شهدت العلاقات المغربية الموريتانية خلال الفترة الأخيرة الكثير من التطور، لاسيما أن هناك رغبة سياسية مشتركة لتوطيد العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين البلدين.
وقالت المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، امباركة بوعيدة، إن الزيارة التي تجريها نظيرتها الموريتانية حاليا للمغرب واللقاءات التي ستعقدها مع عدد من الوزراء المغاربة، تصب كلها في نفس التوجه المبني على إرادة سياسية مشتركة بين المملكة وموريتانيا تحت قيادة الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني، اللذين يؤكدان كثيرا على أهمية وأولوية هذه العلاقات الثنائية.
وجاءت تصريحات الوزيرة المغربية في إطار اجتماعات موريتانية مغربية ركزت على التحضير لاجتماعات اللجنة العليا المشتركة، واختتمت بتوقيع الجانبين عدة اتفاقيات تتعلق في مجملها بالتعاون في المجال اللوجستي والنقل وتأمين الحدود.
وطالما شهدت العلاقات المغربية الموريتانية خلال الأعوام الماضية مراحل مختلفة، ارتبط تحسنها وتذبذبها بعلاقة موريتانيا بالجزائر، لاسيما أن الأخيرة لديها خلافات واسعة مع المغرب حول ملف الصحراء الغربية، حيث يدفع التأزم الحاصل في العلاقات الموريتانية الجزائرية إلى تقريب وجهات النظر المغربية الموريتانية، خاصة في نزاع الصحراء، الأمر الذي دفع علاقات البلدين إلى الاتجاه نحو مسار التطبيع، بعد سنوات من التوتر.
ومنذ ثلاث سنوات، عقد اجتماع للجنة العليا المشتركة بين الجانبين، احتضنته نواكشوط بإشراف من رئيس وزراء المغرب، عبد الإله بنكيران، ورئيس وزراء موريتانيا آنذاك، مولاي ولد محمد لغظف، وتركزت المباحثات في الاجتماع بشكل أساسي على الجوانب الاقتصادية، لتبدأ منذ ذلك الوقت العلاقات في التطور، حتى بعثت المغرب وحدة عسكرية إلى نواكشوط للمشاركة في عرض عسكري نظمته موريتانيا بمناسبة عيدها الوطني في شهر نوفمبر الماضي، كما استقبل الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وفدا رسميا مغربيا برئاسة وزير الخارجية صلاح الدين مزوار.
ويعول البلدان على التبادل التجاري المرتفع، فقد وقع الجانبان اتفاقية لتسهيل تنقل الأشخاص والبضائع وتخفيف الإجراءات الإدارية على مواطني البلدين، كما أن التبادل التجاري في ارتفاع مستمر؛ حيث بلغ 1,397 مليار درهم مغربي بحلول نهاية العام الماضي، تستحوذ الصادرات المغربية على معظمه، في حين أن القيمة الإجمالية للصادرات المغربية إلى السوق الموريتانية تبلغ 1,390 مليار درهم، فإن الصادرات الموريتانية إلى المغرب لا تتجاوز 7 ملايين درهم.
ورغم أن الشهور الأخيرة شهدت بعض المواقف والتحركات الموريتانية التي اعتبرت من قِبل المراقبين دليلًا على نوع من الدفء في العلاقات مع المغرب، من بينها زيارة رئيس الحزب الحاكم، سيدي محمد ولد محمد، إلى الرباط، واستقباله هناك بحفاوة كبيرة، إلا أن هناك باستمرار علامات ودلائل تشير إلى حساسية الوضع، فمازالت السفارة الموريتانية بالرباط منذ سنتين خالية من أي تمثيل دبلوماسي رفيع منذ مغادرة السفير المعتمد في الرباط، وتعيين مستشاره الأول سفيرا لموريتانيا في غينيا بيساو، ليتولى المستشار الثاني تسيير شؤون السفارة الموريتانية في المغرب، ليدلل على وجود تخوف وعدم ثقة لدي القيادتين.
ومن جانب المغرب، هناك تخوف من تحول موقف موريتانيا خاصة في نزاع الصحراء، حيث لم تخفِ المغرب امتعاضها من تعاطي الجهات الرسمية في موريتانيا مع ملف الصحراء الغربية، واستقبالها قادة في حركة البوليساريو، التي تعدها الرباط أكبر أعدائها في المنطقة.
كما أن الجانب الآخر المتمثل في الحكومة الموريتانية يبدي تحفظا كبيرا على استضافة المغرب أبرز معارضي الرئيس محمد ولد عبد العزيز المتمثلين في المعارض ولد الإمام الشافعي ورجل الأعمال المعارض محمد ولد بوعماتو، اللذان تتهمهما الحكومة الموريتانية بالسعي لإسقاط حكم الرئيس وحاولت نواكشوط إقناع الرباط بطردهما دون أن تفلح في ذلك.