- تظل العاطفة الدينية أمرا بدهيا وطبيعيا ، لكن لا يمكن أن نخدم الدين بالعاطفة فقط ، فإلى جانب العاطفة التي تُحمد للمسلم؛ هناك العلم أي الفقه الذي هو ميزان العمل ومقياسه، هناك العقل وهناك أيضا الوعي .
وهذا الرباعي "العاطفة" المحكومة "بالفقه" والمساسة "بالعقل" والمحصنة "بالوعي" هي التي تعطي لأي حراك ديني مصداقيته وقيمته.
وأي جمهور لا تحركه هذه الضوابط -قل عنه ما تشاء- لا يمكن للديماغوجية ولا للايديولوجيا ولا لبراغماتية النفعية ( سياسيا ماديا اجتماعيا نفسيا) أن تدافع عن حقيقة الدين وجوهر الدين وصورة الدين!
- الرأي العام العاطفي والجاهل، والذي يميل مع الريح حيث مالت، ويركب قضايا لا يعرف مصدرها ولا حقيقتها ولا غايتها، هو ورم في جسم المجتمع، يعيق تطوره وتنميته .
- أهل الفكر والنظر مطالبون اليوم، أكثر من أي وقت بالوقوف أمام موجات التضليل والظلامية والتخلف التي لا تكاد تخفت إلا لتقوم .
- لا يمكن لأجهزة أي بلد، وخاصة المعنية بالتوجيه الديني والثقافي والإعلامي، أن تظل متفرجة أمام التلاعب الماكر بالوعي وبالعقول والنفوس، من لدن مجموعات غامضة المنطلقات والأهداف، ولا نعرف على وجه التحديد من يحركها، إلا إذا كانت أجهزة مصابة في وعيها وفي إرادتها!
- لقد أصبح واضحا، ومن خلال متابعة تعاطي غالبية هذا الشعب مع قضاياه العامة، أنه لم تعد له أهداف جماعية ولم تعد لديه رؤية عامة لصلاح شأنه يعمل لأجلها ، أصبحت تتقاذفه أمواج الدعاية والتفاهة والخصومة وقلة العمل والفراغ والتظاهر ....
- الدين أسمى من هذا، ورسوله ورسالته أقدس مما أنتم عليه، ومن قلة الأدب أن يسمح كل من هب ودب لنفسه، أن يتكلم في هذا المقدس ( رسولا ورسالة ).
فكم أدركت يا دَعِي من حقيقة المُرسِل والمُرسَل والرسالة ( شرعها ومقاصدها وحكمتها ورحمتها ودقتها وتوازنها ...) حتى تنصب نفسك ناطقا باسمها وببلاهة بينة لكل من كان له قلب أو عقل !
-الدين -أي المدعون- هو مغادرة السفاسف، هو عمارة الدنيا من أجل الآخرة، هو العلم والعمل بالمعنى الخاص والعام ، بالمعنى الإنساني والحضاري، وليس الالهاء والكذب على علام الغيوب.
- الدين ضياء العقل ونور القلب وطهارة الخطو واللسان واليد ، وليس ظلامية سخيفة تجعل المجتمع يعيش في بالتظاهر وتحت الردم وبين الحفر.
- هل أصبح الإصلاح الديني ضرورة حاقة في هذا المجتمع؟
سؤال كيف وعن من نأخذ و نتعلم الدين وكيف نتلقى معارفنا وثقافتنا الدينية ؟ وكيف نفهم هذا الدين الحق ؟ وكيف نقوم مسلكيتنا؟ كلها أسئلة تُشعر بأهمية المراجعة والتفكير والتقييم.
- لا يمكن أن يظل الدين مستباحا لأناس من أفكارهم ومسلكياتهم يتضح أنهم يعانون نفسيا .
- السكوت الرسمي والنخبوي على هذا، هو مشاركة في الإثم وهدر لسلامة المجتمع وأمنه وتوازنه النفسي والقيمي، فكما أننا لا نسمح لكل من هب ودب أن يتكلم في المصالح الزمنية المختلفة للدولة من صحة واقتصاد وأمن ... الخ لا يجب أن نسمح بأن يكون الشأن الديني مستباحا إلى هذا الحد!
-لقد أصبح كل أحد ناطقا باسم الدين ومُحركا باسم الدين ، أصبحنا لا نعرف ما حدث وما سيحدث وما حقيقة كل أمر !
مسؤولية الدولة والعلماء في حماية سكينة الناس الروحية والدينية بينة جدا وأصبحت ملحة ...
- هناك في تقديري خطوات ضرورية من بينها :
١/ تحريم كل تصريح من غير جهات الاختصاص تتعلق بالدين سواء بدعوى المناصرة أو أية دعوة أخرى( لا يمكن أن نتصور أن بعض الأفراد والجهات يظن نفسه أحرص على الدين من النظام الرسمي في دولة مسلمة ) فتجده ينتحل وظائف الدولة لغايات غير نزيهة.
٢/ تكوين الأئمة والدعاة على الفهمومات التجديدية التي تحكم الحقل الديني العام ( ضبطا وممارسة ومراقبة).
٣/ إنهاء فوضى المنابر التي يتكلم من فوقها بالتكفير والتفسيق للمسلمين عامة وعلماء وتتخذ سبيلا لتغييب عقول العامة وسلبهم جهارا نهارا.
٤/ ترقية مناهج التربية الدينية وجعلها ملائمة ، واستثمار ما فتح الله به على علماء الأمة من فهم مقتضيات الواقع والعصر؛ لننتج جيلا مسلما ملتزما منتجا عاقلا ومتحضرا متصالحا مع قيم دينه وقيم عصره .
ساعتها يمكن أن نصل إلى درجة المجتمع المسلم المحافظ على دينه في غير إفراط ولا تفريط.