مكفوله آكاط مؤلفة كتاب «مذكرات امرأة قارئة»: كتاب يعكس واقعا مريرا تعيشه المرأة

21 أبريل, 2021 - 22:49

استقبل بالتلهف الكبير كتاب الوزيرة والكاتبة الموريتانية مكفوله بنت آكاط «مذكرات امرأة قارئة» باكورة إنتاجها وأول كتاب تؤلفه موريتانية؛ فقد نفدت في يومين طبعته الأولى، وتبودل الكتاب بالإعارة فطالع النسخة الواحدة منه عدة قراء.

نشر الكتاب في317 صفحة و28 عنواناً، وتحت كل عنوان فقرة منفصلة ومتداخلة في نفس الوقت، تتناول، حسبما صرحت به الوزيرة الكاتبة مكفوله بنت آكاط لـ «القدس العربي» تجارب مختلفة من حياتها الشخصية متعلقة في الوقت نفسه بقراءاتها وظروف تلك القراءات.
وعن أسباب تأليفها لهذه المذكرات بهذه الطريقة، قالت بنت آكاط «في الحقيقة هذا الكتاب هو باكورة دخولي لعالم التأليف، وقد حاولت من خلاله أن أقدم جزءا من تجربتي الحياتية بطريقة تختلف عن الطرق التي تقدم بها المذكرات، فقمت بربط الأحداث بالقراءات التي كنت أقرؤها أثناء تلك الفترات من حياتي».
«حاولت، تضيف المؤلفة، أن يلقي الكتاب الضوء على ماضي وواقع المرأة الموريتانية، على الصعوبات التي تتعرض لها وعلى التحديات التي تواجهها وعلى ضرورة أن تطور نفسها من خلال القراءة والاطلاع على تجارب وأفكار خارجة عن حيزها الجغرافي من خلال الكتب».
وأضافت «لا يخفى كذلك عليكم ما تعانيه النساء في العالم وفي عالمنا العربي وموريتانيا خصوصا من ضعف التمدرس وعدم تكافؤ الفرص مع أخيها الرجل في الكثير من الأحيان وهو ما دفعني في مرحلة معينة إلى تأسيس مركز فكري يطلق عليه مركز (محيط) لقضايا المرأة والسلم يحاول الوقوف على بعض التحديات التي تواجه النساء ويلعب دورا في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة».
وتابعت «حاولت أن يخرج الكتاب عن النسق العام لكتب المذكرات، وحاولت كذلك أن أخرجه عن النسق العام لكتب القراءات والتلخيص، أيضا لم أرض له ان يصبح مجرد قصة نجاح لامرأة من موريتانيا!!. جمعت فيه كل ذلك وأضفت إليه غيره، وما يثلج صدري في الحقيقة هو تلقف مثقفي البلد والعالم العربي لهذا الكتاب بكل هذا المديح والثناء العطر وما يسعدني أكثر هو اهتمام فئة الشباب به بشكل كبير وسعيهم للحصول عليه بكل الطرق».
واستهلت الكاتبة مكفوله كتابها قائلة في مقدمته «منذ أن كنت طفلة تصنع الدمى من الطين؛ على حافة قرية تمنع تعليم البنات، مروراً بالزواج والأمومة المبكرين، وصعوداً إلى أدوار النشاط السياسي مع الحركات الإسلامية والقومية داخل البلد وخارجها؛ مع تجارب متعددة كالمنافسة والانفصال والإقالة والبطالة!!. وتدرجاً في الوظائف العامة، وتذوقا لحالات الفقر بعد الاغتناء، وصولاً إلى مرتبة أستاذة جامعية، ووزيرة في حقبتين مختلفتين، وسيدة مجتمع، وصانعة رأي، وداعية للسلام والحوار، كأرقى وسيلة لتغيير المفاهيم والخروج من قولبة الذات».
وعن الطريقة غير التقليدية التي حررت بها مذكراتها، تضيف مكفوله «تلك هي ملامح السيرة التي أضعها بين يدي القارئ الكريم بعيدة عن المحسنات سواء كانت لغوية أو بديعية، معوضة ذلك باللجوء لملخصات قد تكون مفيدة من كتب بعضها من ذاكرتي، وبعضها استعنت عليه بقراءات متفرقة، راجية أن تكون تلك الملخصات تذكيراً لمن قرأ تلك الكتب، أو إنارة للقراء في معرفتها وهي التي أدين لها بما أنا عليه اليوم لاعتقادي أنه كلما زاد وعي الإنسان ومعرفته استطاع أن يخرج من الأطر والقيود التي ألفها، والتي رسخها الإعلاميون والساسة والوعاظ».
وتابعت «فكل أولئك يسعون إلى قيادتك إلى ما يريدونه هم لا ما تريده أنت، والقراءة وحدها هي التي توفر لك الحماية من كل ذلك، لأنها مدخل التفكر والتدبر والفعالية الخلاقة الأكثر إنسانية بين كل الفعاليات الأخرى، والقراءة هي التي تحولنا من دور المفعول به لدور الفاعل، ذلك أن فن القراءة في أوسع معانيه يميز نوعنا الإنساني، كما يقول الكاتب البرتو مانغويل».
«مذكرات امرأة قارئة» كان موضوع عشرات التعليقات المرحبة كلها بالكتاب الباكورة بل بأول مؤلف تحبره أنامل امرأة موريتانية.
وكتبت المدونة الدهماء ريم أروع قراءة لهذا الكتاب قائلة «بين دفتي غلاف أسود أنيق، رُصَّ ورقٌ عاجيٌّ، سكبت فيه المؤلفة تجربة تَورُّطها المجنونة مع المطالعة، منذ الطفولة إلى مرحلة الاهتمام المدرك، وبتتبعي للمسكوب اكتشفتُ قارئة بعقل ذكيِّ، متمرِّدة، تملك وعيا متقدِّما، لمستُ من حرفها ما تُكسِبه صحوة العقل من سكينة وتوازن داخلي، كانت عفوية مُقنعة في تعبيرها عن سعادتها، عن انكسارها، عن فرحها وضَعف ضَعفها».
وتابعت الكاتبة دهماء «الكتاب عرضٌ وتحليلٌ لمجموعة عناوين، بترتيب اكرونولوجي مُتناغم تصاعديَّا مع عمر إدراك بنت آكَاط الطفلة، المراهقة-الزوجة، الأم، الطالبة، المعلمة، النازحة من الريف، المغتربة، التاجرة، الموظفة السامية، تتنقَّل مع هذه الحقب بولاء ووفاء للقراءة وبانسيابية زمنية منطقية، فمِن كُتب والدها الكلاسيكية، إلى مُختارات نادي مارك زوكربيرغ للقراءة، ومن ابن عبْد ربِّه إلى هنري كيسنجر. . واستغربتُ كيف لم تُضيِّع التفاصيل والعناوين في فوضى الذكريات».
احتوى الكتاب فقرات غير قليلة، تتجه فيها المؤلفة نحو نفسها، بحوارات تفاعلية مع ذاتٍ تعاني ارتباطًا قهريًّا بالحرف، وجدتْ نفسها تعيش للقراءة، ووجدتُها تعيشُ ما تقرأ، بحزن، بانشراح، بكآبة، وهي تُغاضب واسيني الأعرج، وهي تُصارع هواجس الْتِباسِ المشاعر تّجاه القضية الفلسطينية.