نواكشوط/ ميثاق:
مازالت قضية "محاربة الفساد" وملفات العشرية التي أثارتها لجنة التحقيق البرلمانية؛ تثير الكثير من الجدل والاستغراب في الأوساط السياسية والشعبية بموريتانيا؛ وذلك في ضوء عدم تسجيل أي يتقدم على مستوى التحقيق القضائي، وغموض الطريقة التي تعاملت وتتعامل بها السلطة التنفيذية مع هذا الملف المعقد، من خلال إقالتها لبعض المشمولين فيه واحتفاظها بآخرين وترقية غيرهم أو إعادة الاعتبار لهم قبل حصولهم على أي تبرئة من الشبهات المثارة حولهم، بينما كاد ينحصر اهتمام هذه السلطات في الانشغال بالمضايقات والاستدعاءات المتكررة لأشخاص محدودين جدا، ومحصورين في دائرة شبه أسرية مغلقة وجد ضيقة!!
هذا الوضع الهلامي الغامض أصاب كثيرا من المواطنين بالإحباط والصدمة؛ وجعلهم يراجعون مواقفهم السابقة المستبشرة بما أبان عنه النظام الجديد من "إرادة جادة وصادقة" في محاربة الفساد وكشف المفسدين ومساءلتهم وإبعادهم عن دائرة التأثير على الشأن العام، بكل شفافية وموضوعية، وبعيدا عن كل أشكال الاستهداف الشخصي أو تصفية الحسابات الضيقة.
ولعل أوضح تعبير عن حال الصدمة والشك في حقيقة ما يتم الحديث عنه من حرب على الفساد، ومن نهب وعبث بالممتلكات والمصالح العامة خلال العشرية المنصرمة؛ هو ما حملته سلسلة من التدوينات نشرها يوم أمس عضو لجنة التحقيق البرلمانية النائب محمد الأمين سيدي مولود؛ حيث دون قائلا:
" تدوير جديد.. ومزيد من الاحتقار لملف التحقيق وللمؤسسة التشريعية والقضائية، ولعموم الشعب!!"."
ليعود في نفس اليوم مدونا عن نفس الموضوع بقوله:
"يبدو أن المشمولين في ملف التحقيق ثلاثة أصناف: حلفاء للسلطة الحالية يترقون في المناصب، وذوو حصانة مسكوت عنهم، وصنف ثالث ينتقم منه منفردا!!".
وفي تدوينة ثالثة له مساء أمس كتب أيضا:
"لم يبق لملف التحقيق غير احتمالين: إما يطوى دون عقاب أي أحد ويستمر تحالف لوبيات الفساد ضد الشعب، وإما يتم عقاب أشخاص قلة في وقت يعين آخرون ويسكت عن آخرين!".
وكتب النائب في تدوينته الرابعة أمس؛ محذرا من أن السلطة التنفيذية تمارس "ازدواجية مقيتة" في تعاملها مع الملف؛ وأنها بذلك "تقتل" ما أنجزته لجنة التحقيق البرلمانية في هذا الصدد؛ حيث كتب:
"بصفتي نائبا وعضوا في لجنة التحقيق سابقا وسكرتيرها؛ أسجل هنا للتاريخ أن السلطة التنفيذية تقتل ما قمنا به من جهود من خلال ازدواجيتها المقيتة في تعيين بعض المشمولين والتعسف في ملاحقة البعض!".
أما تدوينة النائب الخامسة؛ فقد ركز فيها على محاولة إبراز ما يرى أنه فرق جوهري بين سلوك السلطة التنفيذية، وسلوك وأسلوب لجنة التحقيق البرلمانية؛ فكتب:
"يقع كثيرون في خلط بين جهود لجنة التحقيق التي لم تستثن أي مسؤول – ولم تستدع أي فرد من عائلة عزيز- وبين سلوك السلطة التنفيذية لاحقا في تعيين المشمولين. لقد قامت اللجنة بعملها وانتهى وهاهو النظام يدمره وتلك مسئوليته!".
ويختم النائب تدويناته أمس؛ مستنفرا الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية وصناع الرأي؛ قائلا:
"يجب على الأحزاب السياسية –خاصة بقايا المعارضة- والكتل البرلمانية وصناع الرأي أن يتحركوا حتى لا تضيع جهودهم في محاربة الفساد أو تصير مجرد انتقام من ثلة قليلة من المشمولين".