أعلن رؤساء الحكومات السابقون في لبنان، مساء الأحد، تسمية السفير مصطفى أديب لرئاسة الحكومة الجديدة، وذلك عشية انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا اليها إلرئيس ميشال عون في قصر بعبدا صباح غد الاثنين، آملين أن يتم تكليفه بأكبر عددٍ من الأصوات من أجل تشكيل حكومة تحترم تنفيذ الإصلاحات.
وقال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، في كلمة بعد انتهاء اجتماع الرؤساء في بيت الوسط في بيروت، "علينا أن نركّز اليوم على ضرورة أن يأتي تشكيل الحكومة سريعاً من أجل صياغة بيانها الوزاري من دون أي إبطاءٍ، ولا سيما أن الكتل النيابية كافة أصبحت مطّلعة على حجم الأزمة التي يعاني منها لبنان، بالإضافة إلى اتفاق فوري مع صندوق النقد الدولي، وفي السياق نتوجه بالشكر إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يزور لبنان للمرّة الثانية منذ أسابيع قليلة غداً الاثنين، كما نتوجّه الى الدول العربية والصديقة في العالم بالشكر لدعمها بلادنا ومدّ اليد من أجل المساعدة في عملية الإنقاذ".
وعلى الرغم من تسمية الثلاثة رؤساء وزراء سابقين الذين هاجموا الاستشارات النيابية الملزمة التي أدت إلى تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة، وكانوا من أبرز المعارضين لمسار مجلس الوزراء حتى استقالة رئيسه في العاشر من أغسطس/ آب الجاري، بيد أنّ الاسم النهائي لرئاسة الوزارة لم يُحسم بعد، وهناك اجتماعات مفتوحة يجريها عددٌ من الأحزاب قبيل الإعلان رسمياً عن موقفها ومرشّحها، ومن ضمنها "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب جبران باسيل، والذي يجتمع مساء اليوم لاتخاذ القرار بهذا الشأن، وهو الذي عارض عودة رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، إلى أن أعلن الأخير نيّته عدم الترشح وطالب بسحب اسمه من التداول.
ويتّجه "التيار الوطني الحر" لتسمية أديب باعتبار أنه لا يمانع أن يؤيد الحريري اسماً للرئاسة، وهو كان يعارض فقط تولي رئيس "تيار المستقبل" شخصياً المنصب انطلاقاً من مبدأ باسيل أنّ عودة الحريري تقتضي عودته إلى الحكومة.
ومصطفى أديب، الذي يعتبر الأوفر حظاً لتولي رئاسة الحكومة، يشغل منصب سفير لبنان لدى ألمانيا، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في القانون والعلوم السياسية، وتولى منصب مدير مكتب رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي (الذي كان من ضمن الرؤساء الذين سمّوه)، وحتى تعيينه سفيراً، وهو أيضاً أستاذ جامعي، وتولّى مراكز عدّة أخرى، علماً أنّ هناك مخاوف لبنانية، وخصوصاً شعبية، من أن يكون أديب في حال تكليفه رئاسة الحكومة بمثابة "حسان دياب جديد"، باعتبار أنّه مسمّى من قبل المنظومة السياسية نفسها التي يطالب المنتفضون برحيلها ومحاسبتها على الانهيار الذي وصل اليه لبنان والانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس.
في السياق، أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، في كلمة له اليوم الأحد بمناسبة العاشر من محرّم، أنه منفتح على الإصلاحات، وأي نقاش هادئ للوصول إلى عقد سياسي جديد بإرادة ورضى مختلف الفئات اللبنانية، وذلك في معرض تعليقه على طرح الرئيس الفرنسي، ويؤيد الذهاب إليها إلى أقصى حدّ ممكن، آملاً أن تتمكّن الكتل النيابية يوم غدٍ من تسمية مرشح يحظى بالمقبولية لتشكيل حكومة جديدة، وسائلاً في المقابل: "من قال إن الشعب اللبناني يريد حكومة مستقلة، أو حياديين، أو تكنوقراط أو سياسية؟". علماً أنّ "حزب الله" و"حركة أمل" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) كانا مع تسمية الحريري لرئاسة الحكومة وقاد بري حراكاً من أجل إزالة العوائق التي تحول دون عودته، وهما الآن منفتحان على الأسماء ولا يرغبان في حصول أي تعطيل، وخصوصاً مع زيارة الرئيس الفرنسي الثانية، التي يحمل فيها خطة سياسية واقتصادية لإنقاذ لبنان، وهو الذي أنّب الأحزاب السياسية في زيارته الأولى قبل أسابيع بسبب أدائهم وخلافاتهم وممارساتهم التي أودت بالبلد الى الانهيار، ما يؤشر إلى احتمال قبول "الثنائي الشيعي" بمصطفى أديب، فهما لا يريدان تكرار تجربة دياب ومقاطعة الممثلين عن الطائفة السنية لرئاسة الحكومة ومجلس الوزراء الجديد، كما أنه يعتبر الاسم الذي يدعمه الرئيس الحريري و"تيار المستقبل".
من جهة ثانية، يوجه الرئيس اللبناني ميشال عون كلمة إلى اللبنانيين، مساء اليوم الأحد، يليها حوار مع الإعلامي ريكاردو كرم، لمناسبة الذكرى المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير، يتطرق فيه إلى آخر التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية.