فيفضلن لعبة "السيك".
ومن العادات الاجتماعية الراسخة في موريتانيا، إرسال الزوجة تكرمة لأصهارها تسمى "اليدمة" أو "الكدحة"، وتعني مجموعة من الملابس والهدايا الرمزية، إلى أسرة الزوج عنوانا للمكارمة بين الأصهار، ويتحمل الزوج التكاليف غالباً.
وتقبل النساء في موريتانيا على شراء الملابس والزينة بمختلف أشكالها، فيما تحرص غالبية الموريتانيات على الحناء التقليدية و"الضفيرة" وزيارة مراكز التجميل تحضيرا للعيد.
أما بالنسبة للشباب، يفضل غالبيتهم قضاء العيد مع الأسرة أول النهار. وفي المساء، يذهبون إلى مراكز الترفيه والحفلات الموسيقية، فيما يفضل البعض الجلوس بالمقاهي أو ممارسة الرياضة في الملاعب.
نواكشوط ــ محمد فال الشيخ
العربي الجديد