
القمة العربية، هذا المقهور المظلوم، الذي أصبح لا يرمز إلا للصداع والهموم، وللقرار الرجعي والمهزوم.
افتقدت القمة العربية في دورتها الأخيرة النصاب، فلم تتمالك، واستولى الأغراب على ارادتھا، فلم تأبه لذلك .
فتحت أيّ عنوان يجتمعون، وعن أي الشعوب يتحدثون؟ إنهم يدركون أنهم معزولون، وأنهم يقولون مالا يفعلون .
سبحانك اللهم أظهرت لنا، هذه القمم العربية في كل مرة هزال إرادتنا، وتقزم قامتنا، وانتكاس طموحاتنا، فماذا بقي لسيادتنا؟ وماذا أصاب قيادتنا؟
أباد الصهاينة شعبنا في فلسطين، فقالوا “طيش حماس”، وهدموا خيامنا، وبيوتنا، ومؤسساتنا فعزوا ذلك إلى سوء تخطيطنا، وإلى عدم الحنكة لدينا وغلبة الإفلاس.
و بالرغم من أن حقنا الفلسطيني ساطع وهاج، وهو كضوء الصبح في إشعاع وانبلاج، فيقفوا العدوان الهمجي موقف المقاوم المهتاج، يساندهم في ذلك عزم السنوار، وشجاعة الضيف، وسيف الحجاج، نراهم يراوغون، ويداهنون الإبادي المتمادي، والسياسي الأمريكي المتغطرس والمعادي.
یا ربنا! يا من إليك مآلنا وعليك اتكالنا، أنُهزم ونصاب باليأس، ونحن خير أمة أخرجت للناس؟
أنُصاب بالذلة، ونحن أعزة، على أيدي العصابة المعتدية وأعضاؤها قلة؟ أتهزم السبعة السبعين في حلبة الصدام ومنا سرايا القدس، وكتائب القسام؟ فأي منطق يعتمد عليه قادتنا في تحقيق نيل المرام؟
إن ما آلت إليه مخرجات القمة العربية حول غزة، والتي غاب عنها معظم الرؤساء، قد تركت الحليم حیرانا، وقلبت كل الحقائق، في القانون والميزان، أيعقل أن يغيب أهل الأرض، ويؤتى بدلهم بالغرباء؟.
أيكون هذا في اجتماع، يعتقد فيه أن يضم الخبراء، والوزراء، والسفراء، لينتهي في الأخير، إلى حالة التوصيات، ونشاز المخرجات؟
هل أتاكم حديث اقتلاع طحالب الأرض من غزة العزة، وتعويضهم بثعالب الدينار والقرض، ليزرعوا غزة عمارات ويسندوا أمرها إلى الغرباء عنها من شذاذ الآفاق، ومختلف الإدارات؟.
إن ما انتهى إليه أمر قمة حكامنا، أشبه ما يكون في ثقافتنا الشعبية، حال من يشحذ بـ”الجواق” أي “الناي”، فكان يستخدم نايه أمام بناية مغلقة، فمر عليه مارّ، فقال له: أن ذلك مسجد يا أخي! فقال الشحاذ “ما جوّقناه لله”.
فهل يريد حكام قمتنا، أن تنتهي ملحمتنا في فلسطين، وفى غزة بالذات، من آلاف الشهداء والنازحين، والبؤساء، إلى ما آل إليه أمر الشحاذ أمام البناية المغلقة الصماء؟
معاذ الله، فإن في بني عمك رماح، وأن فيهم قوة سيدخرها الله إلى يوم الخلاص، ويومها سيأخذ أهل الحق بحقهم من ظالميهم وقاتليهم ومخرجيهم من ديارهم، والمتواطئين مع الظالمين، والمعتدين.
إن ما انتهى إليه أمر قمة حكامنا، أشبه ما يكون في ثقافتنا الشعبية، حال من يشحذ بـ”الجواق” أي “الناي”، فكان يستخدم نايه أمام بناية مغلقة، فمر عليه مارّ، فقال له: أن ذلك مسجد يا أخي! فقال الشحاذ “ما جوّقناه لله”.
فهل يريد حكام قمتنا، أن تنتهي ملحمتنا في فلسطين، وفى غزة بالذات، من آلاف الشهداء والنازحين، والبؤساء، إلى ما آل إليه أمر الشحاذ أمام البناية المغلقة الصماء؟
لقد طهر الله وجوه قيادتنا الجزائرية من حضور أعمال القمة العربية، فألهمهم الله التقوى، وجنّبهم البلوى، حتى لا يكتب في تاريخ الجزائر أن بلد الشهداء، والعلماء قد تواطأ على دوس حقوق المستضعَفين الأبرياء الذين سقوا الأرض بدماء الشهداء، ودموع الثكالى النبلاء.
نحن بالرغم من كل المؤامرات، والمناورات، وسوء المخرجات، يبقى إيماننا قوياً بتحقيق المزيد من الانتصارات، لأن هذا هو قانون العدل بين المخلوقات، ونهاية كل نضال لانجاز المستحقات .
ستعمر غزة، بأموال وأيدي شعوبنا العربية والإسلامية، والنبلاء من بني الإنسانية، لأن حق فلسطين قد كفله الله، وضمنه حق الإنسان ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [سورة إبراهيم، الآية 42].
ويزداد الأمل فينا قوه وصلابة، عندما ندرك أن في أمتنا ذوي حق ومبادئ، حكاماً ومحکومين، هم الذين ادخرهم الله إلى يوم التحرير، فهم الطاقة الكامنة، التي ستفعل فعلها، مع مرور الزمن، ولن تجدي المصائد، والمكائد، والعمالة، والنذالة، فكل ذلك سيتكفل به حكم التاريخ .
غير أننا نريد لقادة أمتنا، أن يعوا التاريخ قبل فوات الأوان، وأن يدركوا بأن المؤامرة على غزة، وعلى فلسطين، وعلى أمتنا عموماً، هي أوسع من أن تكون حبيسة إقليم أو دولة، أو منطقة، بل هي جزء من مشروع توسُّعي، هدفه الاقتلاع، ومقصده الاتساع، ووسيلته الاتباع.
وعهد الله إلى الأجيال الصاعدة، أن أمانة المستقبل بأيديكم، وأن تحقيق النصر، مرهون بتضحياتكم ومعانيكم، آلا فلتعوا هذه الحقيقة، ولتكتبوها، على جبينكم بدماء الشهداء، وحبر العلماء، وحكم العقلاء .
تلك كانت نفثات مقهور، أوحت بها مصائر الأمور، في ضوء انعقاد القمة العربية وما فيها يدور.
وأهم ما نستخلصه، من مصنع التطبيع ومحاولات التمييع، وجهود التضييع، هو أن أمتنا قد أصبحت واعية، وهي تدرك بالحس وبالحدس، الفرق بين أبي عبيدة ومعاوية.
ذلك أن النتيجة الحتمية لقضية فلسطين، ومن خلالها غزة، والقدس، والضفة الغربية، سيكون مصيرها بأيدي من يجودون اليوم بأرواحهم ودمائهم، وبأغلى شيء لديهم.
ما اليوم يوم البائعين مدادهم اليوم يوم الباذلين دماء
فسلام علی غزة وقد تحررت، وسلام على القدس وقد عادت، وسلام على الضفة الغربية وقد انتصرت، وسلام على أمتنا العربية وقد توحّدت.
٨