لأنهم وصفوا بأن رواتبهم الكبيرة إهدار للمال العام... لأنهم وصفوا بأنهم مجرد عقبة أمام تمرير القوانين... ثار الشيوخ ضد إرادة الشعب وصوتوا ب "لا" لتعديلات دستورية تعيد للأمة كرامتها وللشعب حقه في اختيار رموزه الوطنية...
فى 13 مارس من العام 44 قبل الميلاد،طعن عضوً مجلس الشيوخ الروماني ((ماركوس جينيوس بروتوس)) الإمبراطورَ الروماني ((غايوس يوليوس قيصر)) وكان أقربَ الناس إليه، بل إن بعض الروايات تقول إن الطاعن كان ابنَ المطعون.
وفى 17 مارس من العام 2017 رفض مجلس الشيوخ الموريتاني مشروع تعديلات دستورية تقدم بها الإمبراطور "غايوس يوليوس عزيز"، فكتب " محمد سعد إسحاق سيد ألمين الكنتي"، وهو مستشار سابق للإمبراطور عزيز، تدوينة تحت عنوان : " حتى أنت يا بروتوس".
مهما تظاهر سياسيونا بالحنكة و ضبط الأمور و المتعلمون فينا بالجدارة و قوة الأداء و مواطنونا بمسايرة حركة التحضر العارمة بمفرزاتها المذهلة، فإن الحقيقة المؤلمة الصارخة تفند كل ذلك بشواهد واقع التخلف البنيوي في البنى التحتية و ضعف وسائل النهضة، و تراكمات الإحباط السياسي على خلفية الخلافات الذاتية، و جمود الوعي الفكري و الانكسار الثقافي المقيدان بأغلال التراخي الذهني كل نبوغ و عطاء و إرادة انتصاب و تميز.
راهن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة على هبة شعبية، قال إنها ستكون غير مسبوقة لرفض التعديلات الدستورية، وإسقاطها على الأقل شعبيا، وإن كان إسقاطها عمليا أمرا متعذرا، وكانت الأنظار منصبة على السابع من مارس 2017 حيث وعد معارضو التعديلات الدستورية بمظاهرات عارمة
لا تخفى أهمية مؤسسة المعارضة السياسية على ذي بال بوصفها من أهم المظاهر المجسدة للتعددية السياسية، ولكونها أيضا رقيب على ممارسة السلطة القائمة للصلاحيات الدستورية والقانونية وفق ماهو مرسوم، لكن ذلك لا يعني تعويق الحراك السياسي أو انحصار الأهداف في إسقاط الأنظمة أو تتبع سقطاتها.
وهنا بالذات سأحاول إفراد الملاحظات التالية على التقرير الصادر عن مؤسسة المعارضة.
حضرت مساء أمس ندوة، بعنوان: "الرهانات السياسية والتعديلات الدستورية"، نظمها المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية: "مبدأ"، حضرها جمع من المهتمين، حرمهم سيف الوقت من الاستماع لما حضره المحاضرون وما رغب المتدخلون في إثارته وإثراء النقاش حوله.
إذا كانت نظريات السلوك السياسي، التي تُعتبر بحق أحدَ جوانب العلوم السياسية، تحاول قياس وتفسير المؤثرات التي تحد الآراء السياسية للأشخاص و الايديولوجيا ومستويات المشاركة السياسية، فإنها غائبة عندنا لضحالة مجالها و غياب وعائها.