
بدأت شرطة الجرائم الاقتصادية، اليوم الاثنين، استجواب الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حول شبهات فساد أثارها تقرير صادر عن البرلمان الموريتاني نهاية يوليو الماضي،
وبحسب مصادر متواترة فإن شرطة الجرائم الاقتصادية استدعت ولد عبد العزيز اليوم فاستجاب للاستدعاء، ووصل إلى مباني إدارة الأمن، حيث توجد مكاتب شرطة الجرائم الاقتصادية التي تتولى التحقيق الابتدائي في شبهات الفساد.
وسبق أن استجوب الأمن الموريتاني العديد من المسؤولين وبعض المقربين من الرئيس السابق، من ضمنهم موثق عقود ومحاسب لهيئة الرحمة التي أسسها نجل الرئيس السابق.
وكشف الأمن الموريتاني الأسبوع الماضي وجود مخازن تابعة لمقربين من الرئيس السابق، بها عدد كبير من السيارات رباعية الدفع والآليات والشاحنات.
وكان مقربون من الرئيس السابق قد أعلنوا أنه سيعقد مؤتمراً صحفياً، مساء غد الثلاثاء، للتعليق على التطورات الأخيرة.
ويجري على نطاق واسع تداول فيديوهات عن بعض ما تمت مصادرته والتحفظ القضائي عليه من مخازن ولد عبد العزيز وأسرته إثر التحقيق مع محمد المشري ولد محمد صالح، محاسب هيئة الرحمة الخيرية التي تملكها أسرة الرئيس السابق.
وشملت المحجوزات عدداً كبيراً من سيارات “تويوتا هيلكس” يربو على خمسين سيارة و35 شاحنة.
وندد بدر بن عبد العزيز، رئيس هيئة الرحمة، في بيان نشره أمس، بما سماه “اقتحام قوة أمنية لمخزن الهيئة واختطاف محاسبها وأفراد من عمالها دون إبراز أمر مكتوب من السلطات القضائية ودون إصدار استدعاء لرئيس الهيئة ولا لأحد من مسيريها”.
وأضاف: “أعلن أنا رئيس الهيئة، عن تحملي لكامل المسؤولية عن كل ممتلكات الهيئة وبحوزتي كل الأوراق والإثباتات التي تثبت مشروعية كل ممتلكات ومصادر تمويل الهيئة، وأعلن للجهات المعنية عن استعدادي للمثول أمامهم حال توفر طائرة لجلبي من المملكة الإسبانية”.
وقال: “نندد بهذه الاعتداءات الجبانة على أعضاء الهيئة ومخازنها، والتي هي مجرد ردة فعل جائرة على مرور الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من أمام حزب سياسي تبنى طرحه واستقطب مناصريه، ولو لم يكن الأمر كذلك لكان التفتيش قد طال الهيئة سابقاً، لكن يستحيل أن توهموا الرأي العام أن القضية كانت مجرد صدفة”.
وفي إطار تفاعلات ملف الرئيس السابق، تحدثت مصادر مقربة من الملف أمس عن توجيه السلطات القضائية الموريتانية رسالة إلى البنك المركزي الموريتاني، لتجميد أرصدة بنكية تابعة لمشمولين في التحقيق حول شبهات فساد أثارها التقرير البرلماني، من ضمنهم بعض أفراد عائلة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز”.
وأكدت المصادر أن “القضاء طلب من البنك المركزي الموريتاني تجميد هذه الأرصدة لارتباطها الوثيق بعمليات التحقيق الجارية منذ أكثر من أسبوع، وخاصة ملفات الاستحواذ على صفقات مشبوهة”.
في غضون ذلك، اكتشف المحققون عمليات شراء واسعة وصفت بـ “غير القانونية” لكثير من العقارات والسيارات، أغلبها قام به أشخاص وتنازلوا عنها بطريقة مشبوهة لصالح مقربين من الرئيس السابق، وذلك بعد استجواب موثق كان يعمل مع مقربين من الرئيس السابق.
وتشير المصادر إلى أن التحقيقات كشفت عمليات شراء حديثة لأكثر من 70 سيارة، وما يزال المحققون يبحثون عن الأسباب التي دفعت لشراء هذه السيارات وكيف كان سيتم استخدامها، وقد أخذ التحقيق حول هذه السيارة أبعاداً أمنية، وفق تعبير مصدر قريب من ملف التحقيق.
وحسب بعض المصادر، فإن التحقيقات ستقود حتماً لإلغاء العديد من الصفقات التي أبرمت في آخر عهد الرئيس السابق، وبخاصة الصفقات المتعلقة بقطاع الكهرباء التي منحت لشركات هندية وصينية كان يمثلها مقربون من الرئيس السابق.
وتجري هذه التحقيقات وفق قانون محاربة الفساد الذي اعتمدته موريتانيا عام 2016، والذي يجرم الرشوة وغسيل الأموال واستغلال النفوذ.
هذا ودعت منظمات مجتمعية وأخرى سياسية، في بيان مشترك، الإثنين، “لإقالة كافة المشمولين في التحقيقات فوراً، من كل المستويات الإدارية والتسييرية، وتقديم كل من ورد اسمه أو صفته في ملفات الفساد، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى قضاء شفاف ونزيه، وإقامة محاكمات علنية ونزيهة، يطلع الرأي العام الوطني على تفاصيلها، مع فتح التحقيقات في باقي ملفات الفساد التي لم يشملها تحقيق اللجنة البرلمانية، وعلى رأسها ملفات التسيير والتدبير التي نشرتها محكمة الحسابات مؤخراً، وكافة مؤسسات الجمهورية الأخرى”.
ووقع هذا البيان كل من حراك آفاق موريتانيا السياسي، وحراك محال تغيير الدستور، وحركة الطليعة التقدمية، وحركة رفض، وحركة كفان، وحركة نستطيع وكتلة التغيير الجاد، ومشروع إلى الأمام، موريتانيا.
ودعا البيان “لسن قانون يمنع ولوج العمل الحكومي لكل من ثبتت إدانته بحكم قضائي حائز على قوة الشيء المقضي في قضية متعلقة بالفساد المالي أو الإداري، مع إعطاء دور أكبر لمحكمة الحسابات لتقوم بالأدوار التي أنشئت من أجلها وتحقيق النتائج المنوطة بعملها”.
وتعهدت الهيئات والتيارات والحركات الموقعة على البيان للرأي العام “بتنظيم نقاشات جادة من أجل خلق إطار وطني جامع وموحد ينسق عملها ويوحد جهودها سبيلاً إلى المشاركة الفاعلة في إنقاذ هذا الوطن المنهوب”.
وأوضح البيان أن “موريتانيا صنفت منذ عقود من طرف الهيئات الدولية المهتمة برصد مظاهر الفساد من بين أبرز دول العالم التي ينتشر فيها الفساد، وهو ما تجلى في حجم الأموال المنهوبة من عمليات الفساد بكل أنواعها التي وصلت إلى مبالغ خيالية”.