انخفاض المدينة عن سطح البحر، والتصحر وزحف الرمال إلى المدن، وإشكالات منظومة الصرف الصحي، وارتفاع نسبة ملوحة الأراضي تحدياتٌ بيئية تواجه العاصمة الموريتانية نواكشوط؛ فهل يتحول المحيط الأطلسي، المليء بالأسماك من نعمة إلى نقمة، ويتسبب في إغراق العاصمة الموريتانية نواكشوط، التي أُنْشِئَتْ عام 1975 فوق منخفض من السباخ.
وتقع المدينة تحت مستوى سطح البحر بـ 50 سنيميتراً، وتزحف مياه المحيط نحو اليابسة كل سنة بنحو 25 متراً، وتثبت دراسات أعدتها السلطات الموريتانية أن 80% من المدينة مهدد بالغرق في غضون عقدين من الزمن، ويسكن المدينة حالياً ثلث سكان موريتانيا، وقد قال البنك الدولي في دراسة أجراها بأن نواكشوط هي من أكثر عشر مدن تضرراً من ظاهرة الاحتباس الحراري.
حلقة المغاربي على التلفزيون العربي سلطت الضوء على الأوضاع البيئية الصعبة التي تعيشها العاصمة الموريتانية، حيث زرنا حي سوكوجيم في العاصمة نواكشوط، وتعرفنا على معاناة أهالي هذا الحي مع المياه الجوفية الآسنة التي غمرت منازلهم، وتسببت في هجرتهم، وفي الكثير من الأمراض كالكوليرا وحمى الضنك؛ حيث أكد إسماعيل ولد محمدي المتحدث باسم سكان حي سوكوجيم أن مشكلتهم مع المياه بدأت في 2008، وقد طالب ولد محمدي الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بإيجاد حل جذري لمشاكل الصرف الصحي.
ويؤكد محمد الحسن ولد خونا، الخبير البيئي والأستاذ في جامعة نواكشوط أن أسباب هذه الظواهر بعضها طبيعي يرجع إلى التغيرات المناخية، وبعضها بشري يعود إلى الهجرة الداخلية إلى العاصمة، وغياب السياسات العمرانية المدروسة، التي أدت إلى تدهور الحاجز الرملي بين المحيط والمدينة، بالإضافة إلى غياب شبكة الصرف الصحي.
تعاني موريتانيا من ظاهرة التصحر وزحف الرمال، فنسبة التصحر بلغت 80% سنة 2015 من مساحة البلد حسب إحصاءات رسمية نشرتها وزارة البيئة الموريتانية، وهو ما دفع عدة منظمات مدنية إلى دق ناقوس الخطر؛ حيث أكدت مكفولة منت إبراهيم رئيسة جمعية "من أجل موريتانيا الخضراء" أن هذا الوضع له انعكاسات خطيرة؛ بسبب اجتياح هذه الصحاري لمناطق شاسعة صالحة للزراعة، وبسبب تهجيرها لبعض السكان من مناطقهم الأصلية.
وأشارت مكفولة منت إبراهيم بأن الدولة الموريتانية لها استراتيجية خاصة في مكافحة زحف الرمال، ولا سيما إلى العاصمة بإنشاء حزام أخضر، مكوَّنٍ من مليون شجرة تقريباً، يساهم في إيقاف زحف الرمال إليها، أمَّا عن إيقاف زحف الرمال بشكل كامل أكدت مكفولة بأنها تحتاج إلى إمكانيات كبيرة غير متوفرة لدى الحكومة الموريتانية، وأضافت أن المجتمع المدني في موريتانيا ضعيف، ولا يدرك خطورة زحف الرمال، وما يتسبب به في المستقبل، وقالت بأن هذه المهمة هي مهمة الموريتانيين وليست مهمة المجتمع الدولي.
وقد أكد سيدي محمد ولد لحو مدير المحميات والشاطئ بوزارة البيئة الموريتانية أن الحكومة الموريتانية لديها عدة مشروعات للحد من المشاكل البيئية الناجمة عن التصحر وزحف الرمال ومياه المحيط، فقد قامت الحكومة الموريتانية بالتعاون مع الحكومة الألمانية بتنفيذ مشروع مهم من أجل تكيف المدن الشاطئية مع التغيرات المناخية، يمتد من 2012 حتى 2017، ومن جملة ما يقوم به المشروع هو سد الثغرات الموجودة على البحر، وعددها 18 ثغرة بكميات من التربة المتأقلمة مع البحر، وعدة مشاريع من أجل تحسين شبكات الصرف الصحي.