العدل أساس الدولة…  لا الانتقائية في تطبيقه/احمد جدو ولد حني

11 أكتوبر, 2025 - 07:32

إن العدل هو الركيزة التي تقوم عليها الأمم وبه تصان الحقوق وتبنى الثقة بين المواطن والدولة. فحين يسود العدل تستقيم المؤسسات وتترسخ شرعية الحكم وتصان كرامة الإنسان ويصبح القانون هو السيد الأعلى الذي يحتكم إليه الجميع دون تمييز أو استثناء ولهذا فإن الدولة الدستورية الحقة هي التي تكفل لكل مواطن محاكمة عادلة ومساواة أمام القانون وضمانات تحمي حريته وحقوقه مهما كان موقعه أو ماضيه أو مواقفه.
وانطلاقا من هذه المبادئ الراسخة فإن الوضعية القانونية للرئيس السابق (محمد ولد عبد العزيز) تستوجب معالجة متوازنة ونزيهة تراعي روح الدستور وتحترم قواعد العدالة وتبتعد عن أي توظيف سياسي أو تصفية حسابات. فالرجل كان على مدى سنوات في صدارة المشهد الوطني وشريكا في صناعة القرار وله إسهامات معروفة في بناء مؤسسات الدولة وتعزيز سيادتها. ومن ثمّ فإن أي تعامل مع قضيته ينبغي أن يكون في إطار القانون وحده لا في ظل الأهواء أو الحسابات الضيقة.
ولعل من اللافت أن الذين يتولون السلطة اليوم كانوا جميعا شركاء للرئيس السابق في إدارة البلاد خلال فترات حكمه وتحت مظلة واحدة من السياسات والخيارات التي طُبقت حينها ومن غير المنصف أن يتحول أحد الشركاء إلى متهم فيما يقدم الآخرون بوصفهم أوصياء على العدالة. فالعدل الحقيقي لا يعرف الانتقائية ولا يقوم على ذاكرة انتقائية أو مواقف ظرفية بل يقوم على المبدأ الراسخ: أن الجميع أمام القانون سواء.
ومن باب الإنصاف والاعتراف بالجميل لا بد من التذكير بأن الرئيس [محمد ولد عبد العزيز] أنصف جماعات ظلمت في عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع وتعرضت للطرد التعسفي والسجن والحرمان من أبسط الحقوق وبقيت تعاني لسنوات طويلة حتى جاء وأنصفها وأعاد إليها الاعتبار مع كامل حقوقها والحق يقال في ذلك. وأنا نفسي واحد من أولئك الذين ذاقوا مرارة الظلم في تلك الحقبة ثم استعادوا كرامتهم بفضل قراراته المنصفة التي جسدت روح العدالة التي نطالب بها اليوم له هو أيضا.
إن الدعوة إلى إطلاق سراح الرئيس -محمد ولد عبد العزيز- ليست موقفا سياسيا بقدر ما هي نداء إلى إعلاء قيم العدالة والإنصاف وتحصين الدولة ضد منطق الانتقام وتأكيد أن قوة المؤسسات لا تقاس بقدرتها على معاقبة الخصوم بل بقدرتها على احترام القانون حتى مع المختلفين. فالدولة التي تظلم اليوم واحدا قد تفتح الباب لظلم الجميع غدا أما الدولة التي تنصف الجميع فهي التي تستحق أن تحترم ويؤمن بها المواطنون.
إننا نريد لدولتنا أن تبقى دولة قانون ومؤسسات لا دولة أشخاص أو تصفيات نريدها أن تطبق العدل لا أن توظفه وأن تقدم النموذج في احترام الدستور لا في تجاوزه. لأن العدل – في نهاية المطاف – ليس شعارا يرفع بل سلوك دولةٍ تقاس قوتها بقدرتها على أن تكون منصفة مع الجميع حتى مع من اختلفوا معها.

 

الفيس بوك

بث مباشر