أشرف رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز صباح اليوم الأربعاء بالمركز الدولي للمؤتمرات في نواكشوط على افتتاح مؤتمر دولي حول دور علماء السنة في مكافحة الارهاب والتطرف.
وينظم هذا اللقاء الذي يدوم يومين بالتعاون بين وزارة الشؤون الاسلامية ورابطة العالم الاسلامي.
وحضر مراسم الافتتاح الوزير الاول السيد يحيى ولد حدمين ورئيس الجمعية الوطنية والوزير الامين العام لرئاسة الجمهورية وأعضاء الحكومة ورؤساء الهيئات الدستورية والسلك الديبلوماسي وممثلو المنظمات الدولية وجمع من الائمة والعلماء ورجال الفكر والثقافة.
وأكد وزير الشؤون الاسلامية والتعليم الاصلي السيد أحمد ولد اهل داوود في كلمة بالمناسبة على أهمية مقاربة رئيس الجمهورية في المزاوجة بين الامن والتنمية والجهود الجبارة التي بذلها لتجهيز القوات المسلحة وقوات الامن في ظل تعزيز الديموقراطية وارساء قواعد تنمية مستدامة.
وأوضح ان تنظيم هذا المؤتمر يعكس الارادة السياسية لتحصين الاسلام من الغلو التطرف وابراز حقيقة الاسلام السمح واهمية لزوم الجماعة وتبني منهج الحكمة والموعظة الحسنة وتحصين الشباب من الانحراف والتطرف.
وأعرب الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الامين العام لرابطة العالم الاسلامي عن غبطته بعقد هذا المؤتمر لإبراز دور علماء السنة في مكافحة الارهاب والتطرف.
وأوضح أن الارهاب يشكل أكبر بلاء ابتليت به الامة في هذا الزمن، مبرزا دور الاسرة ومؤسسات التعليم والمسجد في نشر الوسطية وتصحيح الاخطاء وكذلك الاعلام بمؤسساته المختلفة في تربية النش ء وتوجيهه، بما يعزز الانتماء الديني والمجتمعي وتنمية الوعي بالقضايا والمشكلات التي تهم الوطن والمجتمع.
وقال إن رسالة العلماء تتلخص في نشر العلم والفتوى ومعالجة القضايا الشرعية ومواجهة المضللين والتصدي للتطرف الذي تنتجه بعض الجماعات التي تنشر الفهم الشاذ بخصوص الجهاد والحسبة وغيرها، ومواجهة الفكر الطائفي والطعن في السلف الصالح الذي على اكتافه بلغ الدين ما بلغ.
وأبرز الشيخ عبد الله ولد بيه رئيس منتدى تعزيز السلم والامن في المجتمعات المسلمة ورئيس مركز التجديد والترشيد ان علماء الامة انطلاقا من الثوابت يجب عليهم تكثيف الجهود لمواجهة الهجمة التي يتعرض لها الاسلام، مبرزا مخاطر شق عصى المسلمين وعدم منازعة الامر اهله وضرورة الوحدة لمواجهة التحديات وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام، ونشر ثقافة السلم والفكر المعتدل الصحيح والاتزان في الفكر والسلوك، بعيدا عن الفتنة والتكفير وقتل الناس الآمن منهم والمستأمن بغير وجه حق.
وبعد فعاليات الافتتاح، انطلقت الجلسات العلمية للمؤتمر وتتعلق أولاها التي يترأسها الدكتور محمد المختار ولد اباه، بموضوع: "اهل السنة والجماعة ووحدة الامة المسلمة".
وقدم وزير الشؤون الاسلامية والتعليم الاصلي خلال هذه الجلسة عرضا حول المذاهب الفقهية السنية ودورها في ضمان استقرار وتماسك الامة: المذهب المالكي نموذجا.وتناول عرض آخر قدمه كل من الدكتور رشيد كهوس، أستاذ السيرة النبوية بجامعة تطوان، والشيخ الطالب اخيار، عضو المجلس الاعلى للفتوى والمظالم، أهمية لزوم الجماعة وذم الفرقة والاختلاف.
وخلال نفس الجلسة قدم الشيخ بوميه ولد ابياه، عرضا حول السنة وهوية الامة المسلمة، في حين تناول الشيخ محمد المختار ولد امباله، رئيس المجلس الاعلى للفتوى والمظالم موضوع فقهاء المالكية وتعزيز قيم الوسطية في المجتمع.
وتناولت الجلسة الثانية التي ترأسها سعادة السيد عبد المهيمن محمد الامين، أستاذ بالجامعة الاسلامية في النيجر موضوع "علماء الامة ( الحقوق والواجبات)"وتضمنت عروضها مواضيع من قبيل وجوب بيان توضيح الاسلام الصحيح والمرجعية وقضايا الخلاف وضبط المفاهيم الملتبسة على الشباب المسلم، قدمتها كوكبة من العلماء والشيوخ.
وفي اليوم الثاني من المؤتمر ستتناول أولى الجلسات برئاسة الشيخ عثمان ولد الشيخ ابي المعالي، الارهاب والتطرف في ميزان الشرع، من خلال عروض حول حرمة الدماء وعصمتها في الاسلام وفتنة التكفير والفكر الخارجي والجهل بالدين كسبيل للغلو والتطرف.
وستتناول الجلسة الثانية برئاسة الدكتور محمدن لمرابط اجيد، نائب رئيس جامعة لعيون الاسلامية، مواضيع من قبيل استعادة دور العلماء وتعزيز الثقة بهم وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش السلمي وتفعيل دور المؤسسات التعليمية في تعزيز القيم الجامعة، يقدمها كوكبة من العلماء والشيوخ والائمة.
وفي كلمة له بالمناسبة؛ قال رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز إن موريتانيا اعتمدت مقاربة متعددة الأبعاد لمعالجة ظاهرة التطرف والغلو، حيث عملت الدولة على تحصين الشباب من الانحراف من خلال تبني النهج الوسطي الذي يحافظ على السلم الأهلي ويشجع روح التسامح ويحترم الآخر.
وأوضح في خطاب افتتح به صباح اليوم بقصر المركز الدولي للمؤتمرات في نواكشوط المؤتمر الدولي تحت عنوان دور علماء السنة في محاربة ظاهرة الغلو والتطرف أن العلماء الموريتانيون الأجلاء ساهموا في تنفيذ هذه المقاربة من خلال فتح حوارات علمية مع الشباب الذين استهوتهم الافكار المتطرفة،
وفيما يلي النص الكامل لخطاب رئيس الجمهورية:
"السيد الوزير الأول
السيد رئيس الجمعية الوطنية
السادة الوزراء
السيد الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الامين العام لرابطة العالم الاسلامي
السيد الشيخ العلامة عبد الله بن بيه، رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد
أصحاب السعادة رؤساء البعثات الديبلوماسية والهيئات الدولية
أصحاب الفضيلة العلماء والأئمة
السادة والسيدات المدعوون الكرام،
أيها الحضور الكريم
يطيب لي أن أشرف على انطلاق أعمال هذا المؤتمر الهام حول دور علماء السنة في مكافحة فكر الغلو والانحراف، مرحبا بضيوفنا الكرام ومنوها بالدور المحوري لأصحاب الفضيلة العلماء الذين تعلق عليهم الأمة آمالا كبيرة في نشر رسالة الإسلام السمحة وصونها من الغلو والتحريف.
في هذا الإطار نثمن عاليا الجهود الطيبة التي تبذلها رابطة العالم الإسلامي في سبيل الحفاظ على بقاء هذه الرسالة الخالدة التي جاءت رحمة للعالمين ودعوة إلى مكارم الأخلاق وتبيانا للحق.
أيها السادة،
تواجه أمتناالإسلامية تحديات كبيرة على رأسهاالإرهاب الذي يستبيح دماء الناس وأعراضهم وممتلكاتهم، معتمدا على تأويلات أساسها الغلو والتطرف والإنحراف، مما تسبب في إشعال الفتن في بعض البلدان الإسلامية، فقوض أمنها وزعزع استقرارها وفكك نسيجها الاجتماعي، مما أعطى صورة نمطية لديننا الحنيف تتناقض والقيم الإسلامية السمحة التي ميزت تاريخ الأمة على مر العصور.
إن التصدي لكل هذه المخاطر يتطلب تضافر جهود الجميع وخاصة إسهامات علمائنا الأجلاء الذين تقع عليهم مسؤولية تبيان المفاهيم الصحيحة لديننا الحنيف، فالعلماء هم حماة العقيدة ويعول عليهم في المقام الأول في تفقيه الناس في أمور دينهم ودنياهم وتحصين الأجيال الصاعدة ضد مخاطر الانحراف وإعادة المغرر بهم إلى جادة الصواب، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فمسؤولياتكم الجسام تجاه الأمة وشبابها، أيها العلماء الأجلاء، تزداد اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالأمل معقود عليكم لتقديم الإسلام في صورته الناصعة، رسالة تحمل القيم الحضارية الإنسانية وتنشر المحبة والرحمة والسلام بين الناس جميعا.
أيها السادة والسيدات،
لقد اعتمدت بلادنا مقاربة متعددة الأبعاد لمعالجة ظاهرة التطرف والغلو، ففي المجال الفكري، عملت الدولة على تحصين الشباب من الانحراف من خلال تبني النهج الوسطي الذي يحافظ على السلم الأهلي ويشجع روح التسامح ويحترم الآخر.
وقد ساهم العلماء الموريتانيون الأجلاء في تنفيذ هذه المقاربة من خلال فتح حوارات علمية مع الشباب الذين استهوتهم الافكار المتطرفة،
وفي المجال السياسي والاجتماعي، كرست الدولة الحريات العامة ورسخت العدالة الاجتماعية من خلال العناية بالفئات الأكثر هشاشة ومحاربة الفقر وتعزيز الحكامة الرشيدة وتقريب الإدارة من المواطنين وتشييد بنى تحتية ملائمة.
أيها السادة والسيدات،
إننا نعلق آمالا كبيرة على هذا المؤتمر، في بلورة رؤية إسلامية واضحة تقدم حلولا عملية ناجعة تحمي الأمة من مخاطر الغلو والتطرف.
في الختام، أعلن على بركة الله افتتاح أعمال مؤتمر علماء السنة ودورهم في مكافحة الإرهاب والتطرف، متمنيا لأعمالكم النجاح والتوفيق.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله".
و.م.ا