
مع فشل مجلس الأمن الدولي في تبني مشروع قرار بتمديد تعليق العقوبات المفروضة عليها، باتت إيران أمام واقع جديد يتمثل في إعادة فرض العقوبات بسبب برنامجها النووي. ويعني ذلك عمليا استئناف جميع قرارات مجلس الأمن السابقة المتعلقة بإيران واعتبارها سارية المفعول من جديد.
وكان المجلس قد صوت أمس الأول الجمعة ضد مشروع قرار يقضي برفع العقوبات عن طهران بشكل دائم. غير أنه ما زال أمام إيران والدول الأوروبية الرئيسية أيام قليلة للتوصل إلى اتفاق بشأن تأجيل تفعيل "آلية الزناد".
في أواخر أغسطس/آب الماضي، أعلنت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) أنها شرعت في إجراءات تفعيل هذه الآلية المنصوص عليها في اتفاق 2015.
وتعد "آلية الزناد" جزءا أصيلا من الاتفاق النووي والقرار الأممي 2231، إذ تتيح لأي طرف من أطراف الاتفاق إخطار مجلس الأمن بعدم التزام إيران بتعهداتها النووية. وبموجب هذه الآلية، لا تحتاج إعادة فرض العقوبات إلى توافق داخل المجلس، إذ يكفي انتهاء مهلة الثلاثين يوما من دون التوصل إلى قرار جديد لتدخل العقوبات السابقة حيز التنفيذ تلقائيا، من دون أن يكون لروسيا أو الصين حق تعطيل ذلك باستخدام الفيتو.
ويعني تفعيل الآلية عودة كاملة للقرارات الستة الصادرة بين عامي 2006 و2010، التي فرضت طيفا واسعا من القيود الاقتصادية والمالية والتجارية على إيران. وقد جمدت هذه القرارات بموجب الاتفاق النووي عام 2015 قبل أن تعود مجددا إلى الواجهة بعد فشل مجلس الأمن في تمديد تعليقها.
وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت عام 2018، في الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي بشكل أحادي، وأعادت فرض عقوبات قاسية على إيران.
العودة للفصل السابع
وتثير عودة العقوبات الأممية مخاوف من إدخال الملف الإيراني مجددا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بما يحمله ذلك من تداعيات سياسية وقانونية وأمنية على طهران، في وقت تتعثر فيه الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي أو إيجاد بدائل تفاوضية جديدة.
فجميع القرارات التي أصدرها مجلس الأمن بشأن الملف النووي الإيراني كانت مستندة إلى الفصل السابع من الميثاق، وهو الإطار القانوني الذي يتيح للمجلس التعامل مع الحالات التي يعتبرها "تهديدا للسلم والأمن الدوليين".
ويمنح هذا الفصل المجلس صلاحية تبني إجراءات ملزمة، تبدأ بالتدابير غير العسكرية مثل العقوبات الاقتصادية والسياسية، وقد تصل إلى حد الترخيص باستخدام القوة العسكرية، كما حدث في سوابق مع العراق وليبيا.
ومع توقيع الاتفاق النووي عام 2015 وتعليق القرارات السابقة، تمكنت إيران من الخروج من دائرة الفصل السابع، وهو ما اعتبر تحولا إستراتيجيا في موقعها القانوني والسياسي على الساحة الدولية. غير أن تفعيل "آلية الزناد" والعودة التلقائية للقرارات السابقة تعني عمليا إعادة إدراج إيران تحت مظلة هذا الفصل مجددا.
وفي هذا السياق، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين غريب آبادي، عقب فشل مجلس الأمن في تمديد تعليق العقوبات، أن بلاده ستعتبر اتفاقها الأخير مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية المبرم في القاهرة برعاية مصرية مطلع سبتمبر/أيلول الجاري قد انتهى إذا لم يتحقق أي تقدم دبلوماسي خلال الأيام المقبلة.
وتحذر أوساط دبلوماسية من أن أي انهيار في هذا المسار سيؤثر بشكل مباشر على ديناميات الأمن الإقليمي، وربما يفتح الباب أمام تحركات أحادية من أطراف إقليمية مثل إسرائيل.