تحياتي لك، لعلك عرفتني، وإن كنت: كعادتي، انتهزت فرصة راحتك في عطلة الاسبوع، وجئت من دون موعد معك، ذلك أني وجدتك في الحديقة بوحدك الى هذا الوقت، وأنا معزة الزعيم الراحل " غاندي"..
وقد استغربت في مطالعتي في واحد من المواقع الموريتانية الرائعة مقالا متميزا للدكتور اسلك ازيد بيه، ووجه الاستغراب في غموض تحديده للرأي العام،، فهل ذلك يتعلق بالرأي العام في بلادكم، أو بفهم الدكتور له؟، وما هو الرأي العام من وجهة نظرك، أنت باعتبارك باحثا اجتماعيا، اذا لم تكن عندك مشكلة ثقافية تجاه "المدونين" ـ على حد تعبيره ـ؟
ولربما يكون في طرحك الفكري ما يرد لي الثقة التي تزعزعت الى حد ما من اجابة الدكتور، كواحد من رموز النخبة السياسية فيما اظهره من عجزه عن تعريف ظاهرة من الواقع المعيش في بلاده ـ وليست في الهند البعيدة منه، أو في التاريخ الغابر ـ وتفسيرها، وطرح اشكالات تتعلق بالرأي العام، مكوناته، مظاهره، وتأثيره،، ومن ثم تقديم حلول عملية، لتغيير الواقع الاجتماعي، والسياسي بالوعي الإيدلوجي، والتدبير السياسي معا..؟
الكاتب: تحياتي لك، ما كنت لأعرفك لو لم يقم زميلنا مشكورا، الاستاذ " باباه بالدين" بنشر صورة لك في الموقع " اخبار نواذيبو" عنوانا للمقال السابق عن زيارتك لعاصمة بلادي، لكن الحديث مع معزة في حديقة عمومية، يثير الاستغراب، ليس من حديثك أنت، فحسب، ذلك أن المجتمع هنا، والعالم كله، اعتاد على انتحال تركيب الاصوات في الأفلام الكرتونية المشاهدة على شاشات التلفاز للاطفال، ولكن ان يجلس رجل، ويحادث معزة وجها لوجه في مكان عام، فهذا مصدر استهجان، وحتى ازعاج نظرا لما فيه من استخفاف بعقول المارة؟
وعلى أي حال، إن حضورك هنا، فرضت به نفسك على المارة،، وكذلك الموضوع الذي طرحت للنقاش بلا مقدمات، وهو جدير بأن نتحاور حوله ساعة واحدة لا اكثر، فوقتي ضيق معك، ورجائي أنك في المرات القادمة تطلبين موعدا معي، مادام عندك رقم الهاتف الذي سحبت مني استدراجا، إذ كان لابد من أن اعطيكه، تجنبا لإدخالك في المنزل بعد الواحدة ليلا..
والآن، قلي بالله عليك، ما وجه الاستغراب في مقال الدكتور اسلك ازيد بيه، وهو لعلمك، أحد " الفيتاغوريين" من جهة تخصصه في الرياضيات، ولعله عليما بمعرفة المتغيرات من مجهولين، او حتى ثلاثة، أحرى متغير واحد، ولا يستغرب عليه وضع نسق فيتاغوري انتظامي للرأي العام الوطني، وغيره من الظواهر الاجتماعية، وان لم يكن تخصصه علم الاجتماع، وعلم النفس، لأن هذين العلمين لايساويان كبير اهتمام في مجتمعي، وكذلك من تخصص فيهما، والا ما كنت أنا هنا في المهجر؟
المعزة: هل تعلم أن تعريفك للدكتورـ صاحب المقال ـ وحديثك عن تخصصه الاكاديمي، إما أنك أشرت الى ذلك من جهة الافتراض أن علمه يدله على التعرف على الظواهر لفهمها، وهذا لم يحصل، وكان ينبغي له أن يترك ما لايعرف، وهذا مستوى من المعرفة العليا، ترك ما لا يعرف، وفي كلتا الحالتين ـ انت، وإياه ـ او قفتاه على رأسه، كجدل " هيجل" حسب خصومه؟
الكاتب: ما هو وجه الشبه بين جدل هيجل، ونقده الموضوعي، وبين محاولتينا، توقيف الدكتور على رأسه بما جاء في مقاله؟
المعزة: يؤسفني أن اعرض عليك نماذج من المقال، لا تعبر الا عن الذاتية، والحديث الشخصي، واغلبه مع الذات، واين هو من الاستناد الى تحليل الظواهر في إطار الانساق " النموذجية" المجردة في التحليل الرياضي، وأكثر من ذلك، أنه يطرح السؤال لمرتين، و لايجيب عليه، واذا قلت لي ، كيف ذلك؟ أقول لك سجل ما يلي:
وبعد طرح السؤال (هل لدينا رأي عام؟)عنوانا للمقال، فكانت اجابة الدكتور، بأن الرأي العام، هو: ( كتابات، وسمعيات، وصور خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي)، ومضمونها شكل لديه قناعة بعلاقتها ب( معركة الخير، والشر الازلية). وبينما القارئ، كان ينتظر تقديم توصيف أعم واشمل، وتقديم حلول من صاحب العقل الرياضي، لكن لا شك أنه صدم بحالة العجز المريع التي عبر عنها الدكتور ـ ما سبب لي الغثيان ـ من قراءة مقاله عن حالات مرضية يقينا، أصيب بها الكاتب، فكيف بالقارئ؟!
إنه كان في حالة التداعي النفسي، ولا ريب في ذلك، كمن اجلس على أريكة " فرويد"..
ولا حظ معي التعابير بضمير المتكلم التي عبر بها عن ( الاستياء.. الخجل.. استهلاك بعض المناشير" لكي لا أموت غبيا")
وفي ذات الفقرة، يسترجع وعيه، ويحاول ان ينقض ما نطق به قبيل حين، وهو مسجل، لينفيه بعكسه، وكأنه لم يقله!
ومن ذلك قوله:( أسعد ببعض مظاهر: الذكاء، والموضوعية، والوعي الوطني في انتاج بعض" المدونين" بالمفهوم النبيل لهذه الصفة)، وهذا الاستثناء عبر عن استحضار الدكتور لمن حاول اقصاءهم تجنبا للتعرض له، كالاعلام الرسمي في قوله( أترك جانبا الاعلام الرسمي) خلافا لمن لا يخافهم، وقد انزعج بآرائهم، رغم المسافة بينه وبينهم: ( هناك ـ وليس هنا ـ آراء فئوية ضيقة لا يستحيي اهلها، ومؤسساتها من الترويج لخصوصياتهم داخل الفضاء العام في الذائقة،،) !
ومن ثم تساؤله مجددا حول ما اسماه ( الطيف النخبوي، والمشتركات بين مكوناته)، ليطرح مجددا السؤال الأول:( هل لدينا رأي عام وطني يتعامل بحرية، ووعي مع الاحداث من منظور المصلحة العامة، وبمنطق تراتيبي: الاهم، المهم، الثانوي، الكمالي، السلبي، الضار؟)
وما هو الطيف النخبوي؟ لا اجابة، وهو سؤال محوري، كما ترى، وعدم الاجابة عليه، يستحق عليها صفرا، وان كان الصفر عددا موجبا، ولو اتبعنا التقييم الاحدث، لأستحق صاحبنا عددا سالبا، ناقص واحد، أو أقل منه، ناقص اثنين، أو ناقص ثلاثة..
و في المقابلة السابقة معك، ذكرت لي أن الطيف النخبوي في بلادكم، هو مركب من: رؤساء القبائل لقادة الشيوخ من العسكريين، ومن رهط القبائل المدني الذي، حل محل الحراك السياسي الوطني في نشأة الاحزاب القبلية والجهوية، واللون القزحي من أصحاب الجمعيات الفئوية.
وبالرجوع الى المقال فيما اسماه الدكتور ( محددات الرأي العام الوطني )، فلن أخفي عنك استغرابي من تفكير ابن بلادك، وهو في منزلة استاذ جامعي في الرياضيات، وسياسي معروف، ورغم ذلك، فهو لم يفرق بين الفرضيات الأولية "
البديهيات"، والمعادلات التي تقام عليها، والا كان فرق بين المبادئ الأولية واتجاهات الرأي حول قضاياه اليومية،، وهي تماما مثل المبادئ الأولية في الدستور من ( احترام الدين الإسلامي الحنيف، والوحدة الوطنية، والحوزة الترابية، والسيادة، ومبادئ الديموقراطية المعاصرة ـ المستجلبة خذه مني، وليس من نص صاحب الاقتباس ـ) التي حصل الاجماع عليها من قبل، خلافا للميول، والآراء، والاتجاهات العامة للرأي العام حول الحقوق المدنية، والسياسية، والمستجدات، لمواجهة الجائحة، وفاعلية منظمة " التآزر" من عدمها، واهمال المشردين في صحاري تيرس، وموتهم عطشا خلال بحثهم عن الذهب الذي يحتاجه المصرف الوطني لجمعه بعد أن استعصى على الشركات الاستكشافية، ومردودية مؤتمر "التطبيع" لصهينة قادة افريقيا بالمال الخليجي، والتهديد الامريكي، وتسويغ المشايخ له باعتباره دين هذا العصر المرسل الى الأولياء من مشايخنا، واعوانهم من العرافين( مقاطعة)..
الكاتب: لعل معزة الزعيم غاندي ضمن الفريق الذي وجه الدكتور إليه استشكاله لعدم معرفة اهتماماتهم الوطنية في قوله: (هناك مهتمون بالشأن العام الوطني يزدرون التدوين، والكتابة بشكل عام،،، بخصوص الوطن، واقعه، ومستقبله، وتشكل هذه الفئة، الجزء المغمور من " جبل الثلج" السياسي الوطني..)، وهذه اسعتارة جميلة وشاعرية من قاموس التحليل النفسي للتعبير عن مكبوتات خوف الكاتب من،، في ساحة اللاشعور "الليبيدو"، وعلى طريقة المثل العربي: "إياك أعني، واسمعي ياجارة"، فقد عبر الدكتور عن قصده في تحديده للموقع،، حيث، أنا، وإياك على أطراف القطب الشمالي، ونقوم بهذه الثرثرة الواعية حول ما اتفق معه عليه من جهة رفضه( نبذا للحربائية السياسية المزمنة ـ على حد تعبيره ـ )، أليس هذا من روح " الغاندية"؟
المعزة: هو كذلك..
الكاتب: تحياتي لك، ومرة أخرى، أرجوك، هذبي لغتك من فضلك مع رموز نخبتنا السياسية ـ الأكاديمية، اذا كنت تفكرين في زيارة لبلادنا..
إشيب ولد أباتي
الولايات المتحدة