موريتانيا ليست دولة أبارتايد/أحمدجدو-ولد-حني

8 أكتوبر, 2025 - 18:14

كثُر في الآونة الأخيرة استعمال مصطلح الأبارتايد في غير موضعه حتى صار بعض الجاهلين يسقطونه جزافا على مجتمعات لا تمت له بصلة ومن بينها موريتانيا. ولأن الألفاظ لها معان محددة وجب التوضيح.
إن نظام الأبارتايد لم يكن مجرد سياسة أو سلوك اجتماعي بل كان قانونا رسميا منظما وضع في جنوب إفريقيا منذ عام 1948، يقوم على الفصل العنصري بين المواطنين على أساس اللون. كان يسجل المولود في وثيقة ميلاده بصفته أبيض أو أسود أو ملون ويحدد مسار حياته تبعا لذلك التصنيف فالقانون ذاته كان يفرض هذا التمييز ومن خالفه عد مخالفا للنظام العام وربما نال العقوبة.
إنّ الأبارتايد بمعناه الحقيقي هو تقنين الظلم وجعله جزءا من بنية الدولة بحيث تصبح العنصرية مشروعة بحكم القانون لا مجرد ممارسة مرفوضة وقد استمد هذا النظام كثيرا من أفكاره من القوانين الأمريكية القديمة التي كانت تطبق الفصل العنصري في المدارس والمواصلات والمرافق العامة حتى ستينيات القرن الماضي.
أما في موريتانيا فالوضع مختلف تماما فالدولة لا تعرف قانونا يفرق بين المواطنين على أساس العرق أو اللون أو الأصل بل إن الدستور الموريتاني نص صراحة على المساواة التامة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وحظر كل أشكال التمييز وإن وجدت بعض الاختلالات الاجتماعية أو آثار الماضي فهي تعالج في سياقها الواقعي ولا يجوز أن تقارن بنظام أبارتايد مؤسسي كان يجرم المساواة ويعاقب عليها.
ومن يصف موريتانيا بأنها دولة أبارتايد يجانب الصواب ويفضح جهله بحقيقة المفهوم فليست كل مظاهر التفاوت أو آثار التاريخ دليلا على نظام عنصري بل هي تحديات اجتماعية تعمل الدولة والمجتمع على تجاوزها ضمن مشروع وطني جامع لا بإعادة إنتاج خطاب الكراهية أو الإسقاطات الجاهلة.
إن إسقاط مصطلح "الأبارتايد" على موريتانيا ظلم لغوي وتاريخي ومعرفي يراد به تشويه صورة بلد ما زال يسعى إلى تعزيز وحدته الوطنية وترسيخ العدالة والمساواة بين جميع أبنائه.
فالأبارتايد قانون تمييزٍ رسمي أما موريتانيا فبلد المروءة والحرية والكرامة لا تفرّق بين أبنائها إلا بالجد والعطاء ولا تعرف في تشريعاتها ولا في روحها الوطنية ما يبرر تلك التهمة الباطلة.
والسلام على من أنصف
فالكلمة أمانة والحق أحق أن يتبع.

الفيس بوك

بث مباشر