رغم أنف إيران وحزب الله العلاقات العربية الإسرائيلية تتعزز فهل هي بداية نشوء شرق أوسط جديد

28 أبريل, 2016 - 18:58

بهدوء ورغم أنف ايران وحزب الله تتعزز العلاقات بين اسرائيل وبين الدول العربية السنية ويمكن أن تكون هذه بداية التطبيع ونشوء شرق اوسط جديد

بقلم: ساره ليفوفيتش دار

 على مدى ثلاث سنوات التقى سرا ثلاثة اسرائيليين مع ثلاثة سعوديين. وحسب موقع وكالة الانباء بلونبرغ، فقد تمت اللقاءات في روما وتشيكوسلوفاكيا والهند. وتحدث الستة بانفتاح عن التحديات المشتركة للدولتين وعن ايران كعدو مشترك. وعن الاستقرار الاقليمي. على رأس الثلاثة الاسرائيليين كان دوري غولد الذي كان في حينه باحثا في المركز المقدسي للسياسات. وعلى رأس الثلاثة السعوديين كان الدكتور انور عشقي المقرب من العائلة المالكة وسفير السعودية في الولايات المتحدة سابقا. وقد وضع عشقي ملاحظات بالانجليزية. شمعون شبيرا الذي يترأس اليوم هيئة وزارة الخارجية وكان في حينه باحثا في المركز المقدسي للسياسات وأحد المشاركين في المحادثات، سجل الملاحظات باللغة العبرية.

 كان السعوديون والاسرائيليون منفعلون. “أنت لا تلتقي مع سعوديين كل يوم”، قال أحد الاسرائيليين الذي كان مشاركا في النقاشات. “فجأة انت ترى سعوديين مثقفين جدا وضالعون بالوضع العالمي، هم اشخاص يوجد ما نتحدث عنه معهم. وقد انفعلوا لرؤية اسرائيليين يتحدثون بنفس الروحية ومع نظرة مشابهة. فجأة تفهم أن اتفاق سلام مع السعودية ليس شيئا بعيدا. يجب توفر الظروف المناسبة وهذا سيحدث. هذا لن يحدث غدا لكنه ليس وراء جبال الظلام. عندما خرجنا من اللقاءات قلنا لانفسنا انه يوجد هنا شرق اوسط مع الكثير من الامل لمستقبل افضل”.

 في حزيران 2015 اصبحت اللقاءات علنية حينما صافح غولد عشقي خلال لقاء في معهد ابحاث واشنطن. بالتأكيد يمكن التعاون، اعلن عشقي امام الكاميرات. يوجد الكثير من المصالح المشتركة. وبعد ذلك ببضعة ايام تم تعيين غولد مديرا عاما لوزارة الخارجية. وزار عشقي قبل سنة القدس بدعوة من السلطة الفلسطينية وصلى في المسجد الاقصى.

       العدو المشترك

 لا يمكن تجاهل المصالح المتشابهة التي تطورت مؤخرا بين اسرائيل والاردن، مصر، السعودية ودول خليجية اخرى والتي تسمى الائتلاف السني. وما يؤكد ذلك هو الاستطلاع الذي تم قبل بضعة اشهر في السعودية وتبين أن معظم السعوديين قلقون من ايران اكثر من اسرائيل. صحيح ان العلاقات تتحرك بين الامل وخيبة الامل، يقوم القادة العرب والاسرائيليون بتقديم الورد والشوك لبعضهم البعض، لكن شخصيات اسرائيلية رفيعة المستوى تتجول في العالم العربي بتكرار غير مسبوق.

 اسحق مولخو، مبعوث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، زار مؤخرا عدة مرات القاهرة. ومدير عام وزارة الخارجية غولد افتتح مجددا السفارة الاسرائيلية في القاهرة قبل بضعة اشهر. الرئيس المصري السيسي التقى مع وفد من قادة يهود وعلى رأسهم مالكولم هونلاين المقرب من نتنياهو. وقال السيسي ايضا انه يتحدث مع نتنياهو باستمرار. وابلغت مصر اسرائيل مسبقا انها تريد تسليم جزر تيران وسنفير للسعودية. وكشف افيغدور ليبرمان مؤخرا ان مصر تساعد اسرائيل في الحوار مع حماس. شخصيات رفيعة في جهاز الامن، منها رئيس الموساد، زارت السعودية. وحسب مواقع انترنت امريكية استندت الى مصادر عربية، يئير لبيد التقى في نيويورك مع الامير السعودي تركي الفيصل الذي كان في السابق رئيس الاستخبارات السعودية وسفير السعودية في الولايات المتحدة. وزير الدفاع موشيه يعلون التقى مع الفيصل في مؤتمر الامن في ميونيخ. وهذا رغم ان الفيصل قال مؤخرا ان العرب رفضوا في السابق محاولات المصالحة واليوم الاسرائيليون هم الذين يرفضون السلام.

 في بداية السنة التقى وزير البنى التحتية يوفال شتاينيتس في أبو ظبي مع شخصيات رفيعة من الامارات العربية. وغولد ايضا زار تلك الدولة قبل بضعة اشهر وافتتح هناك الممثلية الدبلوماسية الاسرائيلية. وحسب مصادر اجنبية، هناك رحلة طيران مرتين في الاسبوع بين أبو ظبي واسرائيل.  اثنان من لاعبي كرة الطائرة الاسرائيليين، اريئيل هلمان وشون فايغا، لعبا مؤخرا في قطر. وهما لم يشعرا بأي عداء تجاههما . “كان ذلك من السفر الى اوروبا”، قال هلمان، “صحيح أن اثنين من الحراس كانا يرافقاننا لكنه لم تكن مشكلة. شرطي محلي صادق على دخولنا الى قطر خلال خمس دقائق، واثناء وجودنا هناك تجولنا في المجمع التجاري وأكلنا في مطعم محلي بدون صعوبة. إن قطر تبدو مثل القدس ويوجد فيها كل شيء: نساء محجبات ورجال يلبسون الجلاليب وايضا رجال بملابس غربية. الطعام في المطاعم متنوع والاسعار ارخص مما هي في اسرائيل. بالنسبة لنا كان هذا مثل أي دوري آخر”.

 حسب موقع ميدل ايست آي، فان رئيس الموساد التقى مع الملك الاردني عبد الله، وحسب نفس الموقع، فقد اتصل رئيس الاركان غادي آيزنكوت مع ملك الاردن وتحدث معه حول تدخل روسيا في سوريا. وقد شارك غولد قبل نصف سنة في لقاء في الاردن. نائب رئيس الاركان يئير غولان قال في الاسبوع الماضي للمراسلين الاجانب في اسرائيل ان الاذرع الامنية تنقل معلومات لمصر والاردن من اجل المساعدة في الحرب ضد داعش. التفاهمات حول الحرم تبلورت مؤخرا بين اسرائيل والاردن. ايضا أيوب قرة، نائب وزير التعاون الاقليمي التقى مع شخصيات اردنية رفيعة في العقبة. “اذا استمر هذا التوجه ستنشأ خارطة جيوسياسية جديدة في الشرق الاوسط”، قال البروفيسور يورام ميتال من جامعة بن غوريون.

 الشيخ حسن نصر الله، زعيم حزب الله، انتبه للشرق الاوسط الجديد الذي يتشكل أمام عينيه. “الخطر المركزي بالنسبة لحزب الله”، قال قبل بضعة اسابيع، “هو تحسين العلاقة بين اسرائيل والدول السنية”. الاعداء المشتركين، حزب الله وايران، هما المادة اللاصقة. واعلنت دول الخليج مؤخرا عن حزب الله كمنظمة ارهابية. ويتوقع ان تطلب هذه الدول من مؤتمر الدول الاسلامية الاعتراف بهذا الاعلان.

 وزير خارجية البحرين، خالد بن احمد آل خليفة قال قبل اسابيع ان ايران تهدد دول الخليج والاستقرار في الشرق الاوسط أكثر من اسرائيل. عبد الله الشمار ، دبلوماسي سعودي سابق، قال مؤخرا لـ “وول ستريت جورنال” انه لو كان هو من يتخذ القرارات لما تردد للحظة في التعاون مع اسرائيل في كل ما يتعلق بالسياسة النووية الايرانية. وزير الاستيعاب زئيف الكين يوافق على هذه الطريقة. في مقابلة مع موقع اخباري سعودي قال الكين في بداية السنة ان ايران تعتبر تهديدا مشتركا لاسرائيل والسعودية. “نحن لا ننشيء هنا شرق اوسط جديد”، قال الكين للصحيفة، “بل نحارب اعداء مشتركين. هذه الحروب لا تدفع دائما الى التعاون الكامل، بل الى تعاون آني حول نقاط معينة”.

 “الخوف من ايران وعدم التلهف من سياسة الولايات المتحدة في كل ما يتصل بهذا الموضوع تؤدي الى التعاون بين اسرائيل ودول الخليج”، قال يوئيل جوجانسكي من معهد بحوث الامن القومي. “بالتأكيد هناك سبب للتفاؤل. توجد هنا نقاط ضوء. هذه هي العملية المتدرجة المستمرة منذ سنوات. وقد لوحظ تحسن مؤخرا في العلاقات، الامر الذي وجد تعبيره في الاتفاق على الاعلان عن العلاقات مع اسرائيل. اذا كان مسؤولون سعوديون في السابق لا يستطيعون الظهور مع اسرائيليين، فقد تم اللقاء بين عشقي وغولد قبل بضعة اشهر بشكل علني. وفي الوقت الحالي، التحسن في العلاقات يتم من وراء الكواليس وهذا افضل. في لحظة خروج هذه العلاقات من الخزانة، وعلى ضوء مميزات الشرق الاوسط، فانها لن تبقى من وراء الكواليس″.

 “كل شيء يتم تحت الارض”، قال اليران ملفل من شركة “الاسواق العربية” التي تساعد رجال اعمال اسرائيليين بالتجارة في الدول العربية. “ان النشر فقط يضر بالشركات الاسرائيلية. نحن نعمل بشكل دائم من اجل اخفاء العلاقات بين اسرائيل وبين الدول العربية”.

       الماس الخليج

 خذوا مثلا الرحلة الجوية بين اسرائيل وأبو ظبي. حسب “ميدل ايست آي”، فان طائرة ايرباص من تل ابيب تخرج من تل ابيب الى ابو ظبي وتعود مرتين في الاسبوع. الطائرة تمر فوق مطار اردني. وبعد تواجد قصير تحلق الى ابو ظبي دون الحاجة الى الابلاغ عن هبوطها في الخليج.

 تحت غطاء سري، فان التجارة مع بعض الدول السنية، لا سيما دول الخليج، في حالة ازدهار. “من المؤسف أن دول عربية لم تصل الى مستوى الشجاعة المطلوب من اجل تحويل العلاقة الاقتصادية الى شيء رسمي. لا يوجد للقادة في المنطقة الشجاعة للقيام بخطوات تكون في مصلحتهم. الرئيس المصري انور السادات كان قائدا شجاعا، أما الباقين فهو يخافون”.

 وسواء كانوا يخافون أم لا “ان العلاقات التجارية في ازدياد، حيث ان الحاجة والواقع يتغلبان على السياسة”، قال ملفل. وفي محل للمجوهرات في دبي، صحيح انهم يغلقون الهاتف في وجهي عندما اسأل اذا كانوا مستعدين لارسال مجوهرات الى اسرائيل، لكن المجوهرات الاسرائيلية طُلبت من اجل بورصة الماس في الشهر القادم في دبي. أما وزير النفط السعودي، علي النعيمي، فقد قال مؤخرا ان بلاده على استعداد لتصدير الذهب الاسود الى أي مكان في العالم، بما في ذلك اسرائيل.

 العلاقات التجارية بين اسرائيل ودول الخليج تتم بالاساس عن طريق تركيا وقبرص. الاسرائيليون الذين يعملون مباشرة مع دول الخليج لا يصرحون بشكل علني عن هويتهم. موقع لفانت في الانترنت الخاص بالماس والتابع لـ “ليف لفايف” يربط بين محلات لفايف في نيويورك ولندن ودبي. مئات الاسرائيليون يسافرون كل سنة الى الشرق مع شركة قطر اير ويز عن طريق مطار في الدوحة، وهو يهبطون ويبقون بضع ساعات مع جواز سفر اسرائيلي دون خول. تاجر سابق للمجوهرات في دبي قال انه توقف عن العمل بالمجوهرات في دول الخليج . “ليس من المريح العمل معهم. الامر معقد جدا. كان علي صرف شيكاتهم في دول اخرى. واذا قرر تاجر مجوهرات في دبي عدم دفع ثمن بضاعتي، فلا يوجد لي الكثير لافعله. ليس الكثير من المجوهرات الاسرائيلية تتجول اليوم في دول الخليج”. في بورصة الماس يقولون ان العلاقة بين الماس الاسرائيلي ودول الخليج قائمة وموجودة. “بالطبع نحن نتبادل معهم تجاريا”، قال احد المسؤولين في البورصة.

 منذ بداية الثمانينيات تتاجر اسرائيل مع دول الخليج. مصنع اسرائيلي للبسكويت كان من الاوائل الذين باعوا. وكانت الذروة في بداية التسعينيات عندما اقامت اسرائيل مكاتب في قطر وعُمان. رجال اعمال بارزين مثل اسحق شوفا ومدراء في بنك هبوعليم سافروا الى دول الخليج بحثا عن فرص تجارية. ايتان فرتهايمر استدعي الى قطر لمهرجان الخيول العربية. الحليب والمنتوجات الزراعية والاخشاب والادوات الالكترونية تدفقت من اسرائيل الى دول الخليج. القطريون بحثوا عن لاعبين كرة قدم اسرائيليين ليكونوا مسؤولين عن فرقهم. اسرائيل شاركت في معرض السلاح في قطر. رجال اعمال من دول الخليج بحثوا عن صفقات مع اسرائيل. بنوك في دول الخليج درست امكانية الاستثمار في اسهم اسرائيلية في بورصة تل ابيب. وأحد أبناء العائلة المالكة في الخليج اهتم بشراء شقق سياحية في اسرائيل.

 في 1995 تراجعت العلاقات في اعقاب خيبة الامل لدى دول الخليج من تباطؤ عملية السلام. ومنذ ذلك الحين شهدت تقدما وتراجعا. الممثلية الاسرائيلية في عُمان اغلقت في سنة 2000 في اعقاب الانتفاضة الثانية، وبعد ذلك بثماني سنوات اغلق مكتب المصالح الاسرائيلية في قطر في اعقاب عملية “الرصاص المصبوب”. وقبل ذلك بثلاث سنوات مولت قطر اقامة ستاد الدوحة في سخنين.

       الامر معقد قليلا

 هل نحن أمام ذروة جديدة؟ اسحق غال، خبير في اقتصاد الشرق الاوسط في مركز ديان في جامعة تل ابيب يقلل من تلهفه. “العالم كله يصدر الى دول الخليج الفارسي بمليارات الدولارات. الوجود الاقتصادي لمصر يعتمد على التجارة مع دول الخليج. توجد هناك موانيء ضخمة واجهزة اعلامية ضخمة، لكننا تقريبا غير موجودين هناك. بين فينة واخرى نبيعهم بضائع يحتاجونها بشكل غير مباشر. ولكن معظم الامور لا يمكن فعلها من تحت الطاولة. نحن نفقد الاقتصاد في دول الخليج. من الناحية السياسية لا يستطيع الاسرائيليون الدخول الى هناك مع جواز سفر اسرائيلي. واذا كانت لهم مصلحة امنية فهم يتحدثون. ولكن هذا ايضا يتم من تحت الطاولة”.

 العلاقات مع الدول السنية معظمها سرية، رغم انكشاف ذلك بين فترة واخرى. وقد اشار بعض السعوديين المقربين من العائلة المالكة في تويتر تحت اسم “مجتهد”، الى ان السعودية تشتري من اسرائيل الطائرات بواسطة جنوب افريقيا. وحسب “اتلانتيك” الامريكية فقد اقترحت اسرائيل على السعودية “قبة حديدية” تساعدها في الحرب في اليمن. وأيدت اسرائيل الهجوم السعودي على اليمن. اهود باراك يملك اسهم في شركة “سيالوم تكنولوجي”، التي تبيع وسائل امنية للسعودية وعُمان. وشركة “رادوم” لتصنيع اجهزة الطائرات التجارية تتعاون مع احدى دول الخليج. رجل الاعمال الاسرائيلي الامريكي ماتي كوخافي وقع عن طريق شركة “اي.جي.تي” اتفاقية دفاع حدودية وآبار نفط في احدى دول الخليج. وحسب مصادر اجنبية فقد استخدمت دبي الوسائل الامنية الاسرائيلية من اجل الكشف عن رجال الموساد الذين قتلوا محمود المبحوح.

 حسب “الميدل ايست آي”، قامت اسرائيل والاردن مؤخرا بعمل مناورة جوية مشتركة مع الولايات المتحدة واشتبكت مع طائرات روسية في الحدود السورية. “كان الروس متفاجئون عندما فهموا انهم لا يستطيعون التحرش بنا”، كما تفاخر الملك عبد الله، ملك الاردن، في الكونغرس الامريكي قبل بضعة اسابيع. وحسب موقع “ديفينس وورد” فقد ارسلت اسرائيل طائرات بدون طيار الى الحدود السورية الاردنية من اجل جمع المعلومات. ونقلت 16 طائرة من طراز “كوبرا” الى الاردن. العلاقات الامنية مع مصر قوية بنفس القدر. وحسب تقرير وزارة الاعمال البريطانية، فقد باعت اسرائيل لمصر اجهزة حربية الكترونية.

 البروفيسور ميتال: “قنوات الاتصال بين اسرائيل ومصر تشمل نقل المعلومات. في اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر يوجد ملحق عسكري مفصل يصل الى مستوى توزيع القاذفات في كل نقطة في سيناء. وعلى مدى السنين وفي كل مرة كانت طائرات سلاح الجو الاسرائيلي يدخل ذيلها الى مصر المصرية، كان يتم الحديث عن الاخلال باتفاق السلام. ونحن كنا نفعل نفس الشيء حينما يخترقون مجالنا. وقد قامت مصر في العامين الاخيرين بادخال جيش كامل الى سيناء، حيث انه محظور عليها فعل ذلك حسب اتفاق السلام، لكن اسرائيل وافقت. وهذا يعتبر تغييرا دراماتيكيا يهدف الى مساعدة مصر في حربها ضد داعش في سيناء، مع أن هذا قد يخلق مشكلة. ولنفرض أن المصريين سيقضون على الارهاب في سيناء ويبقون هناك كقوة مانعة. فهل ستوافق اسرائيل على ذلك؟ هذا ليس مؤكدا. في الوقت الحالي تحدث في المنطقة تغيرات كانت غير متوقعة قبل عامين، وكانت تبدو وهمية”.

 ولكن ليس كل شيء ورديا. فمستوى التجارة مع قطر تراجع في الآونة الاخيرة. في عام 2010 وصل الى 2.9 مليون دولار، وهذا مبلغ قليل، لكنه يشق الطريق. وفي 2013 تراجع المبلغ الى 620 ألف دولار، أي تراجع بنسبة 79 في المئة. وقد دعمت قطر حتى الآونة الاخيرة حماس، وبعض دول الخليج تؤيد ايران، وفي نقاش في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة قبل بضعة اسابيع، هاجم سفراء السعودية وقطر والامارات اسرائيل. البناء في المستوطنات يضر بالجهود الاقليمية والدولية من اجل تحقيق حل الدولتين، قال السفير السعودي في حينه.

 وهناك المزيد: اتفاق الغاز بين اسرائيل ومصر ألغي قبل اربع سنوات. عضو البرلمان المصري توفيق عكاشة ضُرب مؤخرا بالحذاء في البرلمان بعد أن التقى مع السفير الاسرائيلي في مصر، د. حاييم كورن. “يجب أن نتذكر هذا الواقع ايضا”، قال الكين. مستوى التصدير الاسرائيلي الى مصر زاد بنسبة 50 في المئة في الاشهر الاخيرة، لكن التجارة المتبادلة ما زالت بعيدة عن الذروة التي بلغت 388 مليون دولار في 2010. “مقاطعة جميع الاتحادات المهنية في اسرائيل ما زالت سارية”، قال تسفي مزال، الذي كان في السابق سفير اسرائيل في مصر، “انهم يقاطعون كل من يخترق المقاطعة ويمنعونه من العمل. وزيارة الاسرائيليين الى مصر اثناء عهد حسني مبارك توقف الآن كليا. الامر بدأ ينعش قليلا، لكنه لم يصل الى المستوى المرتفع كما في عهد مبارك. الصحفيون يكتبون أن العلاقات آخذة بالدفء، لكن الامر معقد. بعد أن تم الغاء صفقة الغاز ذهبنا الى التصدير الزراعي، غيرنا لهم الزراعة. ولكنهم اتهمونا في حينه بتسميم الاراضي المصرية. الرئيس السيسي سيتوجه نحو التعاون معنا فقط بعد أن يتمكن من ايجاد الاستقرار في الاقتصاد المصري ويشعر بالأمان”.

 في الاردن ايضا التفاؤل حذر. ميناء حيفا مليء بالشاحنات الاردنية. في السابق كانت البضائع التي تأتي من اوروبا الى الاردن وبالعكس، كانت تمر عبر سوريا. الآن هي تصل الى ميناء حيفا. 60 في المئة من التصدير الاردني الى اوروبا وتركيا يمر عبر ميناء حيفا. ايضا التجارة المباشرة بين اسرائيل والاردن آخذة بالتزايد. وبين 2010 و2014 زادت نسبة التجارة الزراعية بين اسرائيل والاردن بـ 35.3 في المئة، من 26 مليون شيكل الى 118 مليون شيكل. صحيح أن التصدير تراجع بمستوى النصف، لكن الاستيراد بين اسرائيل والاردن ازداد بين 2008 – 2014 من 106 مليون دولار الى 378 مليون دولار. جزء منه يتم بشكل مباشر وجزء يتم عن طريق طرف ثالث.

       امريكا؟ السعودية

 قبل حوالي عام قرر الملك عبد الله، ملك الاردن، ادخال اسم اسرائيل في الخرائط وكتب التعليم. من جهة ثانية هناك عائلة اسرائيلية حاولت الدخول الى الاردن عن طريق معبر اسحق رابين قرب ايلات، طُلب منهم خلع القبعات من اجل عدم التجول مع علامة فارقة كهذه في الاردن. أحد الشباب الاسرائيليين طُلب منه خلع ملابس المتدينين في المعبر الحدودي. وتم استدعاء السفير الاردني في اسرائيل للاستيضاح، لكن الدولتين قررتا خفض اللهب وابقاء الحادثة في المعبر الحدودي كنوع من عدم فهم الجنود وليس كرغبة الدولة.

ومع ذلك يصعب اخفاء رياح اخرى. قبل عام كتب كامل أبو جابر، وزير خارجية اردني سابق، مقال في “جوردان تايمز″ اقتبس فيه “كفاحي” لهتلر واتهم اسرائيل بافشال جهود وزير الخارجية الامريكي جون كيري من اجل التوصل الى تفاهمات في المنطقة. وقد تم نفي الانباء التي تحدثت عن اقامة منطقة صناعية مشتركة لاسرائيل والاردن من قبل الحكومة الاردنية، نقابة المحامين في الاردن ترفض متابعة الصفقات المتعلقة بشركات اسرائيلية. وقد رفض الاردن اقتراحا اسرائيلية من اجل تحلية المياه الاردنية في ايلات وسنت قانون جديد يمنع شراء الاسرائيليين للعقارات في منطقة البتراء.

 عوديد عيران، الباحث في معهد بحوث الامن وسفير اسرائيل السابق في الاردن قال إن العلاقات بين اسرائيل والاردن معقدة. “هناك حوار دائم بين الدولتين، ليس كله منطقي. وتوجد بيننا مصالح مشتركة، مسألة المياه، حيث تقوم اسرائيل باعطاء المياه للاردن. فهم بحاجة الى مياهنا وسيزداد هذا الطلب بسبب مليون ونصف لاجيء سوري جاءوا الى الاردن. ومحظور علينا أن ننسى الموضوع الفلسطيني.صحيح أن الاهتمام بالموضوع الفلسطيني قد تراجع، لكنه لم يختف تماما. وطالما أنه لا يوجد حل، ولو جزئي، مع الفلسطينيين، فان التقدم في العلاقات بيننا وبين الاردن ودول الخليج سيكون بطيئا”.

 الكثير من الامور مرتبطة بالفلسطينيين، قال جوجانسكي. “اذا تم استئناف المشاورات بيننا وبين الفلسطينيين، فان العلاقات مع الدول السنية ستجد دفعة لها. إن تصاعد الانتفاضة وقتل الفلسطينيين سيؤثر على علاقاتنا مع العالم العربي”.

 “من اللافت رؤية كيف أن اسرائيل تبتعد عن الولايات المتحدة وتقترب من الدول في الشرق الاوسط، في الوقت الذي يقوم فيه الفلسطينيين بفعل العكس. لديهم خلافات مع دول المنطقة وهم يبحثون عن أذن صاغية في الولايات المتحدة واوروبا”، قال البروفيسور ميتال، “ايضا ليس واضحا اذا كانت المواقف الاساسية تجاه اسرائيل في العالم العربي قد تغيرت. أنا أشك بهذا. وفي اسرائيل ايضا لم يحدث أي تغيير لدى معظم الاسرائيليين حول النظرة الى العالم العربي. واذا كان هناك تغيير فهو نحو الاسوأ”.

معاريف   28/4/2016

المصدر